بعد إنجاز الإستحقاق الرئاسي في نهاية الشهر الماضي وإنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، تسير الأمور بسلاسة على ما يبدو في ملف تشكيل الحكومة الجديدة بعد تكليف الرئيس سعد الحريري بهذا الأمر.. وهذا ما سينعكس إيجابا على الاجواء بشكل عام، وعلى ثقة الناس بشكل خاص في المرحلة المقبلة.

وإتفق العديد من الخبراء والمحللين الإقتصاديين على أن إنجاز هذه الإستحقاقات ستشكل بدون أدنى شك صدمة إيجابية للإقتصاد الوطني، وخاصة ثقة المستهلك والمستثمر التي تتأثر مباشرة بالأحداث السياسية والأمنية، إيجابية كانت أو سلبية، لكنهم أكدوا أيضا بأن هذه الإستحقاقات يجب أن تتبع بسلسلة إصلاحات وبوضع خطة وإستراتيجية إقتصادية واضحة للعودة إلى السكة الصحيحة من جديد وتحقيق نسب النمو المطلوبة.

فما هو المطلوب اليوم بعد الإنتهاء من المعضلة السياسية التي إستمرت سنتين ونصف؟ وما هي القطاعات التي ستتأثر مباشرة بالصدمة الإيجابية التي حققها إنجاز هذا الإستحقاق؟ هل سنشهد موسم أعياد مميز نهاية العام؟ وماذا عن عودة للسياح الخليجيين إلى لبنان ؟ هل سيرى قطاع النفط والغاز النور قريبا؟ ... أسئلة كثيرة أجاب عنها الخبير الإقتصادي د. لويس حبيقة في هذه المقابلة مع "الإقتصاد".

- بداية، ما هي القطاعات التي ستتأثر مباشرة وبشكل سريع بالصدمة الإيجابية التي حققها إنجاز الإستحقاق الرئاسي؟

الإستحقاق الرئاسي شكّل صدمة إيجابية "نفسية" إذا صحّ التعبير، حيث نلاحظ بأن هناك إرتياح عام لدى الناس بعد الإنتخابات الرئاسية .. فالموضوع يتخطى شخص الرئيس، ويثبت أننا مازلنا نملك جمهورية حقيقية، وهذه الجمهورية عاد إليها الرأس، وبالتالي ستصبح الأمور أفضل.

أهم ما حققه إنتخاب الرئيس اليوم هو أنه أوقف النزيف الذي كنّا نعاني منه على مدى سنتين ونصف، وكبح المنحى الإنحداري، والأن سنبدا بالصعود تدريجيا.

وما سنلاحظه أيضا على المدى القصر هو إرتفاع القدرة الإنتاجية للمواطن اللبناني، فاللبنانيون عاشوا فترة إحباط وعدم إستقرار أثرت على عطائهم في العمل، فإنخفضت إنتاجية الفرد إلى حوالي 60% من طاقته الفعلية .. ولكن الأن سترتفع هذه النسبة لتصل إلى 80%.

بدأنا أيضا نسمع عن شركات لبنانية وغير لبنانية تعتزم الإستثمار في السوق اللبناني، وبالتالي فإن الحركة الإستثمارية ستبدأ بالتحسن، مما سيخلق عدد لابأس به من فرص العمل التي نحن بأمس الحاجة إليها.

ويجب أن لا ننسى بأن الإقتصاد اللبناني إقتصاد صغير نسبياً، وبالتالي فإن ضخ مليارين أو ثلاثة مليارات جديدة في الأسواق ستحرّك الإقتصاد بشكل كبير، أضف إلى ذلك ان هناك أكثر من 150 مليار دولار موجودات في المصارف اللبنانية يمكن الإستفادة منها.

