من اكثر الملفات المعيشية التي تحرك الشارع العمالي ملف تصحيح الاجور ورفع الحد الادنى . ولكن بين مؤيد لطرحه ورافض لمناقشته تطرح رزمة اسئلة :

هل ان طرحه اليوم مؤات؟ هل ان معدل غلاء المعيشة ارتفع بشكل دراما تيكي؟

هل ان إقرار اي  زيادة سيساعد في رفع مستوى الانتاجية؟ هل ان اي زيادة ستعطى للعمال ستحرّك عجلة النمو الاقتصادي؟  هل ان المضي في زيادة الاجور سينتهي بصرف عمال؟

الن يشجع هذا على  توظيف المزيد من العمال السوريين الذين حطوا في كل القطاعات؟

وهل بالامكان زيادة الاجور في القطاع الخاص دون التطرق الى موضوع إقرار سلسلة الرتب والرواتب؟ الن يفتح هذا الباب النافذة على هذه  القضية الموروثة من العهد السابق؟

وهناك اسئلة اخرى كثيرة؟

هذه الاسفهامات  قد تصعب الاجابة عنها لتعدد الآراء والنظريات الاقتصادية المحيطة بها.

واللافت انه خلال الاسبوع الفائت زار وفد يمثل اللجنة الاقتصادية في حزب التيارالوطني  الحر يتقدمه الوزيران السابقان فادي عبود ونقولا صحناوي الاتحاد العمالي العام حيث جرى البحث في الاوضاع الاقتصادية وما آلت اليه من انعكاسات سلبية على الوضع الاجتماعي نتيجة التعقيدات السياسية التي مرت بها البلاد قبل انتخاب رئيس للجمهورية العماد ميشال عون وتكليف رئيس الحكومة  الشيخ سعد الحريري . وتم التركيز على الاولوياتالتي ينبغي ان تكون موضع الاهتمام الرئيسي بدءا من ملف التقديمات الاجتماعية من نواحيها كافة لاسيما موضوع تطوير صندوق الضمان الاجتماعي وإقرار قانون ضمان الشيخوخةفضلا عن وجوب تصحيح الاجور بعد ارتفاع معدلات غلاء المعيشة منذ العام 2012، موعد آخر تصحيح للاجور.

هذا التحرك من قبل التيار الوطني الحر الذي يحمل اشارات اهتمام العهد الحالي بالقضايا الحياتية والمعيشية يبعث الاطمئنان الى ان النوايا في تحسين الظروف المعيشية هي جدية في هذه المرحلة وان وقت العمل قد حان فعلياً.

صحناوي

وفي هذا السياق،  اوضح الوزير السابق نقولا صحناوي " للاقتصاد" ان هذا التحرك هو من  سلسلة اللقاءات التي تقوم بها  الكتلة النيابية في التيار الوطني الحر مع كل اطراف الانتاج من هيئات اقتصادية وارباب عمل وممثلين عن العمال حيث يتم الاطلاع على ما تملك كل جهة من معطيات وافكار واقتراحات تصب في خانة الوضع الاقتصادي  والاجتماعي وتساعد في بناء رؤية اقتصادية  واضحة .

وقال صحناوي نحن اليوم ما زلنا في مرحلة تجميع المعطيات ولم نصل بعد الى تحديد الاولويات في الملف الاقتصادي والمعيشي علما  انه تم الاتفاق  على تشكيل لجان مشتركة ، كل واحدة منها  تهتم بملف اقتصادي وتتابعه. كما انه بالامكان الاستعانة برأي بعض الخبراء الاقتصاديين .

طرح رفع الحد الادنى للاجر

من المعلوم ان وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال سجعان قزي قد طرح في آب الماضي امكانية تصحيح ​الحد الأدنى للأجور​ ليصل الى مليون و200 الف ليرة.وبرأيه ان  العمال والموظفين، وخصوصاً ذوي المداخيل المحدودة، غير قادرين على جبه أعباء الحياة الشخصية والعائلية والصحية والتربوية.

