ربيع دمج 

على مدار خمس سنوات من النشاط الدؤوب في السرقات المتخصصة لمحلات صيرفة ومجوهرات في لبنان، وبعد حصيلة مسروقات وصلت حدّ ثلاث مئة وخمسين ألف دولار أميركي إلى جانب تسعة كيلوغرامات من الذهب، ومصوغات مختلفة، وقعت شبكة "الكولمبيين" العالمية في قبضة شعبة المعلومات أثناء تسليم مبلغ مئة وثمانين ألف دولار أميركي إلى أحد أفراد العصابة في منطقة البربير إلى جانب جوازات سفر، ورخص سوق مزورة بأسماء مغايرة، وعدد من الأجهزة الخلوية التي تحتوي أرقاما تشغيلية محددة، وذلك بعد عمليات رصد طويلة امتدت من العام 2010 حتى آواخر العام 2015.

قبل السفر عبر مطار بيروت الدولي (كانون الأول 2015)  بساعة واحدة فقط، وقعت العصابة المؤلفة من خمسة أفراد على رأسهم العراقي الفار حتى الساعة من وجه العدالة ليث الصايغ.

بعد عملية التوقيف وإحالتهم إلى دائرة التحقيقات في بيروت، وبعد مراقبة طويلة لشعبة المعلومات، حيث تولى الإشراف على هذا الملف الطويل  أحد الضباط، من خلال عمليات سرقة مماثلة بدأت في العام 2010 حتى عام 2015،  تبيّن أن أفراد العصابة يأتون من دول أميركا اللاتينية إلى لبنان، ويعملون على شراء خطوط خليوية للتواصل في ما بينهم، يؤلفون فيما بينهم حلقة ضيقة لا يتجاوز عدد أفرادها ثلاثة وأربعة اشخاص. وبعد تنفيذهم لأي عملية يتوجهون بتاريخ السّرقة أو في اليوم التالي إلى مطار بيروت ويغادرون.

وهذه العصابة لها عملاء وأفراد في تركيا وإيطاليا وسويسرا وسوريا في وقت سابق ( قبل الازمة في العام 2011).

وفي وقائع المحاكمة أظهرت أن ثلاثة موقوفين من الجنسية الكولومبية،  أفاد موقوف بينهم  يُدعى سيرو داريو (تبين أن اسمه الحقيقي ليوناردو كونتيرز) أدلى في سياق التحقيق بهويته المغايرة . وأفاد أنه حضر إلى لبنان في 5/10/2015 برفقة مواطنه الموقوف إدواردو (الذي تبين أنه هنري الكسندربنياقيدس) واستقبلهما مواطنهما الموقوف هيوغو الذي تبين أن اسمه (عمر جيوفاني رودريغز) فأقلّهما إلى فندق في العاصمة، ثم عمدوا إلى شراء ثلاثة أجهزة خلوية، وستة خطوط، لكل منهما خطان واحد للإتصالات والآخر لخدمة الواتساب للتواصل مع عائلاتهم في كولومبيا لحين حصول حادث السّرقة، حيث توجه إدواردو وهنري الكسندر بحثا عن ضحية ليقوما بسرقته على أن يتم اختيار هذه الضحية من أمام محل للصيرفة عندما يحمل كيس الأموال .

وقع اختيارهما على محل صيرفة في البربير حيث شاهدا شخصاً يخرج من المحل وفي يده كيسٌ، ثم صعد في سيارته فلحقا به وراقباه حتى نزل منها ودخل إلى محل شريكه. في هذه الأثناء قاما بكسر زجاج السيارة وسرقة كيس الأموال من داخلها وغادرا في السيارة المستأجرة منهم متوجهين إلى الفندق.

وبحسب إفادته قال " وفي الطريق ركنا السيارة المستأجرة واستقلا سيارة أجرة وصولاًإلى الفندق، حيث جهّزا أغراضهما، وأوصلهما رفيقهما عمر إلى المطار في سيارته، ومعهما المبلغ المسروق الذي أعطياه منه عشرة آلاف دولار ضبطت معه عند توقيفه. وبدخولهما حرم المطار أوقفا وضبط المبلغ المسروق بحوزتهما وهو حوالى مئة وخمسينألف دولار. وكان جرى تعقبهما بعد تعميم صورهما المأخوذة من كاميرات المراقبة الموضوعة أمام محال المدعيين".

