أشارت دراسة نفسية حديثة نشرها جورنال "أوف أبلايد سيكولوجي"، الذي يصدره جمعية علم النفس الأميركية، إلى أن الدقائق الأولى من يوم العمل تكون حاسمة في مدى إنتاجية الشخص للساعات الـ8 التالية، كاشفة النقاب عن كيفية تجنب تلك المخاطر وإعداد النفس للنجاح.

وأوضحت الدراسة أن من بين الأخطاء التسع، الوصول إلى العمل في وقت متأخر، والانهماك في الرد على الرسائل الواردة في البريد الإلكتروني، التي يمكنها أن تصيب الشخص بالتشويش وصعوبة التركيز لبقية اليوم.

ووفقا للدراسة يجب أن تخصص ساعات الصباح الباكر للمهام التي تتطلب اهتماما خاصا وتركيزا، مثل الكتابة، ويفضل تحديد موعد الاجتماعات في أوقات انخفاض الطاقة مثل ما بعد منتصف النهار.

وأكد الباحثون أن الوصول للعمل في وقت متأخر يمكن أن يفسد اليوم حتى من قبل أن يبدأ، فضلا عن النظرة الدونية التي ينظر بها أصحاب العمل لهؤلاء الموظفين حيث يعتبرونهم منعدمو الضمير، بل ويعطونهم أدنى التقديرات فيما يتعلق بمعدلات الأداء المهني، حتى وإن استمر الموظفون في العمل لساعات متأخرة.

ووفقا للدراسة، يكمن الخطأ الثاني في عدم إلقاء التحية على زملاء العمل، وهو ما يضفي جوا مريحا بين زملاء العمل لمجرد أن عنى الشخص بتحيتهم.

ويأتي الخطأ الثالث في تناول القهوة بمجرد الوصول إلى العمل، حيث تشير الأبحاث إلى أن أفضل وقت لشرب القهوة هو بعد الساعة التاسعة والنصف، وذلك لأن هرمون الكورتيزول المعروف بهرمون الإجهاد والمنظم للطاقة، يرتفع بين الساعة الثامنة والتاسعة صباحا.. فعند تناول القهوة خلال هذا الوقت، يميل الجسم إلى التقليل من إنتاج الكورتيزول.

وأوضحت الدراسة أن الخطأ الرابع يكمن في قيام الشخص بالرد على جميع الرسائل الواردة في البريد الإلكتروني بمجرد وصوله للعمل، مؤكدة ضرورة قضاء الشخص أول 10 دقائق فقط من يوم العمل في فحص سريع لرسائل البريد الإلكتروني وترتيبها حسب الأولوية.

وقال الباحثون "تميل طاقة الإنسان وقوة إرادته إلى التراجع بمرور ساعات العمل لذا وجب وضع جدول زمني وتدوين أهم الأولويات للمهام الواجب إنجازها على مدار اليوم، فحين يمثل القيام بالمهام السهلة أولا الخطأ السادس وتعدد المهام يأتي كالخطأ السابع، حيث يشعر الإنسان أن لديه الكثير من الطاقة في الصباح"، إلا أن الدراسة تشير إلى أن عدد المهام يمكن أن يؤثر على أداء الإنسان لمهمته الأساسية، فمن الأفضل أن يفعل شيئا واحدا في كل مرة.. وتنصح الدراسة بأهمية ضبط الإيقاع الإيجابي لليوم من خلال التركيز على مهمة واحدة في أول 10 دقائق.

ويدور الخطأ الثامن حول الانشغال بالتفكير في الأفكار السلبية لذلك، تنصح الدراسة بألا يدع الإنسان تلك التجارب أن تصرف انتباهه وتلهيه عن المهام التي يجب القيام بها في يومه، مشددة على ضرورة قيام الشخص بتنحية الأفكار السلبية جانبا أثناء ساعات العمل.

ويكمن الخطأ التاسع والأخير في عقد اجتماعات في بداية اليوم، حيث تقول الدراسة إن الجلسات الصباحية يمكن أن تكون مضيعة لموارد الإنسان المعرفية.

نمِّ إرادتك... حزمٌ وعزمٌ وتصميم

الإرادة ميزة أساسيّة يتّصف بها الإنسان، فإن عرف استثمارها سهّلت له المصاعب وجعلته يبلغ أهدافه بسرعة وأبرزته بين معارفه. ما هي الوسائل المساعدة على تنمية هذه الميزة؟

لا أحد يحب الفشل في أيّ حقل كان، وغاية الإنسان هي النجاح والتفوّق للوصول إلى هدفه، والهدف يبدأ بفكرة أو بحلم يتبعهما التخطيط الصحيح، ثمّ يأتي الجهد والتعب والتضحية. متى اكتملت هذه المواصفات، يصبح قطف الثمار دانياً.

