رندا فرح نموذج للمرأة اللبنانية المتطورة، والمثابرة، والناجحة. استطاعت تحويل الأفكار والأحلام إلى واقع حي ومعاش على الأرض، وذلك بقدرتها على التحدي، وبإصرارها على تحقيق أكبر الانجازات المهنية.

أشرفت على مشروعها، وسهرت واجتهدت، مع زملائها الأربعة، حتى تمكنوا من اطلاق ونشر موقع "www.lebtivity.com" الأول من نوعه في لبنان، خلال فترة زمنية قصيرة.

كان لـ"الاقتصاد" حديث خاص مع فرح، تمحور حول المراحل التي مرّت بها حتى وصلت الى ما هي عليه اليوم، بالاضافة الى رؤيتها لواقع المرأة في لبنان اليوم من ناحية الحقوق ودورها في سوق العمل.

- أخبرينا عن خلفيتك المهنية، وكيف قررت تأسيس موقع "Lebtivity"؟

أنا أتمتع بخبرة 10 سنوات في مجال الموارد البشرية (HR)، وأعمل حاليا في "Beirut Digital District"، كما أعطي المحاضرات في الجامعة، بالاضافة الى عملي في "Lebtivity".

أما بالنسبة الى الانطلاقة، فعملت مع 4 أشخاص على اطلاق "Lebtivity" – هم تيدي زيني، جوي زيني، رنا أبو رجيلي، وشربل جاموس - وجاءت الفكرة عندما كنت أبحث عن منصة تقدم جميع النشاطات المتعلقة بالتنزه والسير لمسافات طويلة في الطبيعة (hiking)، لكنني لم أجد أي مصدر يضم الأحداث الحاصلة خلال أيام الآحاد، في حين أن المعلومات على "فيسبوك" كانت غير منظمة.

لذلك تواصلت مع اثنين من أصدقائي، وعرضت عليهم فكرة اطلاق صفحة، تصدر كل نهار أحد، وتتضمن المشاريع والأحداث الرياضية والنشاطات الخارجية كافة؛ وأعجبوا بالمشروع على الفور.

لذلك بدأنا بالعمل على هذه الخطة، وتعاونا مع شخصين للقيام بالجزء التقني، وبهذه الطريقة أسسنا موقع "Lebtivity"، الذي بات اليوم يقدم جميع النشاطات (events) الحاصلة في لبنان.

- من أين حصلتم على التمويل اللازم للبدء؟

وضعنا نحن الخمسة مبلغا من المال، لكن هذا المشروع بحاجة الى المهارات أيضا، لذلك تعاونا مع بعضنا البعض لأن كل شخص منا، يبرع في مجال ما (مثلا الأمور الفنية والتقنية، التصميم،...). وبالتالي هذه هي العوامل التي قمنا باستثمارها.

- هل من منافس لـ"Lebtivity" اليوم؟ وهل تساعدكم مواقع التواصل الاجتماعي على نشر موقعكم بشكل أكبر؟

هناك العديد من المواقع المتخصصة بنوع معيّن من النشاطات، لكن "Lebtivity" يتيح للمستخدم أن يتعرف على كل النشاطات التي تحصل في لبنان، بمختلف أنواعها. كما أن الطريقة التي يقدم فيها المعلومات، مميزة وفريدة من نوعها.

أما بالنسبة الى مواقع التواصل، فلا بد من القول أن موقع "Lebtivity" هو بمثابة رزنامة اجتماعية (social calendar)، وبالتالي فإنه يشكل جزءا من شبكات التواصل الاجتماعي. لذلك بامكان المستخدم تحميل الحدث بنفسه عبر الموقع.

- ما هي أبرز الصعوبات التي تواجهك خلال العمل؟

أولا، نحن نراقب الأحداث والمشاركات التي يتم تحميلها، للتأكد من صحة النشاطات قبل عرضها على الجمهور.

ثانيا، نواجه بعض الصعوبات في التمويل، وفي تنظيم أوقاتنا، لأن كل شخص من فريق العمل، لديه مهنة أخرى، مما يخلق نوعا من الضغط.

