"ببطء ولكن بثبات"، هذه العبارة تصف مسيرة مؤسسة العلامة التجارية "Les Copines"، نانسي فرحات. اذ أنها لم تتخلَّ يوماً عن طموحاتها المهنية، لكنها أعطت دوماً الأفضلية والأولوية لعائلتها وأولادها، فقررت التمّهل من أجل تخصيص الوقت الكافي لدورها الأمومي، وأثبتت أنها قادرة على تحقيق النجاح المهني والاستقرار العائلي. وحصلت بذلك على أفضل ما في العالمين؛ بحيث أنها حققت ذاتها كامرأة عاملة وناجحة، كما حافظت على مكانتها العائلية ولم تقصّر تجاه أي جانب من جوانب حياتها.

كان لـ"الاقتصاد" حديث خاص مع فرحات تناول بداياتها المهنية، وأسباب انتقالها من علم النفس الى الموضة والأزياء، بالاضافة الى نظرتها لواقع المرأة والرجل في لبنان اليوم.

- من هي نانسي فرحات؟ أخبرينا عن دراستك الجامعية وموقعك المهني الحالي؟

تخصصت في علم النفس، وعملت في أبحاث السوق لسنوات عدة. لكنني لطالما أحببت الأزياء والموضة، وكنت فضولية على الدوام، لمعرفة المزيد عن هذا المجال. لذلك كنت أتابع أخبار المصممين اللبنانيين، وخاصة الناشئين منهم، كما اعتدت على رسم الفساتين الرائعة، وشراء الأقمشة الفريدة، وتنفيذ القطع قبل أي مناسبة.

- أين كانت البداية ومتى؟ ولماذا قررت العمل في هذا المجال؟

بعد أن مارست لسنوات عدة، أعمالا لا تستهويني، قررت أخيرا أن الوقت قد حان لتغيير هذا الواقع، والانطلاق في مسيرة مهنية لطالما حلمت بها، في مجال صناعة الأزياء.

ولأنني لم أرغب في العودة إلى الجامعة للتخصص لمدة أربع سنوات في الأزياء، تابعت أربع دورات قصيرة في "London College of Fashion"، لكي أتعرف على مبادئ وأساسيات المجال، قبل الانخراط في هذا العالم. ولأنني كنت أعلم أن شبكة الانترنت تشكل المفتاح الأهم لنجاح أي عمل في عصرنا هذا، تابعت دورة تعليمية حول وسائل التواصل الاجتماعي، ساعدتني كثيرا في اطلاق وتثبيت صورة ومكانة "Les Copines" في السوق.

ولا بد من الاشارة الى أن تصاميم "Les Copines" تباع اليوم في متجر "Label Hub" في فردان، و"LARISHKA" في وسط بيروت، وعبر موقع "www.mysouk.com".

- كيف أسست "Les Copines"؟ ومن أين حصلت على التمويل اللازم للبدء؟

لطالما كان اسم "Les Copines" في بالي، لذلك استعنت بشخص للعمل على تصميم الشعار، الذي أردته أن يكون بسيطا وحادّا (edgy) في الوقت ذاته، مثل تصاميمي تماما، وأسّست العلامة التجارية في العام 2015.

أما بالنسبة الى التمويل، فلقد حصلت على قرض من البنك، وبدأت بشراء الأقمشة، والغوص أكثر فأكثر في هذا العالم من الجمال.

- من هم زبائنك اليوم؟ وكيف تواجهين المنافسة؟

تتراوح أعمار الزبائن بين 25 و50 سنة، فالمرأة اليوم تحب اللباس غير التقليدي (funky) والحديث، بغض النظر عن عمرها؛ فلقد تغير الزمن كثيرا لحسن الحظ!

وفي ما يتعلق بالمنافسة، أنا أحب أن أبقي عيني دائما على المصممين اللبنانيين الآخرين، وأتطلع حقا إلى عدد منهم، لأن البعض يمتلك المؤهلات للمنافسة على الصعيد العالمي. ومن الجيد مراقبة المنافسين في أي صناعة، فهذا الأمر يساعدني على الحفاظ على هوية علامتي التجارية، من خلال اختلافها الدائم، وتصاميمها الفريدة من نوعها.

- هل تمكنت من ايصال تصاميم "Les Copines" الى خارج لبنان؟

تصاميم "Les Copines" تباع في جميع أنحاء العالم عبر البوابة الإلكترونية "www.Lebelik.com"، التي توزع في البلدان كافة. وقريبا سوف نبدأ بالبيع عبر الانترنت من خلال موقعنا الالكتروني الخاص "www.lescopinescreations.com".