واشار الى  أننا نعيش في لبنان بين البطالة والهجرة. ومصدر البطالة في لبنان هو غياب فرص عمل بسبب الأزمة الاقتصادية من جهة، وبسبب مزاحمة اللاجئين والمهاجرين السوريين للبنانيين في كل القطاعات من جهة أخرى. ولكن تبيّن له أخيراً ومن خلال حركة طلبات إجازات عمل للأجانب بأنه أضيف إلى اسباب الهجرة سبب جديد هو عدم اكتفاء اللبناني بالأجور اللبنانية المتدنية. وأكثر يعتبر قزي أنه "عبثاً نحاول ضرب الفساد في إدارات الدولة وغيرها ما لم نحسّن الوضع المعيشي للناس". إذ برأيه "لا نستطيع أن نقول للجائع لماذا سرقت رغيفاً وللمريض لماذا سرقت دواء وللمرتجف لماذا سرقت رداء". وحتى لا يفهم من كلامه انه يبرّر الفساد أو يبرئ الفاسد، يوضح: "أشير إلى الواقع وأرشد إلى المدخل الحقيقي لمعالجته وهو: اعطِ الإنسانَ حاجته تهبط تلقائياً نسبة الفساد والرشوة".

وفي إطار التحسينات المباشرة للأجر في لبنان، يقترح قزي زيادة ساعات العمل في القطاع العام التي تبلغ 32 ساعة فقط، واحترام المؤشر الدوري لكي تأتي الزيادات منتظمة وقليلة، عوض انتظار سنوات فيُطالب العمال والموظفون بزيادات تبلغ ضعف الأجر أحياناً. وفي مقابل ذلك لا بدّ من تخفيف الضرائب المباشرة على رجال الأعمال وخصوصاً الصناعيين وتوفير الحماية الوطنية.

الاتحاد العمالي

من جهته، رئيس الاتحاد العمالي العام غسان  كان برّر اقتراحه زيادة الحد الادنى للاجور الى مليون ونصف ليرة بضرورات تحفيز القطاعات وتنشيط الاقتصاد، مشدداً على ضرورة ان يترافق ذلك مع خفض الضرائب للوصول الى النتائج المرجوة.

ورأى غصن ان معالجة الانكماش الاقتصادي في البلد يكون بتحفيز الاقتصاد عبر تعزيز القدرة الشرائية، ما يدفع الناس لزيادة الطلب وبالتالي تحريك الاسواق. وشدد على ضرورة ضخ جزء من الاموال المكدسة لدى المصارف اللبنانية ومصرف لبنان لتحريك الاسواق.

و في ضوء نتائج مؤشر الغلاء، يلفت غصن الى  تطورات غلاء الأسعار التي بلغت بحسب مؤشر الاتحاد، ما يقارب الـ37 %  وهو رقم لا يختلف كثيراً عن أرقام مديرية الإحصاء المركزي البالغة 34،5 في المئة.

وإذ أكد أن مسألة تصحيح الأجور تعود إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، أما دور لجنة المؤشرفيقتصر على تحديد نسبة الغلاء ورفع تقرير بها إلى مجلس الوزراء المولج بقرار الزيادة لفت  غصن  الى انه كانت للإتحاد العمالي العام مراجعة دائمة لمطالبة الهيئات الإقتصادية بالتزامها الإتفاق الرضائي المشترك لتصحيح الأجور دورياً، باعتبار  أن ذلك يحافظ أولاً على القيمة الشرائية، ومن جهة أخرى ينعكس إيجاباً على الأسواق والحركة الإقتصادية وبالتالي يمنع الإنكماش.

و مع تباين تقييم  ايجابيات وارتدادات اي  قرار بزيادة للاجر و رفع الحد الادنى تبقى التوقعات  في دائرة تحريك  هذا الملف مع تشكيل الحكومة التي حددت مهامها مسبقا و اجراء الانتخابات النيابية بعد اقرار قانون انتخابي جديد اقرب الى التأجيل ، في ضوء الصرخات التي تطلقها بين الحين والآخر القطاعات الاقتصادية والسياحية والتجارية بانها شارفت على الافلاس وان اي زيادة رسمية اوعبء جديد سيزيد عدد العاطلين عن العمل ، بعد اقفال المزيد من المؤسسات. و الاتفاق الرضائي الذي حبكه الاتحاد العمالي في العام 2012 مع الهيئات الاقتصادية ذهب حتما الى غير رجعة خصوصا وان العديد من القطاعات لم تلتزم باي زيادة بحجة الظروف الاقتصادية الخانقة. فكيف هو الحال اليوم ؟