تستمر أزمة المعاينة الميكانيكية منذ الأول من تشرين الأول الى اليوم دون أي بوادر حلول لإنهاء معاناة المواطنين الذين لا يعلمون مصيرهم بعد تراكم الغرامات عليهم لعدم قدرتهم على دفع رسوم الميكانيك.

وبدأت المشكلة منذ شهر ونصف تقريبا بعد تلزيم عقد المعاينة الميكانيكية لشركة "SGS" بأكثر من 440 مليون دولار على 10 سنوات، وهذا ما سيرفع رسوم المعاينة على الميكانيك على المواطنين، لذلك بدأت إتحادات النقل البري إضرابها أمام مراكز المعاينة الـ4 الموجودة في المناطق اللبنانية، مطالبين بوقف هذه "الصفقة – الفضيحة"، وإعادة هذا القطاع إلى كنف الدولة.

وبسبب التوقف القسري لمراكز فحص ومعاينة الميكانيك عن العمل، أصدرت وزارة الداخلية تعميما لقوى الأمن الداخلي كانت "الأقتصاد" السباقة في نشره امس الواقع في 15 الجاري "طالبتهم فيه بعدم إتخاذ أي تدابير بحق أصحاب المركبات والآليات المتخلفة عن سداد او دفع مستحقات الميكانيك المتوجبة عليهم إعتبارا من تاريخ 1/10/2016 حتى إعادة مباشرة العمل بمراكز المعاينة وصدور أمر لاحق بهذا الشأن.

من جهة اخرى أوصت لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه التي يرأسها النائب محمد قباني بالسماح بتسجيل السيارات المستعملة المباعة وليس الجديدة، سواء من معارض وصالونات السيارات، او من فرد الى فرد، ونقل الملكية، دون إجراء المعاينة الميكانيكية لتلك السيارات حتى إشعار آخر.

ولكن يبقى موضوع تراكم الغرامات على المواطنين من تاريخ 1/10/2016 وحتى اليوم هو المشكلة، إذ لا يمكن شطب هذه الغرامات عن المواطن إلا من خلال مشروع قانون صادر عن مجلس النواب ... فهل سيتحمل المواطن غرامات لا علاقة له بها لا من قريب ولا من بعيد كما حصل عند تغيير جوازات السفر العادية إلى جوازات بيومتريّة خلال العام الحالي؟؟

في هذا السياق أشار رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب محمد قبّاني في حديث خاص لـ"الإقتصاد" إلى أن "مشكلة تراكم الغرامات على المواطنين لا يمكن البتّ فيها في الوقت الحالي، لأن الأمر بحاجة إلى قانون، وبما أن الإعتصام مازال مستمرا في الوقت الحالي فلا يمكن إصدار قانون (مفتوح) .. فهذه الحالة تحتاج لقانون يحدد المدة التي سيتم إعفاء المواطنين خلالها من الغرامات، وهذه المدّة لا يمكن تحديدها إلا بعد إنتهاء المشكلة وفك الإعتصام وعودة مراكز المعاينة الميكانيكية للعمل كالمعتاد".

وفي سؤال عن إمكانية تحميل المواطن هذه الغرامات بعد إنتهاء مشكلة المعاينة قال قباني "نيتنا هي العمل على مشروع قانون لعدم تحميل المواطن هذه الغرامات لأنه لا ذنب له فيها، ولكن لا يمكن حسم هذا الأمر قبل إنتهاء الإعتصام".

ولفت قباني إلى ان "المدير العام للأمن الداخلي أصدر تعميما بعدم إتخاذ أي تدابير بحق المواطنين المتخلفين عن دفع رسوم الميكانيك المتوجبة عليهم منذ بداية المشكلة وهذا أمر يريح المواطن، ونحن أصدرنا توصية أيضا بالسماح بتسجيل السيارات المستعملة ونقل الملكية من فرد غلى فرد دون إجراء معاينة ميكانيكية لهذه السيارات، وذلك لأن عمل المعارض والصالونات التي تبيع السيارات المستعملة توقف منذ بدء الأزمة، وهذا أمر غير مقبول .. كما أن عدم تسجيل السيارات المباعة خلال ثلالثة أيام من تاريخ البيع يؤدي إلى معاقبة كاتب العدل قانوناً، لذلك كان من الضروري إصدار توصية بهذا الشأن".

من الناحية القانونية أكد المستشار المعتمد لدى عدة هيئات دولية، المحامي د. شربل عون عون في حديث لـ"الإقتصاد" أن "تحميل المواطن غرامات لا علاقة له بها هو أمر غير قانوني ومخالف للدستور، وعلى الدولة إيجاد الحل في هذا الامر بطريقة قانونية".

وأضاف "شهدنا هذا العام أمرا مماثلا عندما تم إلغاء جوازات السفر القديمة وإلزام المواطنين تغييرها لجوازات سفر بيومترية، وأجبر المواطن على دفع الرسوم مجددا ... هذه الحالات بشكل عام مناقضة ومخالفة للدستور اللبناني، ولا يجب تحميل المواطن الأعباء، بل على الدولة إيجاد الحلول المناسبة إما من خلال مشروع قانون أو وسائل أخرى تجدها مناسبة".

ولفت د. عون إلى أن "المواطن يحق له رفع دعوى على الدولة امام القضاء في تلك الحالات، والقضاء سيحكم لصالحه دون شك .. ولكن المواطنين لا يقومون بهذا الأمر لأنهم يعتبرون بأن الحالة لا تستحق اللجوء إلى القضاء وأن المبلغ المالي صغير، ولكن إذا قمنا بإحتساب عدد المواطنين الذين سيدفعون غرامات إضافية لا علاقة لهم بها، سنجد بأن المبلغ أصبح كبيراً".

تبقى الأمور غامضة حتى اللحظة في هذا الملف، وتستمر الغرامات بالتراكم على المواطنين "حتى إشعارٍ آخر !!" ... فهل يتم حل هذه القضية قريبا لصالح المواطن ؟ أم أنه سيتحمل أخطاء الدولة من جيبه الخاص كما في كلّ مرة ؟؟