مع العهد الجديد بتولي العماد ​ميشال عون​ رئاسة الجمهورية ،  وتكليف الرئيس  ​سعد الحريري​ بتشكيل الحكومة الجديدة وردت معلومات عن اتجاه لدى الفرنسييين لعقد "مؤتمر باريس 4" كدعم مادي ومعنوي للعهد الجديد، برئيس جمهوريته ورئيس حكومته والحكومة. هذا الاهتمام الدولي بلبنان يشكل تفاوتا لجهة تصديقه بين اللبنانيين خصوصا ان التخلّف عن تسديد قيمة المساعدات المالية المقررة للبنان في مؤتمر لندن الاخير يدعم عدم الثقة ، حيث لم يصل إلا نحو 30 في المئة أو ما يعادل 600 مليون دولار من أصل مليارين و480 مليون دولار .

من المفترض ان لايأتي مؤتمر "باريس 4 "  في حال كتب له الانعقاد بقروض جديدة  مع العلم ان امام لبنان استحقاقات مالية كبيرة في العام المقبل، وما من ضامن ان المصارف اللبنانية قادرة على الاستمرار في تأمين مصادر التمويل رغم الاعلان عن جهوزيتها في اكثر من مناسبة ولو بشروط مرتبطة برزمة من الاصلاحات . اذا التمويل  الخارجي غير متوقع  بشكل كبير  سيما وان كل من الدول لديه مشاكل مالية واقتصادية  وحتى سياسية .

ولكن اذا تعذر تأمين الاموال عن طريق مؤتمر "باريس 4" في حال تم انعقاده  ماذا على لبنان ان يطلب ؟

وهل سيحرمه  تقصيره  في تحقيق  الاصلاحات  التي فرضها مؤتمر "باريس  3 " والمرتبطة بالانماء الاجتماعي من  الحصول على المساعدات المطلوبة  ؟

حبيقه

الخبير الاقتصادي الدكتور ​لويس حبيقة​ قال " للاقتصاد " انعقاد هذا المؤتمر من اجل  لبنان هام  بحد  ذاته. وهو اشارة اهتمام  بلبنان الذي يريده  المجتمع  الدولي ان يكون  قوياً . ولا ننسى ان  لبنان  يعاني اليوم  من مشكلة مستجدة عليه اوطارئة هي النزوح السوري  الى اراضيه وما يترتب عليه من اعباء  كبيرة  وسط صمت دولي مستمر ،  علما ان المجتمع الدولي هو من يقف  وراء فرض هذا الايواء  عليه .

وبمجرد انعقاد هذا المؤتمر من اجل لبنان   فهو بادرة تفاؤلية . وليس مهما ان يحمل اسم  "باريس  4 " او حتى اي رقم  آخر بل انه ضروري بحد ذاته  على الصعيد المعنوي  قبل الحصول على نتائجه.

ولا اعتقد انه ستتم  الدعوة اليه قبل تشكيل الحكومة الجديدة  وبعد  إزالة  كل  العراقيل التي حدد رئيس الحكومة  المكلف  سعد الحريري  بكل شجاعة  من يقف وراءها .

اما ماذا على لبنان ان يطلب  من المؤتمر ؟

فبالتأكيد هناك ورقة  عمل  تم تحضيرها  بهدف رفعها الى المجتمع الدولي . و يجب التركيز على اهمية جذب الاستثمارات الاجنبية الى لبنان ؛ فهو بحاجة الى كل انواع الاستثمارات الاجنبية  وفي شتى  القطاعات  مثل  الصناعة والتجارة والسياحة والخدمات ...

وان مجيء  هذه الشركات الى لبنان سيعود بالفائدة عليه،  وكذلك على بلد المستثمرين الاجانب، علما ان استشارة غرف التجارة والصناعة هامة وضرورية للتعرف على القطاعات المناسبة لضخ واستقبال الاستثمارات .

كما ان جمعية الصناعيين اللبنانيين  بدورها تستطيع تحديد الصناعات الاكثر حاجة للاستثمار ولاستيعاب  التكنولوجيا الحديثة .

ومن المعلوم ان لبنان ليس بحاجة الى اي قروض او هبات . فهو ليس بالمتسوّل . وجلّ  ماهو بحاجة ملحّة اليه هي الاستثمارات الجديدة ، التي تساعد على تحفيز النمو ، خلق فرص العمل وتحريك الدورة الاقتصادية.

وعن جهوزية المناخ الدولي لعقد المؤتمر يرى ان ما من شيء يستطيع الحؤول  دون  هذا اللقاء الدولي سيما وان فرنسا الجهة المنظّمة هي اكثر الدول اهتماماً بلبنان .

في الخلاصة ، لاشك انه في حال عقد مؤتمر" باريس 4" فإن ملف النزوح السوري سيكون حاضرا بقوة  باعتبار ا ن تداعياته كثيرة  وكبيرة على لبنان . وهي تتفاقم  وتتحّول الى ازمة اجتماعية  واقتصا دية  بعد ما كان له البعد الانساني . وفي المقلب  الآخر سيكون للدول  المانحة عدة علامات  استفهام  حول موضوع الفساد  والهدر  في القطاع العام  بحيث ان الشروط  لتقديم  اي مساعدة  لن يستثني  اهمية  تطويقهما .

ومن المعلوم  ان لبنان   يتمتع  بموارد مهمة، من رأس مال بشري، وجغرافيا فريدة وقدرة عالية على التواصل مع المحيط، وهي صفات تغني لبنان بميزات تفاضلية على المستويين الإقليمي والعالمي. غير انه يحتاج إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة ومستدامة، والى خلق فرص عمل ذات قيمة مضافة عالية على نطاق يكفي لترسيخ الوفاق والحد من الهجرة. ويتطلب هذا الأمر توجيه الإقتصاد نحو القطاعات والأنشطة القائمة على المعرفة والإبتكار، المرتكزة على طاقاته الوافرة من الموهبة والخبرة. ولتحقيق ّ الأهداف المنشودة، لا بد من تركيز الجهود في لبنان على زيادة الإنتاجية في المجالات التي تحمل ميزة تفاضلية نسبية بحيث تمّكن الإقتصاد  من توسيع حجم السوق المحلية وتمددها إلى الخارج .فلبنان  قادرّ على  تعزيز موقفه التنافسي، بحيث يصبح مركزا ً لتصدير الخدمات  الى ابعد  من حدوده الجغرافية الضيقة. لذلك فإن أية خطوة في التنمية الإقتصادية  تفترض التركيز على تفعيل عناصر مثلث النمو ّ الإقتصادي في لبنان اليوم الذي يتكون من: تشجيع حركة الرساميل الوافدة والتحويلات بغية خلق استثمارات جديدة من خلال توفير الاستقرار وتأمين مناخ مشجع على الإستثمار لللبنانين وغير اللبنانين مع تقديم تسهيلات لذلك ، ما يعزز ميزان المدفوعات ويساهم في  تنشيط حركة الصادرات اللبنانية التي يفترض بها تحقيق نمو يتراوح بين و سنويا .  ولايقل تنشيط حركة السياحة عبر اعتماد آليات أكثر فعالية.