- أين ترين علامتك التجارية بعد 5 سنوات؟

أنا مؤمنة بأن "Les Copines" سوف تنمو خلال 5 سنوات، لتصبح مؤلفة من فريق عمل صغير، يتمتع بحماس كبير وعزيمة واسعة، للعمل على إنجاح وتقدّم العلامة التجارية أكثر فأكثر.

لا يجب أن ننسى أن "Les Copines" لا تزال طفلة، أي أنها لم تبلغ الى حد اليوم سنة واحدة من العمر! وربما لو كان الوضع في لبنان أفضل، لافتتحت متجري الخاص في مكان ما في بيروت.

- ما هي الصعوبات المهنية التي تواجهك خلال مسيرتك؟

الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان لا يساعد على الإطلاق، وفي بعض الأحيان، مجرد مشاهدة الأخبار، تبعد الحماس والتحفيز والاندفاع. ولكن يجب على المرء أن يستمر بالعطاء، ويبقى ايجابيا وخلاقا، ويحافظ على مسيرة الابتكار والإبداع.

- ما الذي ساعدك برأيك على الوصول؟ وما هي الصفات التي تتمتعين بها وساهمت في تقدمك؟

أعتقد أن ما ساعدني على إيصال "Les Copines" إلى ما هي عليه اليوم، هو إيماني بأن الملابس ليست مجرد قطعة لطيفة وجذابة، بل هي بمثابة عنصر يدل على شخصية الانسان الذي يرتديها.

لهذا السبب أحب أن تصور تصاميمي المرأة القوية والأنثوية، المرأة التي تتمتع بنظرة غير تقليدية وكلاسيكية، المرأة الحالمة والمتواضعة في الوقت ذاته!

- ما هي مشاريعك المقبلة؟ ما الذي تطمحين الى تحقيقه في المستقبل؟

علامتي التجارية لا تزال جديدة، لذلك لدي اليوم عددا كبيرا من الأحلام! وأتمنى أن تنمو لتصبح موجودة في أكبر عدد ممكن من البلدان، ويتعرف عليها أكبر عدد ممكن من الأشخاص.

- كيف حققت التوازن بين عملك وعائلتك؟

عائلتي وأولادي يأتون دوما في الطليعة، وأولويتي في الحياة مكرّسة لهم. وهذا الأمر قد يعيق أحيانا من تقدّمي السريع، لكنني أود حتما أن يبقى الوضع على ما هو عليه! فأنا أفضّل أن أقوم بخطوات صغيرة، وفي الوقت ذاته الاستمتاع بكل لحظة مع أولادي، لكي أستمدّ منهم السعادة والقوة.

- ما هي برأيك المعوقات التي تقف في طريق تقدم المرأة اللبنانية؟

أعتقد أن العقبة رقم واحد التي تواجهها المرأة اللبنانية، هي حقيقة أننا نعيش في مجتمع ذكوري شرقي، وهذا الواقع قد يبطئ تقدمها الشخصي، ويؤدي في بعض الأحيان، الى تراجع حياتها المهنية.

وهنا لا بد من القول أنه من غير المقبول أن لا تتمكن المرأة اللبنانية من إعطاء جواز سفرها اللبناني لأولادها؛ فهذا الواقع رجعي الى حدّ كبير!

- كيف تقيمين دور الرجل في لبنان بشكل عام وفي مسيرتك المهنية بشكل خاص؟

الرجل اللبناني هو بشكل عام ذكوري، ويحب التصرف بفوقية! انما أعتبر نفسي محظوظة لأنني محاطة دوما بالأشخاص الذين يشجعونني على النمو والتقدم، ويقدّرون كل نجاح أحققه في حياتي.

- ما رأيك بالتقدم الذي حققته المرأة في لبنان على صعيد الحقوق؟

أنا سعيدة جدا لرؤية المنظمات غير الحكومية المنتشرة في لبنان لحماية حقوق المرأة، والتي تحقق نتائج مذهلة. ولكن للأسف، لا يزال الطريق أمامنا طويل! وستبقى المرأة الضحية الأولى للتسلّط، والبلطجة، والاستقواء، والتحرش، وخاصة في العالم الثالث.

- نصيحة الى المرأة.

للأسف ليس لدي ابنة، ولكن نصيحتي لكل فتاة وكل امرأة، أن تتابع مسيرتها حتى النهاية، وأن تعمل لتصبح مستقلة ماديا، وحينها ستتمكن من تحقيق أحلامها كافة. كما ستسقط طموحات المرأة في مكانها المناسب، عندما تصبح قوية ومستقلة!