بعد الأمل الكبير والصدمة الإيجابية التي سببها إنتخاب الرئيس ميشال عون، وإنعكاس هذه الصدمة على ثقة المستهلك والمستثمر وعلى الجو العام في البلاد، عادت العرقلة في تشكيل الحكومة لتنشر نوعا من الجو السلبي والحذر بين اوساط المستثمرين والمستهلكين.

وأشار تقرير"بلوم انفست" الأسبوعي إلى ان المستثمرين بدأوا يفقدون الأمل في تحسن الاوضاع السياسية بسبب التأخر في تشكيل الحكومة، محذرا من ان الاستمرار في هذا الامر وكذلك انعدام التوافق حول قانون الانتخابات من شأنهما أن يؤديا إلى المزيد من الخسائر على بورصة بيروت.

وذكر التقرير ان بورصة بيروت شهدت تراجعا هذا الأسبوع، حيث سجل مؤشر لبنان والمهجر للأسهم (BSI)  انخفاضا أسبوعيا بنسبة 1.09% ليقفل عند 1223.20 نقطة. وظهر ذلك بتراجع الرسملة السوقية أيضا من 10.40 مليارات دولار الى 10.29 مليارات دولار هذا الأسبوع.

فهل ننتقل من الفراغ الرئاسي إلى فراغ حكومي طويل ؟ وما هو تأثير عرقلة تشكيل الحكومة على الإقتصاد الوطني ؟ كيف ستكون الحركة في موسم الأعياد ؟ وماذا عن عودة إرتفاع أسعار النفط عالميا ؟ وإنعكاساته على المالية العامة للدولة؟ ... أسئلة كثيرة اجاب عليها رئيس " Cedar Institute" للشؤون الإقتصادية والإجتماعية الخبير الإقتصادي د. غسان حاصباني في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

- بداية ما هو تأثير عرقلة تشكيل الحكومة على الإقتصاد الوطني ؟ هل سندخل في فراغ حكومي طويل؟ وهل بدأ المستثمر فعلا بفقدان الامل ؟

لا شك أن العوامل التي تؤثر على الإستثمار بشكل عام في أي بلد هي الإستقرار السياسي والأمني .. وفي لبنان الإستقرار الامني مستمر منذ فترة طويلة وهذا امر جيد جدا، ولكن الإستقرار السياسي مرّ بالكثير من العقبات كان اولها أزمة الرئاسة ... ولكن إنتخاب الرئيس ميشال عون خلق اول صدمة إيجابية، وكانت التوقعات تشير إلى تشكيل حكومة سريعا ثم البدء بالبحث بقانون إنتخابي جديد لإجراء الإنتخابات النيابية بموعدها، إلا ان هذا الهدف تواجهه اليوم بعض المشاكل الإضافية.

وبرأيي إن تم تشكيل حكومة سريعا سيخلق صدمة إيجابية ثانية .. وتزامن هاتين الصدمتين (إنتخاب رئيس وتشكيل حكومة) مع قدوم موسم الأعياد، سيكون عاملا إيجابيا جدا لانه سيعزز ثقة المستهلك المحلي وسيؤدي لقدوم اعداد كبير من المغتربين اللبنانيين ومن العرب والخليجيين أيضا.

اما بالنسبة للمستثمرين، فإن المستثمر عادة يسير مع الجو العام .. فإذا كان الجو العام إيجابي وينبىء بتطورات  نحو الأفضل – حتى وإن كانت بطيئة – سترتفع الشهية على الإستثمار .. أضف إى ذلك ان التصنيف الإئتماني للبنان قد يبدأ بالتحسن تدريجيا، وهذا يدخل طبعا في حسابات المستثمرين وسيعتبرون بأن السوق اللبناني فيه بعض الفرص الجيدة.

وفيما يتعلّق بالعرقيل التي تواجه تشكيل الحكومة الجديدة، فلا أعتقد انها ستؤدي إلى فراغ حكومي طويل .. وليس من مصلحة أي طرف سياسي لبناني عرقلة تشكيل هذه الحكومة او اي إستحقاق سياسي أخر، لأن الإستقرار السياسي والإقتصادي يفيد كل الأطراف ويصب في مصلحة الجميع.

