قال حاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​ "ان التجارب التي يمر بها قطاع الأعمال اليوم تؤكد لنا مدى أهمية المسؤولية الاجتماعية في تحسين قيمة الشركات والمؤسسات، فالنشاط في مجال المسؤولية الاجتماعية لا يفيد المجتمع فحسب وإنّما له تأثيراته الإيجابية التي تساعد في تغيير مسار اقتصادات العالم نحو الأفضل".

وأضاف سلامة في إفتتاح المنتدى السنوي السادس للمسؤولية الاجتماعية للشركات بعنوان "التأثير الاجتماعي ودوره في انجاح الشركات"، في فندق فينيسيا، "من هنا كان التوجه الكبير لدى العديد من المؤسسات المالية والمصرفية، خصوصا بعد أزمة العام 2008 وما تبعها من تحديات، لإعادة الثقة في قطاع الأعمال من خلال التركيز على الأداء الاجتماعي والأخلاقي وتعزيز حس المسؤولية الاجتماعية لديها".

وتابع "وقد التزم مصرف لبنان منذ سنوات بالعمل في هذا الاتجاه، حيث قام بإطلاق مبادرات عدة تفيد المجتمع اللبناني وتحرك الحركة الاقتصادية، خصوصا أن الطلب الخارجي كان يشهد تراجعا واللبنانيون يواجهون صعوبات ان كان داخل لبنان أم خارجه.

فمما لا شك فيه ان السنوات العشر الماضية وما حفلت به من تحديات على مستوى الاقتصاد اللبناني، فرضت على مصرف لبنان الاضطلاع بأدوار عدة تخطت القطاع المصرفي البحت لتشمل ايضا جوانب اخرى من الإقتصاد والمجتمع".

ولفت سلامة إلى أن "مصرف لبنان قام خلال الأعوام الأخيرة بحثّ المصارف على  توفير القروض الميسرة للقطاعات الإنمائية والسكنية والتعليمية والبيئية والطاقة البديلة، كما شجع القروض الصغيرة للأفرادأو للمؤسسات الصغيرة لمساعدتهم على تطوير مشاريع خاصة بهم، وأيضا لتحسين أوضاعهم المعيشية".

وأضاف "صحيح أن الهندسات المالية التي ابتكرها مصرف لبنان ساعدت الاقتصاد اللبناني، إلا أنها ترمي أيضا الى تحقيق اهداف أخرى. فمن خلال دعمنا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، نهدف فعليا الى خلق فرص عمل. ومن خلال دعمنا للقروض السكنية، نسعى الى المساهمة في الاستقرار الاجتماعي. ومن خلال دعمنا لتمويل قروض التعليم المالي، نؤمن للأجيال القادمة فرصا متساوية في التأسيس للمستقبل.

نحن مستمرون في هندساتنا المالية بالتعاون مع المصارف، لتنشيط الاقتصاد وتشجيع الطلب الداخلي، وقد قمنا بتوسيع رزم الحوافز لتشمل الانتاج اللبناني للأعمال الفنية حيث وضعنا بتصرف المصارف ما يوازي 180 مليون دولار بفائدة 1 في المئة لتمكينها من تمويل الانتاج اللبناني على شكل طويل ومتوسط الأمد بفوائد منخفضة، وذلك نظرا لأهمية هذا القطاع الذي يحتاج الى تطوير. ونعتقد أنه بإمكان اللبنانيين التفوّق في هذا القطاع خاصةً وأنه يوفر فرص عمل لجميع فئات المجتمع اللبناني".

وأكمل سلامة "كذلك يعمل مصرف لبنان على اطلاق قروض تساعد اللبنانيين في حياتهم اليومية، حيثأصدر مؤخرا تعميما يشجع المصارف، عن طريق اعفائها من الاحتياطي الالزامي، على تأمين قروض بفوائد مخفضة لانشاء مرآب جماعي للعموم بهدف تأجير مواقف للسيارات، على أنيكون هذا المرآب مستقلا أو اضافيا للبناء وله مدخل ومخرج مستقل عن باقي أقسام البناء، وأن لا يكون مفروضا بموجب قانون البناء ونظام الملكية المشتركة".

وقال "الى جانب مبادراتنا هذه التي تصب في خانة تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي، فان تمويلنا للانشطة الاجتماعية المتعلقة بالثقافة أو الفن أو المؤتمرات أو الرياضة، ولو كان محدودا،  يهدف بشكل مباشر الى تشجيع وتعزيز المسؤولية الاجتماعية لدى القطاع الخاص".

وختم "نحن عازمون على الحفاظ على نهجنا الاقتصادي غير التقليدي بضخّ السيولة في القطاعات المستهدفة. وبما أننا نعتبر أنّ اقتصاد المعرفة واعد في لبنان، قمنا بتوسيع إمكانية استثمار المصارف في اقتصاد المعرفة من 3 إلى 4 من أموالها الخاصة. كما نبذل جهودا في قطاعات أخرى، لا سيما المشاريع الصديقة للبيئة والطاقة البديلة،  نظرا للوفورات الكبيرة التي تحققها في المستقبل على صعيد المواطن والمؤسسات وبالتالي المجتمع والاقتصاد.

ان جميع المبادرات التي ذكرناها لما كانت استمرت لولا نجاحنا خلال كل هذه السنوات في الحفاظ على ثبات النقد الذي يشكل الحجر الأساس لـ"تأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم". ونحن نؤكد ان الليرة اللبنانية مستقرة وستبقى كذلك".