مرّ عيد الإستقلال اللبناني خلال السنتين الماضيتين مرور الكرام، فالفراغ الرئاسي الذي إستمر لعامين ونصف تقريبا، أرخى بظلاله على هذه المناسبة الوطنية المهمة التي تذكّرنا في كل عام بنضال أجدادنا للحفاظ على هذا الكيان الصغير الذي تصارعت عليه الكثير من القوى والشعوب منذ آلاف السنين.

إلا ان العام الحالي يختلف تماما عن الأعوام السابقة، فبعد إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، وسد الفراغ في كرسي بعبدا .. وتكليف رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري تشكيل حكومة جديدة، بدأت الأجواء المتشنجة بالزوال، وساد جوٌّ من الإرتياح في كافة المناطق اللبنانية، على الرغم من النيران المشتعلة في المنطقة وخاصة في سوريا.

وإذا تنقلنا بين المناطق اللبنانية، إنطلاقا من العاصمة بيروت وصولا إلى كل المحافظات اللبنانية كافة، نجد أن التحضيرات مستمرة على قدم وساق ليوم 22 تشرين الثاني، يوم الإستقلال الذي مازلنا نكافح يوميا للحفاظ عليه وترسيخه على مساحة 10452 كلم مربع ... لذلك قرر العازف والموسيقي اللبناني فادي سعادة إعطاء نكهة خاصة لعيد الإستقلال هذا العام، فقرر مع مجموعة من فرقته الموسيقية إيصال رسالة لكل اللبنانيين في هذه المناسبة من خلال عزف النشيد الوطني من الجو خلال طيرانهم بالمظلات فوق العاصمة بيروت.

ولأن هذه المبادرة تعدّ الأولى من نوعها في لبنان، كان لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع فادي الذي أكد أن "الرسالة من خلال هذه المبادرة أو هذا العمل هي أن في الإتحاد قوّة، وإذا كنّا يدا واحدة فبإستطاعتنا إعطاء أجمل صورة عن لبنان، ولن يستطيع أحد كسرنا ... أضف إلى ذلك أننا إشتقنا كثيرا لنرى عيد الإستقلال كما كنّا نراه سابقا، ولنشاهد عرضاّ عسكريا لجيشنا الوطني في هذه المناسبة الوطنية المهمة .. ولنثبت للعالم اجمع أن لبنان باقٍ رغم كل الصعاب التي يمر بها".

وأشار إلى ان العزف في الجو أمراً إعتاد عليه منذ فترة، حيث كان يقوم دائما بتجارب شخصية لعزف مقطاع موسيقية "وحده" في الجو، لافتا إلى أن "حل أزمة الرئاسة بعد سنوات من المعاناة كانت دافعا له للقيام بعمل ما للمشاركة في أجواء الفرح التي عمّت لبنان كلّه، ولكن المشكلة التي واجهته كانت إقناع أعضاء الفرقة بالعزف خلال بالطيران بالمظلة .. خاصة أن الهبوط بالمظلة كان تجربة جديدة لكل أعضاء الفرقة، وكانوا يشعرون بالخوف والتردد الكبير قبل تنفيذ العمل".

وعن التقنيات التي إستخدمت خلال تنفيذ العمل لإلتقاط صوت وصور واضحة خلال حالة الطيران قال سعادة "عندما كنت أقوم بتجارب مشابهة وحدي كان الامر أسهل بكثير، حيث أن الموسيقى تأتي من مصدر واحد فقط، ومن السهل تحسين الصوت من خلال بعض تقنيات والدمج (Mixing) .. ولكن خلال تجربة النشيد الوطني كانت الأمور أصعب بكثير، لأن مصدر الصوت يأتي من أعضاء الفرقة مجتمعين، وبالتالي فإن عملية إلتقاط صوت واضح في الهواء أمر بالغ الصعوبة، فإضطررنا لإجراء عملية (Mixing) بإدخال موسيقى النشيد الوطني التي قمنا بعزفها على الأرض إلى صور الفيديو التي تم إلتقاطها في الهواء، مع الإبقاء على مصدر هواء من كاميرا واحدة فقط لتظهر الأمور متناسقة".

وأضاف "التصوير تم من خلال 5 كاميرات "Go Pro" بتقنية "HD"، والصعوبة كانت بأن ربّان المظلة المرافق لكل عضو من الفرقة (Pilot) كان مضطرا للتصوير وقيادة المظلة في آنٍ معاًّ، وهذا ما أضاف للتجربة صعوبات أخرى .. لذلك أود توجيه تحية شكر لهم جميعا على المشاركة في هذا العمل وإنجاحه".

وعن ردّة فعل الناس تجاه هذه المبادرة الغريبة قال سعادة ان "تفاعل الناس كان كبيرا وغير متوقع، والفضل يعود للفرقة التي عملت على إنجاح هذا العمل وهم منال نعمة، فاليري زكّا، نبيل أبو عاصي وباتريك مونّس".

وعن المشاريع المستقبلية قال فادي أن هذه التجربة فتحت أمامه الكثير من الأفكار التي سيسعى لتنفيذها مستقبلا في لبنان والخارج، مؤكدا أنهم يعملون على مشروع جديد للعزف في الجو بمناسبة عيد الميلاد، حيث يحضّرون مفاجأة جديدة للبنانيين.