لا يتوانى رئيس بلدية المنصورية - المكلس- الديشونية وليم خوري أبداً، عن تقديم المساعدة لكل من يقصده، فمكتبه مفتوح دائما أمام الجميع. كما لا يتوارى عن بذل كل ما بوسعه لإعمار منطقته، وإبراز صورتها النموذجية، وتوفير الخدمات اللازمة كافة لسكانها، وبالتالي له الفضل الأكبر في العديد من النشاطات والمشاريع المحققة في السنوات الماضية.إذ إنه أسهم عبر صندوق البلدية بتعبيد الشوارع الداخلية والأرصفة في المنصورية، وبتجهيز صالة متعددة الإستعمالات في دار البلدية. كما ركّز على مشاريع الصّرف الصحي والبنى التحتية، وإنارة الطرقات، ونظّم المهرجانات الصيفية، والمعارض، ودعم النشاطات الفكرية والإجتماعية. فترك بصماته المميزة في كل مكان، وفي كل مشروع، وفي كل شخص من سكان المنطقة.

حبّه لمنطقته وأبنائها برز جليا في السنوات الثماني عشرة الماضية، بسبب كل ما قدمه من جهد وعطاء في العمل الإنمائي. وفي المقابل، هو محبوب من قِبَل الجميع، وهذه الشعبية الكبيرة بيّنت وفاءهاوعرفانها بالجميل له؛ من خلال دعمهالهفي الدورة الأخيرة من الإنتخابات البلدية، وإيصاله إلى الفوز بالتزكية؛ فعندما حاول أحد الأشخاص أن يترشّح ضدّه، قصده الأهالي وأقنعوه بالتراجع.

"الإقتصاد" التقت بالرئيس وليم خوري في مكتبه، وتحدثت معه عن مسيرته المهنية والإنمائية الطويلة والغنية بالأحداث والمواقف:

- من أين انطلقت مسيرتك المهنية؟ وما هي المراحل التي مررت بها حتى وصلت إلى ما أنت عليه اليوم؟

أنا لم أعمل يوماً بهدف الحصول على منصب ما في قريتي، بل لطالما ثابرت بسبب رغبتي في النجاح بعملي في مجال المقاولات. حيث كنت أساعد والدي في الشركة العائلية "المتعهدة"، التي استلمتها بعد وفاته، وسلّمتها منذ فترة إلى إبني.

ولا بد من الإشارة إلى أننا مررنا بأيام صعبة للغاية، لكنني تمكنت من تكوين قاعدة واسعة من العلاقات والمراجع والإتصالات، التي أتاحت لي تحقيق الإستمرارية في العمل مع الناس.

أما على الصعيدين الثقافي والتعليمي، فأنا لم أحصل على شهادات عالية، بل عملت على تثقيف نفسي من خلال عملي على الأرض، وعلاقاتي وأحاديثي ومواقفي مع الناس.

ولكن في جميع المراحل التي مررت بها، هناك بعض الأمور أو المواقف، التي شكّلت تحديا بالنسبة لي، وخاصة خلال فترة الحرب.حيث كانت الصعوبات الكثيرة التي مررت بها تدفعني إلى إعادة ثقتي بنفسي، من أجل الوقوف من جديد؛ فعندما لا نتمكن من القيام بواجباتنا كاملة، معناه أننا وصلنا إلى حافة الإنهيار. وإذا كان لا يوجد تحدٍ، لا يوجد تقدم! وبالتالي في حال توقّفنا عند أي سقطة أو عقبة، معناه أننا فشلنا، والفشل ممنوع بالنسبة إلينا.

لذلك قررت الوقوف واستكمال المسيرة مرات عدة في حياتي. فهناك العديد من الظروف الصعبة التي مرّت علينا، فبدلاً من إحباطي، زادت من اعتزازي، ودفعتني للعودة ولتحدي الجو الذي نعيشه، وذلك لكي نظهر للناس أننا لا نقف عند أي مشكلة تواجهنا! وأعتقد أن غالبية اللبنانيين يتحلّون بهذه النفسية والعقلية، لذلك لا يزال لبنان واقفاً على قدميه!

- ما هو الإنجاز الأكبر الذي حققته على الصعيدين المهني والانمائي حتى اليوم ؟

على الصعيد الشخصي، لم أفكر يوماً بالانخراط في الشأن العام، بل كنت أخطط لدعم بعض الأشخاص، وعدم الحضور في الواجهة. ولكن مع الأيام، تبين أنني لا أتشارك مع هؤلاء الأشخاص، فالاهتمامات والأفكار والتطلعات ذاتها، لذلك قررت الإمساك بزمام الأمور بنفسي.

