لا تسمح لأحد بالقول عنها أنها ليست من الشركات الطموحة، ذلك أن "أوبر" لم تكتفي بقلب عالم سيارات الأجرة رأساً على عقب، ولا بتطويرها نظام السيارات ذاتية القيادة، ولا بتوصيلات "الدليفري" باستخدام الروبوت ذو الـ18-عجلة، وتضع الشركة نصب أعينها مجموعة أهداف أعلى شأناً.. هي تسعى لبناء نظام للطيران في المناطق الحضرية على الطلب، نظاماً سيغير عالم المواصلات ويطرح حلولاً لمشاكل النقل والمواصلات.

وقد جعلت الأحاديث، المتداولة مؤخراً، فكرة السيارات الطائرة فكرة ًمنافية للعقل وغير قابلة للتطبيق، لكن الشركة الأميركية، على ما يبدو، تظهر جدية بالغة حول مشروعها المستقبلي. هي ذهبت الى حد نشر ورقة بيضاء تسرد فيها تفاصيل طموحاتها حول ما اسمته "اوبر الحاملة" (Uber Elevate).

"تماماً كما أتاحت ناطحات السحاب للمدن استخدام الأراضي المحدودة بشكل أكثر كفاءة.. سيستخدم النقل الجوي المدني المجال الجوي ثلاثي الأبعاد للتخفيف من ازدحام المواصلات على الأرض"... يبدو وكأن "اوبر" تحلم بما سوف تكون عليه الحياة مستقبلاً بوجود هذا النوع من السيارات. اذ عندما يتعلق الامر بالقدرة على السير على عجلة، فالامر ليس كافياً نسبة الى تطور طرق العيش، فيما يأتي التصور الجديد لـ"أوبر" ليلبي الحاجات المتنامية من خلال تكتولوجيا أكثر تطوراً.

رؤية "اوبر" للمستقبل:

وقد عرضت "أوبر" أمس رؤية لنظام نقل مستقبلي بغية التخفيف من زحمات السير في المدن. وترسم الشركة في تصوراتها للمستقبل رحلات ستقوم على "شبكة من الطائرات الكهربائية الصغيرة التي تقلع وتهبط عموديا." وأوضحت الشركة في دليل إرشادات يمتد على 100 صفحة تقريبا أن "خدمة الطيران عند الطلب في وسعها تحسين حركة النقل في المدن بطريقة ملحوظة، من خلال تجنب خسارة الوقت في الرحلات التقليدية".

وأضافت "من شأن شبكة آليات كهربائية صغيرة تقلع وتحط بطريقة عمودية ... أن توفر نقلا سريعا وموثوقا بين المدن وضواحيها". ويقوم هذا النظام على آليات عمودية الإقلاع وهو نموذج وسطي بين السيارات الطائرة والمروحيات الصغرى محط أبحاث "في حوالى 10 شركات".

ومن المفترض أن تعمل هذه المركبات بدفع كهربائي لتفادي التلوث و"إزعاج الجيران" بسبب الضجيج الصادر عنها، خلافا للمروحيات الحالية. ويمكن في المستقبل البعيد تزويدها بتكنولوجيات القيادة الذاتية "لتخفيف خطر وقوع خطأ بشري يرتبكه الطيار".

وتقلع هذه الآليات وتهبط وتشحن في مواقع خاصة للمركبات العمودية الإقلاع يمكن اقامتها على سطوح المباني أو في المواقع المخصصة أصلا للمروحيات أو في أراض غير مستخدمة. وتوقعت "أوبر" أن يتحول هذا النظام حقيقة "في خلال العقد المقبل"، في حال تعاونت على تطويره جميع الجهات المعنية.

كما قالت الشركة "نتوقع أن يصبح هذا النظام وسيلة نقل يومية ميسورة الكلفة لعامة الجمهور وحتى أقل كلفة من السيارات التقليدية على المدى الطويل".

ولكن كما أن "اوبر" لم تصنع السيارات التي يستخدمها سائقوها اليوم، فهي لا تسعى لتصنيع هذه المركبات الطائرة أيضاً. وبدلا من ذلك تشير الشركة إلى شركات أمثال "Zee.Aero"، "Joby Aviation"، " eHang"، و"Terrafugia" وغيرها من الشركات القادرة على رسم المفهوم الذي على أساسه يمكن تصميم هذه المركبات.

في الواقع، ترى "اوبر" أن تكنولوجيا هذا النوع من السيارات ستنضج في غضون خمس سنوات. ويوافق مؤسس "غوغل" لاري بيج على هذا الرأي؛ وهو استثمر في وقت سابق هذا العام في شركتين للسيارات الطائرة. لكن لا تزال هناك عقبات يجب تجاوزها قبل أن يحدث ذلك، تجعل من إطار زمني مدته خمس سنوات رؤية مفرطة في التفاؤل.

ولكي نكون منصفين، فإن "اوبر" تدرك هذه العقبات جيداً، ففي دليلها المذكور تشير الى عدد من الامور التي تعبر عن قلق ازاءها مثل: تكنولوجيا البطاريات، كفاءة السيارة، أداء السيارة والموثوقية والتكلفة والقدرة على تحمل التكاليف، والسلامة، ضوضاء الطائرات والانبعاثات، الاقلاع والهبوط، البنية التحتية وتدريب الطيارين والهواء، مراقبة حركة المرور، وعملية التصديق.

وعلى افتراض أن قائمة العقبات جرى التغلب عليها، وهو افتراض فيه مبالغة، يبقى علينا أن ننظر أيضاً الى القضايا التنظيمية. احد اهم الامور مثلاً أنه نادرا ما يستخدم الإقلاع العمودي والهبوط للطائرات خارج العمليات العسكرية. و تقر "اوبر" بذلك وتضيف: "هذه الامور جديدة من حيث التراخيص، ويعد التطور بموضوع التراخيص للطائرات الجديدة تاريخياً عملية بطيئة للغاية."

وبما أن صناعة الطائرات بدون طيار هي مسألة مختلفة تماما وجديدة تماماً. فإن إدارة الطيران الفيدرالية تتوقع خلق قواعد متعلقة بالطائرات بدون طيار التي تحمل الطرود الصغيرة قبل عام 2020. في حين أن السيارات الطائرة ليست مأخوذة بالحسبان اطلاقاً، ما يثير قلق الشركة ايضاً.

وكل ما في الامر أن "اوبر" تعتقد أن "الحاملة" ستتمكن من الظهور على الساحة في فترة الخمس او الـ10 سنوات القادمة. وهذا طموح ضخم، يتاخم حدود اللامعقول. ولكن كما تعلم "اوبر" جيدا، فالامر كذلك مغرٍ على نحو لا معقول.