رجل أعمال لبناني يؤمن بالأفكار لو مهما كانت مستحيلة ..

متحيّز هو.. للمعرفة ..

متعصب هو..  للإيمان بالطاقات

فيحول الفكرة الخيالية إلى واقع ملموس قد نستخدمه كل يوم دون أن ندرك أنه السبب وراء إبتكاره وتطويره..

ونظراً لإيمانه بقدسية الأفكار طوّرت شركته  خدمة "Personal Premium Number" والتي حصل فيها على براءة إختراع في أكثر من بلد حول العالم، لأنها  تسمح لأي شخص يُقدم خدمات إستشارية كالمحامي مثلاً أن يجعل الاتصال برقمه الخاص مدفوعاً بالتسعيرة التي يحددها.. وهذا إنطلاقا من أهمية الحفاظ على الأفكار وضمان حقّ صاحبها.

مؤسس مجموعة "Numbase Group" والتي تضم شركات تكنولوجية عدّة تحت مظلتها ...أيمن جمعة.

كان لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع جمعة شاركنا فيه أبرز محطاته الأكاديمية والمهنية وخصّنا بنصيحته للشباب اللبناني.

- هلاّ أعطيتنا نبذة مختصرة عن مسيرتك الأكاديمية؟

درست في الجامعة الأميركية في بيروت "AUB" هندسة الكمبيوتر والإتصالات، ومن بعدها تابعت دروسي العليا في كلية إدارة الأعمال في جامعة "هارفارد".

وتماشت مسيرتي المهنية مع تلك الأكاديمية، فخلال أيام الدراسة كنت أعمل بدوام جزئي في شركة "TerraNet" والتي كانت جزءاً من شركة "LIBANCELL"،ومنها توجهت إلى عالم خدمات القيمة المضافة للهواتف الذكية.

كنت لا أزال تلميذاً في الجامعة عندما ابتكرت أول خدمة خاصة بي، رغم خبرتي التي كانت حينها متواضعة إلا أنني كنت أملك كلاً من الحسّ والإبداع المناسبَيْن لكي أخطو درجتي الأولى سُلّم هذا المجال العملاق.

بعد تخرجي من الجامعة في بيروت، بقيت أعمل في هذا القطاع لمدة العام والنصف

تقريباً ومن بعدها إتجهت إلى السعودية. ويمكنني أن أعتبر أن هذه المرحلة كانت الأكثر جدية في مسيرتي المهنية لأنها شكّلت الحجر الأساس لكل نشاطاتي وأعمالي اللاحقة.

أسست شركات عدة في السعودية، ومنها شركة "W" والتي باتت مزوّد لخدمات القيمة المضافة التكنولوجية في كل الشرق الأوسط، وحوّلتها بعد ذلك إلى مجموعة "Numbase Group" التي تطورت بشكل سريع مع هذه الثورة التي نعيشها في عالم التكنولوجيا والإتصالات، لتضم أكثر من شركة تحت مظلتها اليوم.

ومع مواكبتنا لهذه الأجواء المفعمة بالإبداع والتنافسية خضنا عالم التطبيقات الذكية، ونحن اليوم شركاء في تطبيق "Shazam" ،وتخطينا خلال الشهر الماضي المليار تنزيل "download"  حول العالم.

كذلك أسست تطبيق "Muzeit".

- ماذا يميّز تطبيق  "Muzeit" عن "Shazam"؟

تطبيقنا يختلف كثيراً عن تطبيق "Shazam"، فبإمكان مستخدمي "Muzeit" ان يطلعوا على قائمة الموسيقى لكل صديق لهم إذا كانوا يملكون رقم هاتفه، كما باستطاعتهم أن يستمعوا الأغاني من قائمته قبل تحميلها على هواتفهم الخاصة.

- كيف تواجه المنافسة في حين أن أي صاحب فكرة اليوم لو مهما كان عمره في السوق يستطيع أن يخترق هذا العالم؟

الإنتقاء السليم، لا شك أن المخاطرة موجودة لكن حُسن الإنتقاء ضروري ويتطلب أولاًالنظر إلى متطلبات الدخول الى مجال معين بحيث لا يحققها إلا ذوو الخبرة.

- كيف يمكنك أن تحوّل الفكرة إلى تطبيق ملموس؟

اولاً: علينا أن نؤمن بالفكرة! فكم من فكرة تُطبق اليوم، خطرت في ذهن شخص آخر منذ عشر أو خمس عشرة سنة.

لذا بعد إيماننا الكامل بالفكرة نبدأ بمرحلة التخطيط.

فعلى سبيل المثال، فإن إحدى شركات مجموعتنا التي تحمل اسم "Arbooster" قامت بتحرير قطاع الإتصالات الشخصي عبر تكنولوجيا جديدة أطلقنا عليها اسم "Personal Premium Number" و حصلنا على براءة اختراع في لبنان، أميركا، و26 بلداً أخر حول العالم.

تسمح هذه الخدمة للشخص الذي يُقدم خدمات إستشارية كالمحامي مثلاً أن يجعل الإتصال برقمه الخاص مدفوعاً بالتسعيرة التي يحددها، فهذا الشخص لا يملك سوى هذه الأفكار وما يقدمه ليس سلعة ملموسة.

بدأنا بإطلاق هذه الخدمة مع نقابة المحامين، واليوم ألوف المحامين اللبنانيين مشتركين في هذه الخدمة، كذلك ندرس إطلاقها مع نقابة الأطباء أيضاً.