وثالثا، نجد اليوم عددا كبيرا من الأشخاص الذين يشتكون من بعض المشاكل مع التكنولوجيا، لكن رغم الصعوبات التي يعانون منها بالاجمال، لا يواجهون أية عوائق في استخدام موقع "Lebtivity"، ويجدون سهولة كبيرة في هذا الأمر.

- ما هي الصفات الشخصية التي ساعدتك على التقدم في مسيرتك المهنية؟

أولا، الشغف هو العامل الأهم، فأنا امرأة شغوفة ومؤمنة بأفكاري.

ثانيا، الإبداع، اذ أنني أفكر دوما "خارج الصندوق"، وأسعى الى تقديم الأمور الخلاقة.

ثالثا، المثابرة والصدق، فأنا شخص أصيل وحقيقي وصريح، وعندما أعد الزبون، أعطيه أكثر من وعدي وليس أقل.

ورابعا، أنا أهتم شخصيا بكل نشاط، وأوليه كل الاهتمام اللازم.

خامسا، أنا ببساطة أعمل من كل قلبي!

- ما هي طموحاتك المستقبلية على الصعيد المهني؟

طموحاتي كثيرة، ومنها التوسع في "Lebtivity"، ونشر كتاب.

- كيف حققت التوازن بين العمل والحياة الخاصة؟

مسيرتي المهنية تسرقني أحيانا من حياتي الخاصة، والفترة التي أقضيها في العمل تأخذ الكثير من وقتي، لكنني أحاول دوما الحفاظ على هويتي الاجتماعية من خلال تنظيم الوقت والمواعيد. ما يعني أنني أمارس الرياضة، وأكرّس الوقت الكافي لعائلتي، ولأبناء إخوتي، ولأصدقائي.

وبالتالي لقد خصّصت بعض الوقت لحياتي الاجتماعية، لكن عملي يبقى دوما في عقلي وتفكيري أينما ذهبت. وهذا الأمر جميل ومتعب في الوقت ذاته، اذ أنه يجب على الانسان أن يضع الأولويات في مسيرته، في مختلف المراحل التي يمر بها، وأن يجد التوازن بين مساحات حياته كافة.

- كيف تقيمين وضع المرأة اللبنانية اليوم؟ هل تحسنت أوضاعها؟ وهل تقدمت على صعيد الحقوق؟

المرأة اللبنانية تتطور الى حد كبير، ولدينا اليوم عددا واسعا من النساء الناجحات والمبادرات. فهي لا تواجه مشكلة كبيرة في الموضوع المهني، كما لا ينقصها أي شيء لكي تؤسس عملها الخاص وتبرع فيه، بل عليها فقط أن تؤمن بنفسها وبقدراتها.

لذلك لا بد من القول أن أوضاع المرأة تحسنت حتما، لكننا لا زلنا نواجه بعض الخلل في القوانين، مثل عدم قدرة المرأة على اعطاء جنسيتها لأولادها؛ وهذا الأمر معيب وغير مقبول!

- كيف تقيمين دور الرجل في حياتك؟ وهل كان والدك داعما لمشاريعك وأفكارك؟

لقد خسرت والدي في عمر 17 سنة، لذلك عمدت الى اطلاق "Lebtivity" في تاريخ 22 أيار، أي اليوم الذي يصادف عيد ميلاده، لكي يكون مشروعي بمثابة تحية الى روحه.

فوالدي علّمني أن أحب لبنان، وأن أكون صادقة مع الجميع، ودفعني الى العطاء من كل قلبي، وأعطاني القيم التي أعمل يوميا وفقا لها.

- ما هي الرسالة التي تحبّين توجيهها الى المرأة؟

أوصي المرأة أن تؤمن بنفسها وبإمكانياتها، وتحتفظ بجانبها الأنثوي. فاذا تبوّأت أعلى المناصب، وحققت أهم النجاحات والانجازات، لا يجب أن تنسى أنوثتها وإنسانيتها.

وفي الوقت ذاته، عليها أن تكون قوية، دون أن تصبح عدائية، لأنني للأسف أرى اليوم العديد من النساء اللواتي يتحدثن بالصراخ، ويتعاملن بهجومية مع الناس، وينسين التواضع.

لذلك أنصح المرأة اللبنانية أن تبقى متواضعة، وتعرف قيمة نفسها، ولا تتجه الى التطرّف بطريقة بشعة ومبالغ فيها!