في جميع هذه المراحل تكون للإرادة الكلمة الفصل، فإن كانت عزيمتنا ثابتة فإننا سنبلغ هدفنا المنشود واثقين من النجاح، وإن كانت عزيمتنا واهية فإننا سنرى أحلامنا تتساقط واحدةً تلوَ الأخرى! ويقول عمرو بن يحيى في هذا الاطار: الحزم قبل العزم فاحزمْ واعزمْ / وإذا استبان لك الصوابُ فصمّم.

ما هي الإرادة؟

الإرادة هي تصميم داخليّ وشعور بالاندفاع لتحقيق أمرٍ ما، وهي القوّة التي تدعم صاحبها على الاستمرار رغم مختلف الظروف الصعبة التي يمرّ بها.

وفي حال فشل الشخص أو أخطأ أثناء مسيرته، فإنها تشجّعه على المثابرة وعدم تكرار الخطأ ليبلغ مراده. ولا ننسى أن عماد الإرادة القوية صفتان وهما الصبر والشجاعة، وكما قال المتنبي: على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ وتأتي على قدر الكرام المكارمُ.

كيف ننمّي إرادتنا؟

يجمع الاختصاصيون على أن تنمية الإرادة تحتاج الى تمارين لتتقوى كما يفعل الشبّان لتقوية عضلاتهم! وثمة خطوات عملية على الشخص الالتزام بها ليغدو صاحب عزيمة لا تكلّ:

1 تدريب الذات: أجبر نفسك على القيام بأمور جيدة لكنك لا تحبّها إن في المنزل أو في مكان عملك أو في الطبيعة. إذا كنت مثلاً لا تهتمّ بترتيب غرفتك ابدأ منذ اليوم بفعل ما يلزم، وإذا كنت لا تحبّ رياضة المشي قم يومياً بالسير على قدميك عدة دقائق، وإذا كنت تجلس محدودباً إلى مكتبك فاجعل جسمك مستقيماً، وإذا كنت لا تحبّ بعض أنواع الطعام فغيّر عادتك وتناول ما لا يحلو لك، واذا كنت لا تستيقظ بسهولة عند الصباح حاول النهوض فور سماعك جرس المنبّه، وإذا كنت شرهاً وتحبّ الأكل احرم نفسك من إحدى الوجبات اليوميّة.

2 الصبر: تعلّم كبت مشاعرك ولا تدع الانفعال يسيطر على تصرّفاتك. كن كالأم التي تعلّم طفلها المشي على قدميه. فهو يتعثر عند كلّ خطوة لكنها لا تني وتعاود تعليمه مرّات عدة والفرح بادٍ على وجهها. اضبط نفسك وفكر بردود الفعل قبل القيام بها فإن هذا الأمر يحميك ويخفف من المشاكل.

3 الثقة بالنّفس: متى عزمت على أمر فامضِ ولا تتردّد. كن ثابتاً في موقفك وثابر على ما تقوم به، فالأعمال لا تتحقّق بالتمنيات إنما بالإرادة التي تصنع المعجزات. ستواجه في طريقك عقبات كثيرة وتحديات كبرى فلا تأبه لأنّ لا مستحيل عند أهل العزيمة. لقد قمت بالخطوة الأولى، وهي الأصعب، فتابع طريقك مندفعاً بالأمل وضع ثقتك بنفسك في المرتبة الأولى. 

4 المعاشرة: اجعل من الكتاب صديقاً واقرأ سيرَ العظماء ليكونوا لك مثالاً. عاشر الأشخاص الناجحين في محيطهم وابتعد عن الفاشلين والمتشائمين الذين لا يرون سوى اللون الأسود أمامهم.

5 مجابهة التحدّيات: إذا كنت تريد التخلص من بعض العادات كالتدخين أو البحث الدائم على الانترنت وعلى الفيسبوك، فلا تواجهها دفعة واحدة، بل عليك البدء بواحدة بعد الأخرى ضمن برنامج مدروس تدريجيّاً، واحرص على تقدمك خطوةً خطوة من دون استعجال.

قبل كل أمر تقوم به عد الى نفسك، تعرّف إلى ذاتك أولاً وواجه جميع العوائق بعزم وإرادة شخصية، ولا تخف من المواجهة ولا من الفشل، واقتنع بقول الفيلسوف نيتشه: «ثمّة شخص واحد لم يذق طعم الفشل في حياته: إنه الرجل الذي يعيش بلا هدف».