إحترافيته، وإتقانه، وجديته في العمل، هي محل تقدير. خبرته، ونوعية الخدمات التي يقدمها، هي مكسب لعالم التصميم والإبتكار. جهده، وحرصه على العمل، وإصراره على النجاح، عوامل لا تجدها إلا في قلّة من الناس. هو شخص عمليّ بامتياز، لا يرضى إلا بالأفضل، فبدأ من الصفر، وقرّر، وثابر، وسعى إلى تحقيق طموحاته كافة.

سيريل نجار، هو الرئيس التنفيذي لشركة "White Lab" المتخصصة في تحليلات الرعاية الصحية، وفي كشف الجسيمات الحية لعلاج الربو والوقاية من الحساسية، ومخترع أول جهاز ذكي لتعقب الحساسية "Sensio Air".

هو مؤسس شركة "White sur White"، المتخصصة في الهندسة والتصميم، والتي تضم قاعدة عملائها "L’Oréal Paris"، "Yamaha UK"، "EADS UAE"، "Artemide UK"، "Unilever UK"، "Mothercare UK"، والمتحف الوطني اللبناني.

هو أستاذ محاضر في "الجامعة اللبنانية الأميركية"، "LAU"، في مواضيع التصميم والإبتكار والهندسة المعمارية، وفي جامعة "UCL" في لندن، وسابقاً في جامعة "ALBA".

هو مرشد لأصحاب المشاريع، بالتعاون مع مبادرة "UKLTH" بين البنك المركزي والحكومة البريطانية، والفائز بالجوائز الأولى في "هارفرد"، "Instituto de Empresa"، "UKLTH"، "ياماها"، و"مركز هيلين هاملين"، وخبير متخصص في مبادرة "The Internet of Things" الفرنسية.

ظهرت أعماله على "CNN"، "BBC"، "WSJ"، و"Wired". كما كتبت عنه "هيرالد تريبيون"، "Wallpaper"، "Icon"، "La Croix"، "Monocle"، "Science & Vie"، "Tech City"، "Entrepeneur" و"Executive".

حاز على ماجستير في تصميم المنتجات من جامعة "Royal College of Art" في لندن، وعلى ماجستير في التصميم المعماري الداخلي من "الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة"، "ALBA".

عمل على تصميم نماذج غير تقليدية، وآلات موسيقية، كما شارك بكثافة في تجديد المركبات والسيارات، وركز على تقنيات تتبع العين، والمفروشات الذكية، وانغمس في عالم المنتجات المعتمدة على الطاقة المتجددة، لإفادة اللاجئين على وجه التحديد.

إنه رائد الأعمال اللبناني سيريل نجار، الذي خصّ "الاقتصاد" بهذه المقابلة الحصرية من مكبته في لندن:

- كيف تصف مسيرتك المهنية الطويلة والغنية بالأحداث؟ هل مرت بسلاسة أم كانت مليئة بالعوائق؟

لقد واجهت العديد من العوائق والتقلبات التصاعدية والإنحدارية، بحيث وصلنا في بعض الأحيان إلى حافة الصفر دولار في الشركة؛ ولكن هكذا هي الحياة! لأنه لا يمكن أن يتقدم الانسان على الدوام، بل عليه أن يصعد ويهبط.

وهذه العوامل المتقلبة، أسهمت في صقل شخصيتي في العمل، كما علّمتني الحياة التواضع.

- لماذا قررت أن تدمج العمل بين بيروت ولندن؟ وما هي الفوائد التي تقدمها العاصمة البريطانية؟

نحن نعمل حاليا بين بيروت ولندن، لأنني أحب الحفاظ على الرابط مع لبنان دوماً ، لذلك لن أقطعه أبداً، وبالتالي لدينا مكتبان في لبنان، للهندسة والتصميم الصناعي، بالإضافة إلى مشغل. كما لدينا مكتبان في لندن، وذلك لأن البيئة الموجودة في العاصمة البريطانية، مفقودة في بلدي الأم، ولبنان بحاجة إلى المزيد من الوقت لكي يصل إليها، حيث إن هناك بعض الإختصاصات التي لا نجدها متوفرّرة بكثرة، مثل فيزياء الكم.