*سنشهد على موسم أعياد مميز لم نره منذ فترة .. ونسب النمو لن تتخطى الـ1.5%

- ما هي توقعاتك لموسم الأعياد ؟ وكيف ستكون حركة الأسواق خلال العيد؟

كل الأمور حتى الأن تشير إلى اننا سنشهد موسم اعياد جيد جدا، فالحجوزات في الفنادق إرتفعت بنسب كبيرة، ويبدو أيضا ان ثقة المستهلك عادت للإرتفاع وهذا ما سيزيد الإستهلاك المحلي .. أضف إلى ذلك ان هناك توجه خليجي للعودة إلى لبنان، مما سيحرك سياحة الشتاء بشكل عام وموسم التزلج أيضا ... كل هذه الأمور تؤكد على موسم أعياد مميز لم نشهده منذ فترة.

ولا شك ان تشكيل الحكومة قبل عيد الميلاد ورأس السنة سيدعم بشكل أكبر موسم الأعياد، وسيعزز الثقة بشكل كبير.

- ما مدى أهمية العمل برأيك على تحسين العلاقات مع دول الخليج لإعادة تنشيط القطاع السياحي ورفع الحظر عن قدوم الخليجيين إلى لبنان؟

التركيز الأن متجه نحو تشكيل الحكومة الجديدة، ولا شك ان تحسين العلاقات مع دول الخليج والعمل على رفع الحظر عن السياح الخليجين سيكون من اولويات هذه الحكومة.

- بعد إتفاق "أوبك" على تخفيض الإنتاج عادت أسعار النفط للإرتفاع .. كيف سيؤثر ذلك على وضع المالية العامة للدولة ؟

لا شك أن إتفاق "أوبك" سيؤدي إلى إرتفاع سعر النفط، ولكن هذا الإرتفاع سيكون بطيء وتدريجي، ولن يكون سريعا كعملية الهبوط التي حصلت في السنوات الأخيرة .. وهذا الأمر لديه بعض الإيجابيات وبعض السلبيات.

بالنسبة للإيجابيات فإن إرتفاع أسعار النفط سيزيد من السيولة في المنطقة، وبالتالي سيرفع نسب تدفق الأموال من المغتربين اللبنانيين، وكذلك من المستثمرين الأجانب في لبنان.

وسيعزز إرتفاع الأسعار أيضا النمو الإقتصادي والحركة الإقتصادية في الدول العربية المجاورة، خاصة تلك التي كانت في حالة ركود خلال السنتين الماضيتين .. وستساعد على تنفيذ الخطط الإقتصادية البعيدة الامد التي وضعتها دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية "ورؤية المملكة 2030".

اما بالنسبة للسلبيات في لبنان، فإن الفاتورة النفطية ستعاود الإرتفاع وبالتالي سترفع العجز مجددا في شركة كهرباء لبنان وفي الخزينة العامة... والحل يتمثل إصلاح جذري لهذا القطاع وتطبيق قانون تنظيم قطاع الكهرباء الذي يعزز الإستثمار فيه، ويخفف الكلفة على الدولة ويعيد الكهرباء تدريجيا للتغطية الشاملة.

- ما هي توقعاتك لنسب النمو بنهاية عام 2016؟

لا شك ان نسب نمو هذا العام لن تكون مرتفعة، لاننا كنّا في حالة ركود إقتصادي طويل، وبالتالي فإن نسب النمو لن تتخطى الـ1.5% في أحسن الاحوال.

ولكن نأمل ان ترتفع نسب النمو بشكل أكبر في السنة المقبلة .. خاصة إذا أنجزت الإستحقاقات السياسة بموعدها، وبدأت الحكومة بالعمل الفعلي والمتجانس بين الوزارات، والإلتفات إلى مالية الدولة والموازنة ليس فقط من منظار تعزيز المالية العامة، بل من منظار تحفيز النمو الإقتصادي ووضع خطة إستراتيجية متكاملة مالية وإقتصادية ونقدية.