وبإمكان أي شخص يقدم خدمة ما أن يشترك في الـ"Personal Premium Number" ، لكن اختيارنا للمحامي في البداية كان من منطلق إيماننا بأهمية المعلومة وقدسيتها، فإذا نظرنا في كل العالم من الصعب جداً أن نجد محتوى مجانياً في هذا العصر.

- لتأسيس مشروع ما  برأيك أيهما أهم الخبرة، رأس المال أم الشهادة الجامعية؟

تطور الزمن، فعندما كنت طالباً في الجامعة أي خلال تلك المرحلة الزمنية كانت الشهادة الجامعية تعتبر المعيار الأول!

لكن هذه المفهوم تطوّر من أهمية الحصول على شهادة جامعية فقط إلى ضرورة تحصيل المعرفة إلى جانبها..

وكما نعلم أن المعرفة لا تُحدّ بسنوات جامعية محددة، وبإمكان الفرد أن يكتسبها بنفسه عبر الندوات المباشرة على الأنترنت والعديد من الطرق الأخرى.

لذا فأنا أعتبر أن السعي وراء التدريب والتعليم الذاتي بات ضرورياً.

- برأيك ما هي مقومات الشخص الناجح؟

الإصرار، المتابعة، عدم الإستسلام والإيمان بالأفكار التي تستند إليها مرحلتا التخطيط والتنفيذ.

- ما هي أبرز العقبات التي واجهتها خلال مسيرتك المهنية؟

قبل توسّع أنشطة مجموعتنا حول العالم واجهنا مشكلة في المنصات الألكترونية التي يقدمها لبنان، لا شك أنه يتحسن مع الوقت ولكن وضعه ليس مستقراً بعد.

فإذا قررنا أن نضع  الـ"servers" – الخوادم – في لبنان، من الصعب جداًأن تكون فعالة بالمعدل المطلوب نظراً لأننا لا نملك  "data ware  houses"   تتمتع بتقنيات عالية،  كما أن الأنترنت في لبنان غير ثابت، فإذا قدمنا خدمة للسعودية و الـ"servers" في لبنان سيكون الأمر كارثي!

لذلك بعد إطلاقنا شركة"W" قمنا بنقل كل الخوادم مجموعة "Numbase" إلى لندن، أما خوادم تطبيق "Muzeit"  فقررت أن اضعها في أميركا.

أما العقبة الأخرى، فهي "الهوية اللبنانية"، مع العلم أن صورة رجال الأعمال اللبنانيين في العالم لا تزال جيدة بسبب أشخاص أثبتوا للجميع أن اللبناني قادر على الإبداع والتفوّق في أي رقعة جغرافية كان،أو في أي مجال عمل.

ولكن المشكلة تكمن في صورة الشركات اللبنانية وسيطها في الاسواق العالمية، والتي كانت تُشكّل عائقاً في الكثير من الأحيان لأعمالنا، لأن بعض الشركات اللبنانية غير الشفافة في التعامل مع الأسواق الغربية نقلت صورة سلبية عن سُمعة كل الشركات اللبنانية، وكأن جميعها لا يتحلى بالمصداقية للأسف...الأمر الذي دفعنا لتأسيس شركاتنا ووضع عناوينها خارج لبنان، رغم أن الموظفين لبنانيين ويعلمون من مكاتبنا في لبنان، ولكننا إضطررنا إلى خلق هذه الهوية لكي نعمل في بلاد كالمكسيك، إنكلترا، مينمار، ماليزيا وغيرها.

وبرأيي هذا الأمر يجب أن تعمل الدولة اللبنانية على تحسينه لكي تُعيد المصداقة والصورة السليمة للشركات اللبنانية العريقة.

- هل تعتبر أن الحكومة اللبنانية تهتم بتدعيم مجال عملكم بالحد المطلوب؟

في الواقع توالت العديد من وزارات الإتصالات التي حاولت أن تحسّن في هذا القطاع وقامت بالعديد من الإنجازات، بالإضافة إلى المبادرة الأخيرة التي اطلقها مصرف لبنان لتحفيز ودعم الـ"Startups" ، والتي اعتبر رؤيتها مهمة جداً.

- ما هي مشارعيك المستقبلية؟

استثمرت مؤخراً في منصة الذكاء الإصطناعي في أميركا، لأني على ثقة بأن الذكاء الإصطناعي سيشكل ثورة جديدة في عالم التكنولوجيا والمعلومات.

اليوم بات الذكاء الإصطناعي يُشكل ضرورة بسبب ضخامة البيانات، ونحن اليوم بحاجةإلى منصة جديدة قادرة على تحليل كل هذه البيانات.

فعلى سبيل المثال كمية المعلومات التي نملكها في تطبيق "Shazam" أو "Muzeit" يمكننا أن نستغلها بطريقة أفضل إذا وجدت منصة قادرة على تحليل كل هذه البيانات.

كما أن الذكاء الإصطناعي هو منصة قابلة للتعلّم والتطور ولا تبقى المعلومات فيه ثابتة كالآلة الحاسبة مثلاً.

- ما هي رسالتك للشباب؟

إعملوا لتطوير طاقاتكم وقدراتكم كل يوم، فكل يوم جديد عليكم أن تسعوا لتتعلموا أمراً جديداً، لا أحد يملك المعرفة الكافية.

واليوم الذي يزعم فيه الإنسان أنه يملك المعرفة الكاملة.. هو اليوم الذي يقضي فيه على نفسه،  فنحن نخلق ونموت دون أن نملك المعرفة الكافية.

وأنصح شبابنا بأن يؤمنوا بطاقاتهم وقدراتهم لو مهما كانت أفكارهم غريبة.