شخصيتها عملية جدا، ولا ترضى إلا بالأفضل. تتميز بقدرتها على التفاعل مع الناس، وعلى المتابعة والإتقان والإنجاز في مشروعها. هي حريصة على عملها، وتتمتع بمصداقية واسعة، كفيلة بجعل الناس يستمرون في التعامل معها!

إنها مؤسسة مركز "Baby Steps"، ريتا زغبي، التي التقت مع "الاقتصاد"، وخصّتنا بهذه المقابلة المميزة:

- أين كانت البداية ومتى؟

تخصصت في مجال التمريض في "الجامعة اللبنانية"، ومن ثم في التوليد في "الجامعة اليسوعية". كما عملت كمدربة لتلامذة القبالة لمدة 20 سنة في "الجامعة اللبنانية"، بعد أن تابعت دورتين حول الاستعداد للولادة في فرنسا عام 1992.

منذ أن بدأت في العمل، شعرت أنني أحب تعليم النساء الحوامل، وفي تلك الفترة كنت أعطي الدروس التحضيرية للولادة، في أماكن عدة؛ فتنقلت بين العديد من النوادي والعيادات والمنازل، ولم يكن لدي مقر رئيسي للعمل.

مع مرور الوقت، رأيت أن حلمي هو تحقيق نفسي أكثر، والحصول على مركز خاص بي، لكي يقصدني الناس وليس العكس.

في العام 2011، حصلت على جائزة "Femme Francophone Entrepreneure" من مكتب الشرق الأوسط التابع لـ"الوكالة الجامعية الفرنكوفونية" (AUF). وكنت حينها أعمل بدوام جزئي في مكتبة، وعندما قرأت اعلان المسابقة في الجريدة، شعرت أنه علي المشاركة، لأنني لا أزال محدودة في العمل ولم أحقق نفسي بعد. وبعد فوزي طورت نفسي أكثر، وكان الأمر بمثابة دفعة كبيرة الى الأمام.

لو لم أفز بالجائزة، لما شعرت بالحماس في ذلك الوقت، ولكنت تأخرت أكثر في تأسيس المركز. فهذا الفوز شجعني ودعمني، وخاصة من خلال الميزانية التي حصلت عليها، والتي ساعدتني على افتتاح مركز "Baby Steps"، في أيلول 2012، في منطقة عين عار. علما أن المبلغ لم يكن كبيرا بل كان بمثابة تشجيع، أما التمويل الرئيسي فكان شخصيا.

- ما هو مركز "Baby Steps"؟

Displaying 2.jpg

"Baby Steps" هو مركز يتألف من قسم لتقديم الرعاية قبل الولادة وبعد الولادة (Prenatal and postnatal care)، بالاضافة الى حضانة، هدفها المساهمة في سير العمل بشكل ثابت، اذ أننا كنا بحاجة البداية، الى تأمين مدخول ثابت لدعم الأعمال.

فنحن نحضر الزوجين حول موضوع الحمل ونتابع السيدة منذ أن تحمل. وبعد الولادة، تستطيع أيضا أن تبقي طفلها في الحضانة، وتهتم بنفسها في وقت لاحق.

"Baby Steps" هو مفهوم فريد يرشد المرأة خطوة بخطوة، من لحظة الحمل وحتى يصبح الطفل على استعداد للدخول الى المدرسة. ففريق العمل المحترف يقدم للمرأة الحامل، الرعاية والاهتمام والمعلومات، لتسهيل فترة الحمل والمخاض والولادة، بالاضافة الى الرعاية المستمرة حتى بعد الولادة. كما يوفر المركز الرعاية النهارية للأطفال، وينظم ورشات عمل للأهالي، لمناقشة موضوع معين ونشر التوعية حوله، ومواكبتهم في تربية أولادهم.

- هل يوجد منافس لـ"Baby Steps" في لبنان اليوم؟

المركز جديد وفريد من نوعه كمفهوم كامل ومتكامل، فلقد أعطيت الدروس حول التحضير للولادة لمدة 20 سنة في الجامعة، وتلاميذي ينتشرون في جميع المستشفيات، ويقومون بهذه التمرينات. كما أن هناك عدد كبير من القابلات القانونيات المتخصصات في التوليد، ومن الحضانات في لبنان، لكن لا يمكن لأي جهة أن تنافس المفهوم الذي أقدمه لأنه فريد، اذ أنني جمعت بين 3 مجالات في مكان واحد.

- هل تعتبرين أن المنافسة هي عامل ايجابي وصحي في مجال الأعمال؟

نعم بالطبع، فأنا أقول دوما لتلاميذي أنه كلما تخصص الناس في مجال التحضير للولادة، كلما انتشر هذا المفهوم أكثر بين الناس، وبالتالي أصبح معروفا أكثر في مجتمعنا مما يحفزنا على تحسين النوعية.