لكنني بالطبع أشجع مبادرات مصرف لبنان، لتشجيع الإقتصاد، وأعتقد أنه بعد حوالي خمس سنوات، سيصبح لبنان بيئة حاضنة لكل تلك المجالات.

- ما هو الإنجاز الأكثر أهمية الذي حققته إلى حد اليوم على الصعيد العملي؟

الإنجاز الأكبر بالنسبة لي هو أنني أحب مهنتي إلى أقصى الحدود، وأفرح كثيراً عندما أحضر في المكتب، كما أتطلع يومياً للذهاب إلى العمل. وبالتالي أتمتع بـ"شهية" كبيرة على عملي، لأنني شغوف به.

فأنا أشعر بفرح كبير عندما أكون في "White Lab"، أو "White Sur White"، أو في الجامعة أعطي المحاضرات للطلاب؛ وهذا الفرح هو العامل الأهم في الحياة! فعلى الإنسان أن يقوم بما يحبه، لكي يتمكن من تحقيق النجاحات؛ وهنا يكمن التحدّي...

- من كان الداعم الأكبر لك طوال مسيرتك المهنية؟

لقد كنت محظوظا للغاية بسبب وجود والدي إلى جانبي، فهو محام، لكنه يتمتع بخبرة طويلة في مجال الأعمال. وبالتالي كان قادراً على إعطائي التوجيهات المناسبة في الأمور المهنية والقانونية. وتمكّن بذلك من مساعدتي في توجيه شركتي، ودفعها إلى التوسع، واتخاذ الاجراءات والخطوات السليمة، لكي تتمكن من السير إلى الأمام بالشكل الصحيح.

- ما هي برأيك مقومات الرجل الناجح في مجال الأعمال؟

على الإنسان أن يتعلم الإستماع إلى الآخر، ولا يسأل الأسئلة لأنه يسعى للحصول على إجابة معينة، بل يسأل السؤال ويأخذ أي ردّ كان، لأن الافتراضات المتنوعة تساعد على التقدم.

فلكل شخص معتقدات معينة، يظن أنها صحيحة، لكن الواقع مختلف كثيراً عمَّا هو مقتنع به! لذلك فإن الشخص الذي يستمع إلى الآخر، سينجح بسهولة أكبر، لأنه سيرى أموراً لا يراها أشخاص غيره.

- هل تعتبر أن الحظ كان حليفك في مسيرتك المهنية؟ وهل يكفي الحظ لكي ينجح الإنسان؟

بالطبع أنا شخص محظوظ للغاية، لأنني عشتُ في بيئة مشجعة. فعندما بدأت العمل في لبنان، كانت البلدان العربية في طور البناء والتطور، لذلك استلمنا مشاريع للعديد من الفنادق والمطاعم، وبالتالي تمكنت من التوسع والتطور بشكل سريع.

لقد أسست شركتي الأولى في عمر التاسعة عشرة ، وحالفني الحظ في الكثير من الأوقات، والعكس بالعكس! لذلك تجدر الإشارة هنا، إلى أن الحظ بحاجة أيضا إلى العمل، والإصرار، والمثابرة.

- ما هي طموحاتك وتطلعاتك المستقبلية؟ وهل تعتبر أنك حققت اليوم 50% من أهدافك؟

أطمح الى تحقيق العديد من الأهداف، وأعتقد أننا لا نزال اليوم في بداية الطريق! فنحن نعمل حاليا على مرض الربو والحساسية، من أجل تحسين نوعية الهواء في العالم، ونقوم في الوقت الحاضر، بمراقبة سبعة عشر بلداً. وسوف نقوم قريبا برصد لبنان، لكي نتمكن من إعطاء مؤشر محدد حول نوعية الهواء، ونعرف تماماً ماذا يحدث، من أجل تحسينه.

من ناحية أخرى، ندعم الشركات الناشئة في الهندسة والتصميم الصناعي كثيراً، لكي تقدم منتجاً وتحقق النجاحات، ونساعدها على إيجاد المستثمرين. فنحن نسعى ليكون لبنان على الخارطة، ولكي نتمكن من إيصال العقول والأفكار اللبنانية إلى لندن، أو وادي السيليكون، أو باريس...