وتبين من أقوال الموقوف ليوناردو أن المتَّهَمَيْن عند استخدامهم أي اسم في عملية سرقة لا يستعملونه في عملية أخرى، مضيفاًأنه عندما حضر إلى لبنان في الشهر السادس من عام 2015 كان يستخدم اسم كارلوس .

وقدم معه حينذاك المدعو جون ولقبه "شوكو" ومعهما المتهم عمر جيوفاني، وكان الأخير يستخدم اسم كريستيان. وأقدموا في ذلك التاريخ بالإشتراك في سرقة كمية من الذّهب المشغول؛ زنتها نحو تسعة كيلوغرامات موضبة في حقيبة تبين أنها تعود إلى الصائغين روجيه ه. وخاتشيك ي. اللذين تعرّفا خلال التحقيق إلى المتَّهمَيْن ليوناردو وعمر جيوفاني .

وذكر ليوناردو أنه عند سرقتهم صرافاًأو زبوناً لدى أماكن الصرافة يستعينون بشخص في البرازيل،إذا كان المبلغ كبيراً، وهو العراقي البرازيلي ليث الصايغ،  وذلك من طريق الإتصال به ليقوم ليث بإيفاد شخص في لبنان،أو من أي بلد آخر من طرفه لاستلام المال المسروق منهم، ويقوم ليث بتسليمهم إياه في كولومبيا بعد أن يقتطع حصته من المبلغ، أي تُقسم حصيلة السّرقة بين أربعة أشخاص هم المتّهمون هنري وليوناردو وعمر وليث.

وفي الأيام واللحظات الأخيرة من أنشطتمهم المزدهرة لبنانياً وعالمياً شعرا ( أي ليوناردو وعمر)   بالخوف بوصولهما إلى مطار بيروت وأنهما مراقبان وملاحقان، فاتصل بالمتهم ليث وأخبره بالأمر وطلب منه المساعدة.

وهو من أوعز إليهم بالسفر إلى لبنان من طريق المدعو "شوكو" بعدما أعلمهم الأخير أن مجال سرقة المال والذهب واسع في لبنان. ونقل عن المتهم ليث ان "شوكو" هو من أخبرهم أن رجلاً يحمل حقيبة وينقل كمية من الذهب معه دائماً في سيارته وزوّدهم بالمعلومات اللازمة وبرقم لوحة السيارة لتأمين تنفيذ هذه العملية الحاصلة مع المدعيين، وتقاسموا هذه الكمية مع المدعو "شوكو" واحتفظوا بحصة المتهم ليث بأن أرسل كل منهم جزءاً من حصته في البريد السريع، حيث ضبط عناصر الجمارك اللبنانية والجمارك في دبي جزءاً منه.

وبحسب إعترافات "ليوناردو" أن  "ليث يدير شبكة عالمية مؤلفة من عصابات تمتد من أميركا اللاتينية إلى أوروبا ومعظم الدول العربية وتركيا، حيث يعمل على رصد شركات، ومحال المجوهرات والصيرفة، والتحويلات المالية،تمهيدا للقيام بسرقتها، وعندما تقوم إحدى العصابات بسرقة أي هدف أكان مالياًأم مصاغاً، يقوم بتأمين أشخاص في الدولة حيث نفذت العملية لاستلام المسروق أو تأمين تصريفه، وفي كل عملية منفّذة تكون له حصة متساوية مع المنفذين، وأن الغلط ممنوع معه، وهو مطلوب دولياً واشتهر عالميا في قضية سرقة عشرين كيلوغراماً من الذهب من تركيا وملقب بالرجل الحديدي".

وبالتحقيق مع المتهم جيوفاني اعترف بعملية السّرقة، وأنه لا يعرف المتهم ليث،إنما تهاتف معه أربع مرات . كما اعترف بإقدامه مع آخرين قبل عام في اسطنبول على القيام بسرقة في مجمع تجاري مع آخرين. وبالتحقيق مع المتهم هنري ألكسندر بيناقيدس أشار إلى أنهم كانوا يستخدمون برنامج "ماب" الالكتروني (المتخصص في كشف المواقع عبر الهاتف) للإستدلال على محال الصيرفة ، إلى أن وقع اختيارهم على محل في البربير حيث حصلت السرقة الأخيرة للأموال المضبوطة معه في مطار بيروت والعائدة إلى المدعيين شيط ويحيى.