إذا بإختصار، الإقتصاد سيتحرك بشكل سريع، وسيعود الوضع الإقتصادي إلى ما كان عليه قبل الأزمة السياسية بالحد الأدنى ، خصوصا إذا إستكملت الخطوات المقبلة بدون عراقيل، كتشكيل الحكومة وإجراء الإنتخابات النيابية بموعدها. 

- هل يكفي برأيك حلحلة الأمور السياسية فقط لتحريك العجلة الإقتصادية؟ ألسنا بحاجة لخطة أو إستراتيجية إقتصادية متكاملة للنهوض والعودة للسكة الصحيحة؟

خطاب الرئيس يوم أمس كان خطاباً مهماً جدا خاصة أنه ركّز على ضرورة إستئصال الفساد وملفي الكهرباء والماء والطرقات .. وهذا يوضح نيّته بالتغيير إلى الأفضل.

ولكن لا شك بأن الرئيس وحده لا يستطيع القيام بذلك وهو بحاجة لحكومة تواكبه .. ولكنه يوجّه بهذا الإتجاه، وبالتالي فإن الأمور ستحتاج فقط لخطوات تنفيذية للبدء بالعمل الفعلي.

وأعتقد بأنه إذا تم تشكيل الحكومة سريعا، فإننا سنلاحظ تغييرات واضحة في الكثير من القطاعات ومنها الكهرباء والماء والإتصالات، لان هذه القطاعات مشكلتها إدارية أكثر من أنها مشكلة نقص بالمعامل او القدرة... وبالتالي فإن تحسين هذه الامور سيؤثر بشكل إيجابي جدا على المواطن اللبناني .. خاصة وأن اللبناني لا يحتاج إلى عجائب، بل هو بحاجة إلى تأمين بعض الخدمات الأساسية وتخفيف الأعباء عن كاهله.

هناك بعض الأمور والمشاكل الأخرى في قطاعات مختلفة تحتاج إلى وقت، ولكن مع الإدارة السليمة والإرادة الفعلية لا يوجد شيء مستحيل.

- ماذا عن ملف النفط والغاز؟ هل سنشهد تقدّم كبير في هذا القطاع خلال العهد الجديد؟

لا شك أن هذا الملف سيتقدّم مع العهد الجديد، وقد أشار الرئيس إليه في خطابه أمس .. ولكن هذا القطاع يحتاج للكثير من الوقت، ولن نستطيع بدء الإنتاج قبل سبع سنوات، وبالتالي لا يمكن الإعتماد عليه لتحسين الكهرباء والماء وإصلاح الطرقات .. بل يجب إتخاذ خطوات فعلية وسريعة لتحسينها.

اللبناني اليوم يريد نتائج سريعة، والمؤيد لشخص الرئيس أو غير المؤيد له يأمل بأن ينعكس هذا الحدث إيجابا على أوضاعه المعيشية والإقتصادية، لذلك لا يجب التعويل على قطاع النفط والغاز في المرحلة الحالية.

- هل تتوقع أن نشهد موسم أعياد جيّد نهاية هذا العام؟ وماذا عن السياح الخليجيين؟

لا شك اننا سنشهد موسم إعياد جيّد، وأعداد كبيرة من المغتربين خلال شهري كانون الأول وكانون الثاني .. ولكن فيما يتعلّق بالسائح الخليجي فالأمر يحتاج إلى بعض الوقت، خاصة وأن الخليجيين يحتاجون لأجواء اكثر إطمئناناً.

أعتقد بأن نجاح تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة سعد الحريري ستساهم بتحسين العلاقات مع دول الخليج، وبالتالي سنشهد عودة للسياح الخليجيين بدءا من الصيف المقبل.

- كم ستبلغ نسب النمو برأيك نهاية العام الجاري بعد إنتخاب الرئيس؟

العام الحالي شارف على النهاية، وتأثير الإنتخابات على نسب النمو لن تكون كبيرة لانه لا يوجد وقت كافٍ لذلك .. ولكن نسب النمو الفعلية ستتراوح بين 1 و 1.5% كحد أقصى.