أما بالنسبة الى أهدافي الخاصة، فأعتقد أنني وصلت اليوم إلى نسبة 11% أو 12%، وبالتالي فإن الطريق أمامي لا يزال طويلا.

- هل تعتبر أن المنافسة إيجابية في مجال الأعمال؟

المنافسة ضرورية، لأنها تجبر الإنسان على أن يكون بأفضل نسخة من نفسه، ويحسّن أداءه إلى أقصى الحدود. فعندما يشعر بالمنافسة، سوف يفكر كل يوم بالمزيد من التطوّر لكي يحسن أعماله، ويقدم عروضاً أفضل للزبائن.

هذا الأمر مهم للغاية، وهنا يكمن الفرق الجوهري بين لندن أو وادي السيليكون، وبين لبنان؛ إذ إننا نستطيع فهم المنافسة في لبنان بسرعة، لأن عدد السكان قليل، ولكن نجد اثني عشر مليون نسمة في لندن، وستين مليون في بريطانيا، وخمس مئة مليون في أوروبا، وبالتالي تأتي المنافسة من جميع الأماكن، وتجبر الإنسان على أن يكون بأفضل صيغة.

- هل شعرت يوماً بالتقصير تجاه عائلتك بسبب انشغالك بالأعمال؟

على الإنسان أن يضحي بالعديد من الأمور في سبيل النجاح، ولكن أتمنى اليوم أن أتمكن من قضاء المزيد من الوقت مع العائلة، مع العلم أنني استطعت تحقيق التوازن إلى حد ما، بين العمل والحياة الخاصة.

ومن الجانب الشخصي، أنا محظوظ للغاية لأنني تزوجت امرأة تعمل معي في الشركة، وأسسنا معا شركة "White Lab"، وبالتالي أراها يومياً في العمل، وسعيد كثيراً بهذا الوضع، لأنه يتيح لي أن أجمع بين حياتي الشخصية وحياتي المهنية. ولكن بالطبع لا نكون معا في العمل، مثلما نكون في المنزل، ولكن على الأقل نتمكن من رؤية بعضنا البعض.

- ما هي الرسالة التي توجهها إلى اللبنانيين، وخاصة إلى رواد الأعمال، وأصحاب المشاريع والشركات الناشئة؟

الأهم في عالم الأعمال أن يقدم الانسان منتجا يحتاج اليه الناس. لذلك على كل شخص أن يستمع إلى غيره، ويبحث عن الحاجات الموجودة.

في لبنان نواجه العديد من المشاكل، وبالتالي نحن بحاجة إلى الكثير من العمل للتحسين، فليبدأوا بهذه المشاكل الصغيرة! وأعتقد أن الشركة التي ستحقق الملايين من الأرباح في المستقبل، هي على سبيل المثال، الشركة التي ستتمكن من حل مشكلة النفايات.

وبالتالي فإن الأمور البسيطة مهمة للغاية، وإذا تم العمل عليها بشكل صحيح، سوف تغير العالم. لذلك أقول "Start small with real problems"، أي انطلقوا بشكل بسيط، من المشاكل الفعلية!

فبلدنا لبنان يحتوي على العديد من الفرص، وفي حال انفتحت الشركات اللبنانية على الخارج، عليها الحفاظ على جذورها في لبنان. ولكن أنا بنفسي أنصح كل شركة بالتوسع، لأنها ستحصل على إمكانية الوصول الى سوق يضم خمس مئة مليون شخص وليس فقط ثلاثة ملايين.

والمشكلة في لبنان، هي أن المنتجات الأساسية والضرورية والبسيطة مثل الخبر، والرز، والبطاطا، لها سوق قوي. ولكن إذا قدّم الإنسان تكنولوجيا معينة حول الدراجات والألكترونيات مثلا، لن يجد سوقاً كافية في لبنان، وبالتالي فهو مضطر للتوسع إلى البلدان العربية، والشرق الأوسط، وأوروبا، والولايات المتحدة.