مشنقة ​سلسلة الرتب والرواتب​ لا تزال حتّى الآن معلّقة بين الحكومة وموظّفي القطاع العام. فالوضع كيفما دار لن يناسب الـ55.2مليار دولار أميركي، التي تستدينها دولتنا الكريمة-بعد ارتفاعه 1.6 مليار دولار اميركي خلال النصف الاول من العام-أإن كان من ناحية زيادة الديون عليها، أو من جهة جيوب هؤلاء الموظّفين "الجافّة".

اقترحت الجهات المعنيّة بموضوع سلسلة الرتب والرواتب أربعة حلول منذ بداية هذه الازمة حتى الآن، وهي تجزئة السلسلة الى ثلاثة مراحل، أو تقسيطها على ثلاث سنوات، أو خفض 15% من قيمة زيادتها، أو فتح باب الحوار حول هذا الموضوع لفترة أطول.

يؤكّد ​الخبير الاقتصادي​ ​إيلي يشوعي​ لـ"النشرة الاقتصاديّة" أنّ إقرار هذه الحلول الموضوعة أمام موظّفي القطاع العام، ما هي إلاّ مصالح شخصيّة، لاّصحاب القرار "الغير تكنوقراطيين" في البلاد، معتبراً أنّ  تجزئة السلسلة الى ثلاث مراحل أو تقسيطها الى ثلاث سنوات-وهو ما أشاعته مصادر مقرّبة من الحكومة اليوم بعد إقرارها-سيحرم الموظّفين الذين يبلغ عددهم180 ألف موظف ومتعاقد، دون قطاعيّ الجمارك و الاتصالات، من الاستفادة الفوريّة لهذه الرتب والرواتب، فضلاً عن الارتفاع المستمرّ لمعدّل التضخّم برأي يشوعي والذي سيؤدّي بدوره الى خسارة "مالية فادحة" لهؤلاء العمّال، حيث سترتفع بطبيعة الحال غلاء المعيشة. في حين أنّ قيمة السلسلة التي أٌقّرت ستصبح غير مناسبة للسنوات المقبلة. وهنا يقول أنّ "عمليّة التجزئة أو التقسيم لا يجوز أن تتجاوز العام الحالي، لكي لا تضطّر الدولة لتعويض خسارة الموظّفين، أو إقرار مفعول رجعي جديد."

في نفس السياق يوضّح أنّ خفض 15% من قيمة 60% زيادة على الرتب والرواتب، لتصل القيمة الى 45% زيادة فقط، سوف تضع الموظّفين أمام نفس حلقة غلاء المعيشة. وهو ما تُقرّ الزيادة بسلسلة الرتب والرواتب لأجله، مشيرا الى أنّ بيروت هي أغلى عاصمة معيشة في الشرق الاوسط، وبالتالي لا يتحمّل وضع المواطنين الانتظار لفترة أطول، ريثما تنتهي أبواب الحوار.

من جهة أخرى كان وزير المال محمد الصفدي قد اقترح أن تموّل الحكومة هذه السلسلة من خلال زيادةالضرائب على كلّ من الارباح العقارية، والفوائد المصرفيّة، والقيمة المضافة.

   يوّضح يشوعي هنا، أنّ الديون اللبنانية لا تستوعب زيادة عببْ على كاهلها. وخاصّة أنّ كلفة السلسلة ستتجاوز الـمليار و200مليون دولار أميركي، لافتاً الى أنّ الحلّ الأسرع والمتاح حاليّاً يكمن في معالجة النفقات وليس الواردات، لا سيما بزيادة الدور الاستثماري للبلاد، عبر العقود الرسمية بين الدولة والقطاع الخاصّ.

ويحذّر عبر "النشرة الاقتصاديّة" من زيادة الضرائب على أي قطاع، مشيراً الى أنّ المطلوب هو مساعدة هؤلاء الموظّفين وليس زيادة مشاكلهم المعيشيّة، قائلا أنّه "هناك قاعدة فرنسية قديمة تشير الى أنّ زيادة ​الضرائب على القيمة المضافة​ تسهم بانتشار الفساد والرشاوى، فضلاً عن التهرّب منها. كما أنّ ما يُحكى في لبنان عن امكانيّة زيادةهذه الضرائببنسبة 2%، خاصّة على الفوائد المصرفية والبيوعات العقارية،هو أمر مرفوض، حيث عمدت الحكومة على زيادة رسوم إضافيّة على استهلاك الكماليات، معتبرةً أنّ رخص البناء، وفواتير بعض الاتصالات المتأخّرة، هي من الثانويات في حياة اللبنانيّّ، ممّا سيسهم في ركود الوضع الاقتصادي أكثر، بعد تدهور العديد من إمكانيات الشركات والمصارف، وتراجع الاستهلاك، وبالتالي تراجع النمو."

  ونلفت هنا الى أنّ قاعدة  "​الاثر المضاعف​" لخفض الضرائب، توضّح أنّ ارتفاع الضرائب للبلاد بنسبة 1% يؤدّي بالمقابل الى انخفاض النمو بنسة 2%، حيث أنّ هذه الزيادة بالسلسلة ستزيد عجز الموازنة بنحو10%،  مما يهدّد تصنيفنا الائتماني.