لطالما اشتهر لبنان بتصنيعه أفضل أنواع المشروبات الروحية، إلا أن شخصيتنا اليوم تختلف تماماً عن أي قصة لصناعي عادي...

فهو رجل لبنان قام بابتكار عشرة أصناف من البيرة وحده وفي منزله..

عرّف السوق اللبناني على مبدأ جديد في عالم الحانات والمطاعم،وفكرة مشروعه تستند إلى مصنع مصغّر داخل الحانة، بحيث يشهد الزبون عملية التصنيع مباشرة ويحصل على شرابه الطازج..

لم يكتف بهذا القدر فبنى مشروعه كله على نظام صديق للبيئة وأعطى فرص عدّة للفرق الموسيقية والمواهب المحلية بتقديم فنها على خشبة مشروعه.

مما لا يثير استغراب الكثير تشرحه لجائزة "Lebanese Brilliant Award" التي ينظمها بنك "BLC" سنوياً

المؤسس لمشروع "Colonel" في البترون..  جميل حداد.

كان لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع حداد  شاركنا فيه أبرز محطات حياته المهنية من لحظة عزمه على ترك الوظيفة الثابتة وعودته إلى مدينته البترون ليؤسس مشروع أحلامه حتى هذه اللحظة..

- من أين انطلقت مسيرتك المهنية وصولا إلى تأسيس "Colonel"؟

تخصصت في مجال التسويق في جامعة "AUT"، ومن بعدها عملت لمدة ثمانية أعوام  في قسم التسويق في شركة "أديداس".

أما مسيرتي في مجال المشروبات الروحية فبدأت منذ أيام المدرسة، عندما ابتكرت أول مشروب كحولي "liquor" في البيت.

إستمريت في بيع مشروباتي الخاصة لمدة أربع سنوات، وكان الأمر بالنسبة لي هواية، فلم يكن هدفي الأساس بيع المشروبات فقط، بل شغفي الإكتشاف والإبتكار دفعانّي نحو هذه الصناعة التي حوّلتها إلى منزلية بمكونات متواضعة.

من بعدها اتجهت إلى ما أُحبّه أكثر، وهو "عالم البيرة" وأُلقبه بالعالم نظراً لتنوعه وتشّعب تفاصيله.

أحضرت أول آلة لتصنيع البيرة في المنزل من لندن، وبدأت بعملية التصنيع التي تزامنت مع تركيب الطبخات والوصفات، ما دفعني أيضا للسفر بغية الإستكشاف والإستفادة من الخبرات الخارجية، فقمت بالعديد من التدريبات والجولات على مصانع البيرة حول العالم.

حتى العام 2013 قررت أن أترك وظيفتي الثابتة، وأن أعود إلى مدينتي البترون لكي أنفذ مشروعي الخاص "Colonel".

- كيف تمكنت من تسويق منتجاتك الخاصة في سن صغير؟

بدأت بالتسويق للأهل والمقربين،ولكن إذا كان المنتج لذيذاً وسعره مقبولاًفي لبنان، فإنَّ الناس تتكفل بالآليات التسويقية لأنها تنصح بعضها البعض ما يسمى بالـ"word of mouth". 

- برأيك لو درست هذا الإختصاص في معهد ما هل كنت ستحصل على النتيجة نفسها التعليم والإكتشاف الذاتي؟

في الواقع هذا المجال على المستوى الأكاديمي لا يزال حديثاً نجده في جامعات أميركا، إنكلترا وألمانيا.

- كيف تصف "Colonel" الذي يعتبر مشروعاً جديداً على السوق اللبنانية؟

"Colonel" هو أول مصنع بيرة مصغّر داخل حانة "Bar" في لبنان ، والهدف من هذا المبدأ هو شرب البيرة طازجة. نقدم عشرة أصناف من البيرة قمْتُ بإبتكارها، ونبيع منتجاتنا لبعض المطاعم والحانات.

بالنسبة للمشروبات الروحية بشكل عام فكلما مرّ عليها الزمن زادت جودتها، على عكس البيرة التي يجب أن تُشرب طازجة، فهي الشراب الكحولي الوحيد الذي يحمل تاريخ انتهاء صلاحية.

