ربيع دمج 

ليس جديداً علينا سماع خبر حول قيام مجموعة من الموظفين في مؤسسة معيّنة بتشكيل عصابة فيما بينهم كانت تستهدف لسنوات سرقة الشركة التي يعتاشون منها مع عائلاتهم بأساليب مُحكمة ومدروسة.

ولكن الصدف  هي التي تختلف بين كيفية وقوع أفراد العصابة، وفي اوقات أخرى الخيوط التي توصل إلى إكتشاف عمليات النصب والتزوير هي التي تفّك "شيفرة" هذا اللغز، فحين يقع واحداً فقط في الشرك يبدأ بالتوالي فضح أمر بقية الأفراد.

منذ أقل من 3 أشهر تقريباً، توصّلت الإدارة العامة في شركة تأمين معروفة جداً (ربما هي الأبرز من بين الشركات المتخصصة في لبنان)، إلى خيوط قادت لإكتشاف عمليتي نصب وإختلاس كبيرتين وذلك داخل إحدى فروعها في ساحل المتن، أما أفراد هذه الشبكة فهم 4 أفراد بينهم سيّدة تعمل كمساعدة لأمين الصندوق المتهم أيضاً في جريمة إختلاس أموال تفوق الـ50 ألف دولار أميركي، تم تقسيمها على الأفراد فيما بينهم وكل واحد حسب مهامه.

وفي التفاصيل التي حصل عليها موقع "الإقتصاد" من مصادر قضائية، تشير إلى أن قاضي التحقيق في محكمة جنايات بعبدا إدعى على كل من بول.ع، زينة.ش، نجيب.م، وسيم.إ، بجرم إقدامهم بالإشتراك فيما بينهم في سياق مشروع جرمي واحد، إذ توافقوا على إنجازه  وتقاسموا الأدوار التنفيذية في سبيل تحقيق غايتهم المتمثلة بإختلاس أموال الشركة التي يعملون فيها، وذلك عبر التزوير في القيود الحسابية وإستعمالها ضمن غايات تهدف مصالحهم ومخطاطاتهم.

وبحسب وقائع هذا الملف الذي أحيل منذ يومين إلى القضاء لإصدار الأحكام بحق المتورطين الأربعة، فتقول الوقائع أنّ " بول. ع كان يعمل في المؤسسة كأمين صندوق منذ أكثر من خمس سنوات، وبالتالي كانت مهمته رئيسية في الشبكة إذ عبره تمرّ الفواتير والمبالغ النقدية، فيما زينة.ش مساعدة أمين الصندوق الذي لم يكن على قدر كبير من حمل هذا المنصب توكّلت مهمة التزوير ومساعدة بول في تمرير فواتير وكمبيالات غير رسمية وفيها تلاعب بالأرقام ، وكي تكتمل عناصر السلب بشكل مدروس كان لا بد من الإتفاق مع المحاسب المتقاعد من الشركة نجيب.م كونه خبير عتيق في دهاليز حسابات الشركة التي عمل بها أكثر من 10 سنوات قبل تقاعده وإستمر في العمل معها كمدقق حسابات يأتي إلى الشركة كل فترة".

وبحسب الوقائع فإن وسيم. إ إقتصرت مهامه على تحصيل الأموال من العملاء وغيرهم،  ومن ثم يستولي على  المبالغ المختلسة في جيبه وتسليمها إلى أمين الصندوق،  على أنّ  تبدأ عملية تقاسم الغنيمة بين الأربعة.

دور هؤلاء الأربعة في مشروعهم الجرمي كان  مرتكزاً على تزوير مستندات عائدة لملف كسر السيارات كوسيلة لبلوغ الغاية المرجوة، فبعد تسليم الشيكات العائدة لهذا الملف إلى المدعي عليهما بول.ع وزينة.ش، كان الأخيران يقومان بالتلاعب في بعض القيود الحسابية تنفيذاً للفكرة الأساسية التي عرضها وسيم.إ  ( إذ تبين خلال التحقيقات أن المحّل المالي وسيم هو من بادر لهذا المخطط و تواصل مع المعنيين لتشكيل عصابة وذلك بحكم  عمله وتواصله مع تجار سيارات الكسر)، وبعد التلاعب في القيود عبر عدم تقييد قيمة الشيكات في نظام المحاسبة ( لا ورقياً ولا معلوماتياً) من ثم يتم إرسالها إلى المصرف وتودع في الحساب ومن ثم يسحبون ما يوازي  قيمتها نقداً من الصندوق ويتقاسمون هذه القيمة فيما بينهم.

أحد الموظفين في قسم المحاسبة والذي لم يدخل معهم على خط اللعبة إكتشف مصادفة أن هناك أمراً غير طبيعي يحدث، وحاول  عدة مرات مراقبة الوضع للتأكد، وبعد إجتماع مع المدير المالي والمدير العام للشركة و جلسات متكررة قرروا إستحضار خبير محاسبة من خارج المؤسسة الذي قام بجردة كاملة وعملية تدقيق طويلة لفترة شهرين دون ان  يشعر الموظفون المتورطون بأي شيء كي لا يهربوا أو يتواروا عن الأنظار بعد الفرار بالمبالغ التي جنوها، ليتم الإكتشاف وبشكل حاسم أن عمليات إختلاس فعلية حصلت على مدار سنوات فتم الإدعاء عليهم وسحبهم من مكان عملهم وتوقيفهم في سجن بعبدا ومن المنتظر أن يصدر الحكم النهائي في مطلع الشهر المقبل.

مع العلم أن الشركة  طردتهم من وظائفهم دون دفع أي تعويضات نهاية خدمة وأي مستحقات مالية أخرى وهذا حق للشركة يكفله القانون بحكم أن المتورطين إستغلوا مراكزهم لإساءة الأمانة والتزوير.