- ما هي الصعوبات التي تواجهك في مجال عملك؟

وضع البلد بكامله يؤدي الى مشكلة اقتصادية كبيرة، فالحضانة لا تزال في طور التوسع. من ناحية أخرى، عندما يسمع الناس بفكرة "Baby Steps"، والخدمات التي يقدمها، يتحمّسون ويحبّذون الفكرة، لكن العقليّة بحاجة الى المزيد من الوقت لكي تتغير؛ اذ أنه ليس من المفترض على أي امرأة، أن تلد دون التحضير مسبقا لهذه التجربة، لكي تتمكن من الاهتمام بنفسها وبطفلها، وبالتالي فإن هذا الموضوع غني وضروري.

- ما هي مشاريعك وتطلعاتك المستقبلية؟

أسعى الى اطلاق امتياز (franchise)، لافتتاح مراكز أخرى في مناطق عدة في لبنان، انطلاقا من المفهوم ذاته، وذلك لكي ينتشر اسم "Baby Steps" بشكل أكبر بين الناس، وتصبح خدماتنا بمتناول الجميع؛ فمنطقة عين عار بعيدة عن بيروت.

وهناك مشاريع لافتتاح مراكز في بيروت، والشمال، والجنوب، ودبي أيضا.

- ما هي برأيك الصفات التي أسهمت في نجاحك المهني؟

Displaying 4.jpg

يجب أن يكون الشخص منفتحا، لكي يتمكن من تقبل الآخر كما هو! كما عليه أن يتأقلم مع الناس، ويهتم بطلباتهم، ويلبي رغباتهم.

من ناحية أخرى، يجب أن يحب كل الناس وخاصة الأولاد، لأن العمل معهم يتطلب الكثير من الصبر.

ولا بد من الاشارة الى أنني لا أستطيع أن أكون صاحبة عمل تجاري، وأسلّمه لأحد ما، وأجلس في المنزل فقط! فالانطلاقة منذ 4 سنوات، كانت متعبة للغاية، لكنها في الوقت ذاته جميلة جدا، لأنني أجد اللذة في العمل الذي أقوم به؛ فعملي هو شغفي، وعلى الانسان أن يحب عمله، ويفرح به، لكي يتمكن من النجاح.

من ناحية أخرى، يجب أن يحصل على المساعدة، وبالنسبة لي، لطالما كان زوجي وأولادي الى جانبي، وهذا المشروع هو بمثابة شركة عائلية، وبالتالي نقدم جوا عائليا بامتياز، ونقسم المسؤوليات فيما بينما؛ فزوجي يهتم بالأمور الادارية والمالية والتجارية، لكي أتمكن من تخصيص الوقت الكافي للأهل والأولاد.

- كيف تقيمين الدور الذي لعبه زوجك في مسيرتك المهنية؟

زوجي دعمني منذ بداية مسيرتي المهنية، لكي أحقق ذاتي، وأحلامي وأهدافي. وأنا أشعر اليوم، أنني تمكنت من تحقيق نفسي، أولا لأننا نعمل معا، وثانيا لأن العمل لديه مستقبل واعد.

- كيف تمكنت من تحقيق التوازن بين العمل والعائلة؟

أنا أسعى الى تنظيم وقتي قدر الامكان، واثنان من أولادي كانوا قد كبروا، في فترة التي افتتحت فيها المركز، ولو كانوا صغارا، لكنت واجهت صعوبة أكبر في تنظيم وقتي.

لكن الولد بحاجة الى نوعية الوقت الذي يقضيه مع الأهل، ولو كانت المدة قصيرة، لذلك أقدم نفسي، بعد عملي، لابني الصغير الذي يبلغ من العمر 12 سنة، لكي أهتم بدروسه ومتطلباته وأولوياته.

- كيف تقيمين وضع المرأة في لبنان اليوم؟

المرأة تقدمت حتما، وباتت قيمتها معروفة بشكل أكبر، ولكن لسوء الحظ هناك بعض الأشخاص الذين لا يعطون منصب أو وظيفة لامرأة اذا كانت زوجة وأم، لأنها قد تضطر الى التغيب أحيانا بسبب واجباتها؛ وهذه مشكلة كبيرة جدا في مجتمعنا!

من ناحية أخرى، يجب أن تصل المرأة أكثر في السياسة، اذ أننا رأينا عددا كبيرا من النساء القويات في أعمالهن التجارية، وحان الوقت اليوم لكي تبرز المرأة اللبنانية أكثر في الحقل السياسي.

وأنا أشعر اليوم أن المرأة باتت تتمتع بثقة أكبر بنفسها، تشجعها على الاقدام أكثر في المجتمع، كما أنها باتت موجودة أكثر في مجال الأعمال، وفي المشاريع الخاصة بشكل أساسي.

لذلك أشجع المرأة الطموحة على المبادرة والمجازفة والمغامرة. وحتى ولو واجهت بعض الصعوبات في البداية، ستجد حتما النتيجة في