ولكن هذا المبدأ ليس  جديداً على العالم، ففي الثورة الصناعية التي حصلت في المملكة المتحدة  بدأ تصنيع البيرة عبر الآلآت، ولكي يتمكنوا من شرب البيرة طازجة فكروا في إبتكار معمل بيرة مُصغّر داخل الحانة "Bar" وبهذه الطريقة يتم تقديم البيرة مباشرة للزبون وهو يشاهد عملية التصنيع.

بدأ هذا المبدأ في بريطانيا، ومن بعدها انتقل إلى أميركا، ومن ثم عاد لينتشر في أوروبا، ونحن كنا أول من أدخلنا هذا المبدأ إلى لبنان عبر "Colonel". بالطبع المشروع لم يكتمل بعد، فلدي العديد من الأفكار التي أنوي تنفيذها في المستقبل.

- ماذا يمييز مشروع "Colonel" ؟

بالإضافة إلى أنه المكان الوحيد الذي يصنّع البيرة مباشرة داخل الحانة يتمتع "Colonel" بنظامه الـ "eco-friendly"، فكل الخشب الموجود في المشروع هو عبارة عن طبالي خشبية قديمة أعدنا استخدامها، أما بخصوص الجدران السوداء فهي مكوَّنة من أكياس نفايات مُعاد تدويرها.

كذلك نلاحظ الحائط الزجاجي الذي يفصل بين المصنع والحانة هدفه تمكين الزبون من مشاهدة عملية التصنيع بوضوح.

أما عن جدران المبنى فهي مغطاة بالنباتات الخضراء لكي تخفّض درجة الحرارة، بالإضافة إلى الحديقة الخارجية بحيث يتمكن الزبون من اصطحاب عائلته وأصدقائه وحيواناته الأليفة لكي يستمتعوا بالأجواء الموسيقية والمريحة للأعصاب.

كما أننا ندعم الفرق الموسيقية والمواهب المحلية ونعطيها الفرص في تقديم مواهبها أمام الزبائن كل نهار جمعة.

كذلك نقوم بأنشطة كثيرة سواء كانت رياضية، فنية، او مختصة بالمأكولات.

-  كيف تقيَّم عامل الخبرة في مسيرتك المهنية من حيث مساعدتك للوصول إلى حلمك؟

أنا أعتبر أنني حتى هذا اليوم ما أزال أتعلم في "عالم البيرة"، فكل يوم أكتشف أمراً جديداً، ولم أشعر قط أني أعرف ما فيه الكفاية، ربما لأنني دائما متعطّش لتحصيل أكبر كمية ممكنة من المعلومات عن المجال الذي أحبه.

- برأيك ما هي المقومات التي تدعم الإنسان في مسيرته المهنية؟

الإخلاص لمهنته وتكريس الوقت والجهد الكافيين لها، بالإضافة إلى الشغف والإيمان بالقدرات الشخصية وأهمية المشروع.

- ما هي أبرز العراقيل التي واجهتها ضمن "Colonel"؟

من الصعب في لبنان أن يحظى صاحب المشروع بأشخاص يعملون بأسلوب مهني رفيع المستوى، لأن العمال في لبنان وللأسف اعتادوا على اللامبالاة.

لا شك أن لدينا قدرات لبنانية مميزة، إلا أن هذا الأمر هو تفصيل وحيد لا غيره واجهته خلال تأسيسي لـ"Colonel". 

- هل تلقيت دعماً مادياً من الأهل أو الأقارب؟

حصلت على قرض من "كفالات" حيثأعتبره أكبر داعم لمشروع "Colonel"، وأنا أنصح الشباب من خلال تجربتي الخاصة في أن لا يترددوا في تحقيق أحلامهم ومشاريعهم طالما أنّ مؤسسة كـ"كفالات" تدعم هذه الروح اللبنانية الطموحة.

- ما هي الرسالة التي تود إيصالها إلى شاب يمتلك فكرة مشروع اليوم؟

أنصح كل شاب شغوف في مجال معيّن ألاّ ينظرإلى حلمه من بعيد، بل أن يُطبّقه بيديه!

لأن ليس هناك أمر مستحيل، وإن لم يملك هذا الشاب دولاراً واحداً، فبرأيي هو قادر على أن يبدأ على الأقل في التخطيط.

لن يكفي حُبك لأمر ما، بل عليك أن تتخذ القرار المناسب وتنفذ ما تحب!