فشهداء المنصورية يشكّلون الأولوية بالنسبة لي، وأنا أفتخر بهم كثيراً، لذلك عندما حاول البعض انتزاع تمثال الشهداء الذي وضعناه أمام مبنى البلدية، تفاجأت، وقرّرت الإنخراط في العمل الانمائي والبلدي، وتمكنت من تثبيت هذا التمثال. وهذه هي نقطة التحول التي دفعتني إلى العمل في الشأن العام؛ مع العلم أنني واجهت تحديات ضخمة، لكن أشكر الله اليوم، لأنني أعتبر أنني حققت إنجازات كبيرة!

- ما تعني لك ثقة أهالي المنصورية بشخصك وبقدرتك على تولي مهام رئاسة البلدية؟

من خلال علاقتي بالناس، وتعاوني معهم، ووقوفيإلى جانبهم، فضّلت عدم المشاركة في الإنتخابات البلدية الأخيرة، في حال حصول معركة. لكن محبّتهم، ومصداقيّتهم معي، وروح التعاون الموجودة في المنصورية، هي واسعة جداً، وهذا الأمر أساسي وبديهي! لذلك تمنّوا علي الإستمرار في العمل البلدي، واختيار الأشخاص المناسبين لمعاونتي؛ وهذا بالتحديد ما حصل. حيث لم نشهد معركة انتخابية. وبالنسبة لي، فإن هذا أكبر إنجاز حققته على الإطلاق.

ولا بد من الإشارة إلى أنني لطالما خدمت قريتي من قلبي، فكل شخص من المنصورية هو جزء مني، وأنا أحترم جميع الناس، كما لا أواجه أي مشكلة مع من لا يرغب دعمي والسير معي، ولكن أتمنى عليه فقط أن لا يشتمني! وبطبيعة الحال، تمكنت من تحقيق هذا الأمر، وبالتالي أعتبره إنجازاً كبيراً.

- من هو الداعم الأكبر في مسيرتك المهنية؟

لا يمكن لأي شخص - من أكبر الناسإلى أصغرهم- الإعتقاد بأنه قادر على العيش لوحده، وليس بحاجة إلى أحد، ولا يريد أحداً؛ فمن يعيش بهذه النفسية، سيصل حتماًإلى حائط مسدود.

لذلك في كل مرحلة مررت بها، وجدت عدداً من الأشخاص إلى جانبي، ولقد قدّرت كثيراًحضورهم معي، من النواحي المادية، والمعنوية، والعملية، والإنمائية،... حيث واجهت ظروفاً صعبة للغاية، وفي كل مرة، كنت أحصل على يد العون؛ فالله أعطاني فرصاً أكثر من غيري، وربما أكثر ممّا أستحق!

- هل تعتبر اليوم أنك تمكنت من تحقيق كل طموحاتك المهنية؟

لا يزال هناك العديد من الأمور التي أتمنى إنجازها في ما يتعلق ببلدية المنصورية، لذلك فإذا لم أتمكن من القيام بها بنفسي، سأقف إلى جانب الأشخاص المعنيين، وأدعمهم، لكي يتمكنوا من تحقيقها.

وأتمنى أن يدرك الجميع أن الانسان لا يستطيع تحقيق الانجازات لوحده، فنحن بحاجة دوما الى الدعم والمساعدة، واذا فكرنا بهذه الطريقة، ستصبح كل الأمور أسهل.

- ما هي برأيك مقومات الرجل الناجح في أي مجال من مجالات الحياة؟

الاستقامة، المحبة، والكرم.

- هل شعرت يوما بالتقصير تجاه عائلتك وحياتك الخاصة بسبب انشغالك بعملك؟

أفكر أحيانا بالتوقف عن العمل، من أجل التفرغ للأمور العائلية والشخصية. فأنا أقصر تجاه نفسي أيضا، عندما أغوص في قضايا المجتمع، وأفكر دوما بالمصلحة العامة، متجاهلا مصلحتي وحياتي الخاصة. وبالتالي أشعر في مكان ما، أنني بحاجة أيضا الى التفكير بنفسي، واليوم بدأت أتمكن من تحييد المزيد من الوقت لنفسي ولعائلتي، بالمقارنة مع الفترة الماضية.

لكنني لا أزال ألتمس بعض التقصير تجاه العائلة، ولكن أحاول قدر الإمكان، القيام بواجباتيكافة ، بهدف إرضاء الجميع. وأحيانا أتأثر بالتقصير تجاه غريب يقصدني، أكثر ممّا أتأثر بالتقصير تجاه فرد من العائلة.

- كلمة أخيرة إلى جيل الشباب؟

إذا اضطر أي شخص لمغادرة لبنان بسبب ظروف قاهرة، أنصحه أن يُبقي على "مرقد عنزة" في بلده الأم؛ أي أن يحافظ على منزله وهويته ومرجعه! فلبنان هو أوكسيجين للعالم، وأعتقد أن هناك عاطفة معينة لدى الإنسان، تعيده دوماًإلى أرض الوطن مهما غاب وتغرّب. لذلك أتمنى أن تبقى عاطفتنا قريبة للبنان، وأن نأخذ العبر من الجميع.