شخصيتها تأسرك بهدوء صوتها، واتزان كلامها، ولباقة حوارها. هي امرأة عصامية، بنت نفسها بنفسها، وتسلّحت بالطاقة والديناميكية، وبطموحات واسعة، فتمكنت من حجز مكانتها الخاصة، وطبع بصمتها المميزة والأصيلة في عالم الانترنت، وذلك من خلال 3 شركات ذات سمعة رفيعة، أسهمت في ايصال المحتوى الالكتروني العربي الى الملايين من المتابعين.

"الاقتصاد" التقت مع مؤسسة "Ounousa"، "Sohati"، و"Loolia"، إلسا عون، للحديث عن أبرز مراحل مسيرتها المهنية، ورؤيتها لواقع المرأة في لبنان.

- أخبرينا عن خلفيتك الجامعية، ومن أين انطلقت مسيرتك المهنية؟

حصلت في العام 2004، على إجازة في هندسة الاتصالات من "المدرسة العليا للمهندسين" في بيروت التابعة لـ"جامعة القديس يوسف"، "USJ"، وعلى ماجستير في الإدارة من جامعة "HEC" في العاصمة الفرنسية باريس، عام 2007.

وخلال تواجدي في فرنسا، فكّرت مع صديقي، الذي أصبح بعد فترة زوجي، بفكرة اطلاق موقع الكتروني؛ اذ أننا لاحظنا هناك، وجود العديد من المواقع المتعلقة بالمرأة، والتي تعرض المواضيع على شكل مجلة، ولكنها مقتصرة فقط على الانترنت.

لذلك نظرنا الى المنطقة العربية، ولاحظنا أن عدد المواقع قليل، وغالبيتها من المنتديات، كما أن المحتوى باللغة العربية شبه مفقود، فقررنا حينها تأسيس هذا المشروع.

وفي العام 2009، أطلقنا "أنوثة" من فرنسا، بطريقة مبسّطة للغاية، وعملنا على تطوير الموقع الالكتروني، وركّزنا على المحتوى، لأننا كنا بحاجة الى أشخاص يكتبون باللغة العربية، لذلك تعاونا مع عدد من المحررين، من طلاب الجامعات. وكنا نعمل بطريقة فعالة عن بُعد، لأن كل الملفات كانت تصلنا عبر البريد الالكتروني، ولدى زيارتنا الى لبنان، كنا نجتمع مع المحررين.

موقع "أنوثة" كان من بين أول من أطلق صفحة خاصة على موقع "فيسبوك"، اذ أننا بدأنا نرى مدى اهتمام الناس بمواقع التواصل الاجتماعي، ونلتمس تأثيراتها على موقعنا. ومع الوقت، توسّعت الصفحة، وعمدنا بدورنا الى توسيع الشركة. لذلك قررنا العودة الى لبنان، من أجل التركيز بشكل أكبر على العمل.

وفي الوقت ذاته، كنّا على اتصال مع أصدقاء لهم خلفية في الطب، ورأوا نجاح "أنوثة"، وانتشاره في بلدان عدة، كما شعروا بالنقص في المواضيع الخاصة بالصحة، والقادمة من مرجع موثوق. لذلك قررنا في العام 2013، اطلاق موقع "صحتي"، الذي يقدم موسوعة صحية، وصحيحة 100%، عن المواضيع المهمة كافة.

أما بالنسبة الى "لوليا"، فخلال العمل على المواقع الالكترونية، لاحظنا أن القراء يحبون رؤية بعضهم البعض، كما أن طريقة عرض المحتوى، تغيّرت الى حدّ ما، وبدأت الفيديوهات تشقّ طريقها بشكل كبير، وخاصة تلك المصوّرة في المنازل، لادلاء الرأي حول موضوع معين. لذلك قررنا في "لوليا"، التعاون مع المدوّنين لكي يشاركوا أفكارهم مع المشاهدين.

- ما هو برأيك سر نجاح "أنوثة"؟

هناك عوامل عدة أسهمت في نجاح "أنوثة"، فنحن كنا من أول الأشخاص الذين أدركوا أهمية مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك عملنا على توسيع وتثبيت الموقع الالكتروني، ولكن في الوقت ذاته ركزنا كثيرا على صفحتنا على "فيسبوك"؛ وبالتالي باتت "أنوثة" اليوم تتكل على وسائل التواصل.

من ناحية أخرى، نحاول دوما تقديم المواضيع الجميلة والجديدة، والمكتوبة بطريقة صحيحة، لأننا نهتم كثيرا بالمصداقية.

وبالتالي فإن هذه العوامل ساعدتنا على التوسع، وعلى الحفاظ على قاعدة قرائنا. فنحن يهمنا كثيرا أن يتفاعل القراء معنا، ويقدموا لنا الآراء حول المحتوى الموجود.

- كيف تواجهين المنافسة الواسعة الموجودة اليوم في عالم المواقع الالكترونية؟ وما الذي يميز "أنوثة"، "صحتي"، و"لوليا" عن غيرها؟

من الطبيعي أن نجد عامل المنافسة في هذا المجال، خاصة مع وجود المجلات الورقية التي كانت مسيطرة، منذ فترة طويلة، على وسائل الاعلام باللغة العربية، والتي قررت الدخول الى عالم الانترنت، والاستفادة من عدد أكبر من القراء.

لذلك من المهم جدا الحفاظ على الابتكار، ومواكبة أحدث التكنولوجيات الموجودة، والبقاء دوما على المستوى ذاته من الكتابة، وتقديم الأمور الجديدة والمتنوعة.

- هل تعتبرين أن المنافسة عامل إيجابي وصحي في مجال الأعمال؟

المنافسة مهمة للغاية، وقليلة هي المجالات التي لا تحتوي على منافسة، فالعمل الناجح سيشجع غيره على المحاولة.

لكن المنافسة إيجابية حتما، لأنها تدفعنا الى التحسن، والتركيز على تقديم الأمور الجديدة، للمحافظة على قاعدة قرائنا؛ وبالتالي فإن هذا الواقع يدفعنا الى الأمام. ولولا وجود المنافسة لما تطورنا الى هذا الحد.

- ما هي الصعوبات التي تواجهك في عملك؟

الصعوبات كثيرة، منها ما يتعلق بالمعاملات الرسمية في لبنان، والإجراءات الطويلة بسبب العرقلات في الدوائر.

من جهة أخرى، أسعار الانترنت في لبنان مرتفعة للغاية، وفي حال انقطاع الخدمة، لا نتمكن من نشر مقالاتنا.

- على الصعيد الشخصي، ما هي الصفات التي ساعدتك على التقدم في مسيرتك المهنية؟

ما أقوم به لا يتعلق أبدا بتخصصي الجامعي، لذلك أعتقد أن نجاحي هو ثمرة فضولي، وحبي لتقديم الأمور الجديدة، وبالطبع المثابرة والإصرار! فأنا شخص منشد بالكمال، وأحب القيام بكافة الأمور على أكمل وجه.

- هل تحصلين على الدعم في مسيرتك المهنية من "الرجل" الموجود في حياتك؟

لولا وجود والدي وزوجي الى جانبي، لما تمكنت من الوصول الى ما أنا عليه اليوم! فزوجي هو صديقي وشريكي في العمل، وبالتالي يدعمني دوما.

وبعد أن توسّعت "أنوثة"، و"صحتي"، و"لوليا"، قرر أن يترك عمله، وأن يتفرغ للعمل بدوام كامل معنا؛ اذ أننا شعرنا معا بأهمية أن يعطي الانسان كل وقته واهتمامه لعمله ومشروعه الخاص. وأعتبر أن نجاحي الشخصي يتمثل في قدرتي على تشجيع زوجي على الانضمام الينا!

- كيف تمكنت من تحقيق التوازن بين العمل والعائلة؟

والدتي كانت امرأة عاملة، لذلك تربيت على أساس أن المرأة تستطيع أن تعمل وتهتم بزوجها وأولادها ومنزلها في الوقت ذاتها. وبالتالي فإن والدتي كانت مثالي الأعلى في هذا الموضوع.

وأعتقد أن العامل الأساسي للتوازن، هو دعم الزوج، فاذا كانت المرأة مضطرة الى التنسيق بين الحياة والعمل، والى اقناع زوجها بأن عملها مهم بالنسبة لها، باتت بالنهاية في ساحة حرب على جبهات عدة. ولكن اذا نالت التشجيع منه، ستكون الأمور أسهل عليها.

انما الأهم أن تكون المرأة منظمة، وأنا بنفسي أعتقد أن السند العائلتي مهم وأساسي، خاصة عندما تصبح المرأة أم.

- ما هي طموحاتك المستقبلية؟

طموحي أن تكبر وتتوسع المواقع الالكترونية التي أسسناها من الصفر، وأن تنافس المواقع الخاصة بالشركات الكبيرة.

ولا بد من الاشارة الى أن عملي هو بمثابة شمعة أمل، ورسالة تحفيز، تدل على أن الانسان يستطيع الوصول، حتى ولو لم يكن تابعا لشركة وأسماء كبيرة.

لذلك فإن طموحي اليوم هو أن تتوسع شركاتي أكثر فأكثر، وتحقق المزيد من النجاحات. واذا حصلت على بعض الوقت في المستقبل، من الممكن أن أؤسس شركتي الرابعة.

- بالاستناد الى مسيرتك المهنية الخاصة، ما هي النصيحة التي تقدمينها الى المرأة اللبنانية؟

المرأة اللبنانية شجاعة، وتتمتع بميزات عدة، لذلك عليها التركيز على تنمية ثقافتها.

وعلى الصعيد الشخصي، تمكنت من توسيع نطاق تفكيري الى حد ما، لأنني سافرت وعشت لفترة طويلة خارج لبنان، وبالتالي باتت لدي فكرة أوسع عن العالم. لذلك أنصح كل امرأة أن تسافر وتتعرف على الحضارات المتنوعة لكي ترى طريقة تفكير الأشخاص من بيئات مختلفة. فلبنان في النهاية هو بلد صغير، والمرأة المتواجدة فيه ستتعرض الى الكثير من الضغوط بسبب المجتمع. لكن عندما ترى أن هناك من يعيش بطريقة مختلفة سوف تسعى الى التغيير بشكل أكبر.

أنصح المرأة أن تنفتح أكثر على العالم، وتسعى دوما الى تحقيق أحلامها، فهي تتمتع بكامل القدرات، من ثقافة وتعليم، وبالتالي تستطيع أن تحقق نفسها بنفسها، دون الخضوع الى قيود المجتمع.