ينعقد هذا المؤتمر في ظل ازمات تعصف بالمنطقة وفي ظل ازمة اقتصادية صعبة يعاني منها لبنان فمعدلات النمو تراجعت من 10.3% عام 2009 لتتراوح بين 0.8% و 2% في السنوات اللاحقة . وجاءت مشكلة النزوح السوري والاعباء المترتبة عليها لتفاقم هذه الازمة، إلا ان الامل يحدونا باستمرار للتعويل على شبابنا وقدراتنهم الخلاقة لتجاوز الصعوبات والتاريخ شاهد على ذلك.تم افتتاح برنامج "LIRA" المنتدى الثاني عشر للتكنولوجيا والابداع الصناعي في قصر الاونيسكو باشراف وزارة الصناعة، جمعية الصناعيين اللبنانيين والمجلس الوطني للبحث العلمي وبدعم من مصرف لبنان. بحضور كل من وزير الصناعة د. حسن الحاج حسن، وحاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​، نقيب المهندسين خالد شهاب، رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل والامين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية د. معين حمزة.

واشار وزير الصناعة حسين الحاج حسن الى ان برنامج ليرة قد بدأ في سنة 1997 بين وزارة الصناعة وجمعية الصناعيين والمجلس الوطني للبحوث العلمية ومصرف لبنان  اضافة الى 10 جامعات في الهيئة الادارية.

وشدد على ضرورة مأسسة "برنامج ليرة" لبلورة واعطاء قيمة اضافية للبحث العلمي ويتم تحويله الى بحث اقتصادي. ولفت الى ضرورة ان تضم هذه المؤسسة القطاعين العام والخاص. كما اعلن ان البرنامج يفتح المجال امام كل المخترعين اللبنانيين في الخارج لعرض اختراعاتهم وتقديمها الى الصناعيين ودعا العهد الجديد الى ضرورة وضع رؤية اقتصادية واضحة لتنشيط الاقتصاد الوطني وايجاد فرص عمل للشباب.

بدوره، أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة "ان لبنان يمتلك طاقات بشرية مبدعة وقطاعات اقتصادية متينة نسعى الى تطويرها منها قطاعات الصناعة والتكنولوجيا التي تلعب دورا أساسيا ورياديا في الاقتصاد اللبناني. فالمصارف المركزية في العالم، وخصوصا بعد الازمات التي مرّت بها منذ العام 2008، قد غيّرت طبيعة أعمالها لتكون في خدمة الاقتصاد وليس في خدمة استقرار الاسعار فحسب".

ولفت الى "مصرف لبنان يواصل العمل في هذا الاتجاه، فخلال الأعوام الماضية قمنا بإطلاق مبادرات مهمة لتفعيل الطلب الداخلي، بينما كان الطلب الخارجي يشهد تراجعا، وبينما كان اللبنانيون في الخارج يواجهون صعوبات".

وتابع "من أهم القروض المدعومة من مصرف لبنان والتي يستفيد منها الصناعيون القروض المتوسطة والطويلة الأجل للقطاعات الانتاجية والتكنولوجية وتلك الممنوحة بكفالة من شركة كفالات، القروض الممنوحة لتمويل مشاريع جديدة أو توسيع مشاريع قائمة أو تمويل الرأسمال التشغيلي، القروض لرواد الأعمال والمبادرين وتلك الممنوحة لأغراض الأبحاث والتطوير. كما تحتل مواضيع البيئة والطاقة البديلة حيزّا هامّا من مبادرات مصرف لبنان حيث تمّ إطلاق مبادرة مشتركة مع البنك الدولي ووزارة البيئة للحد من التلوّث الصناعي في لبنان".

واضاف "وبما أننا نعتبر أنّ اقتصاد المعرفة هو قطاع واعد في لبنان، قمنا بتوسيع إمكانية استثمار المصارف في اقتصاد المعرفة من 3٪ إلى 4٪ من أموالها الخاصة.     

واردف "وبينما تتجه المصارف  عالميا وتحت وطأة الأنظمة المصرفية الدولية الحديثة إلى تقليص ميزانياتها بعد أن باتت عاجزة عن زيادة رساميلها لتلبية المتطلبات المصرفية الجديدة، صارت مصارفنا في وضع يتيح لها تلبية المتطلبات العالمية للرسملة مع المحافظة على قدرتها في تسليف الاقتصاد، وذلك بفضل الهندسة المالية الأخيرة التي قمنا بها.

السيولة المتوافرة حالياسيتم توجيهها نحو تسليف القطاع الخاص وبالتالي تبقى مصارفنا قادرة على تأدية دور مهم في إنماء القطاعات الاقتصادية الحيوية.

طبعا ان النتائج لا تظهر على الفور، وسنعمل مع المصارف لتعزيز دعمنا للقطاعات الواعدة عبر القروض المدعومة من مصرف لبنان".

وختم قائلاً: "ان التوجه الحالي لمصرف لبنان هو نحو تشجيع التسليف بالليرة اللبنانية، وهو ما تفعله المصارف التي باتت تمنح قروضا بالليرة اكثر من الدولار، مما يمنحنا مرونة اكبر للتوسع بسياساتنا النقدية، ولتقليل المخاطر على لبنان حين يكون التسليف بعملة نصدرها نحن لا بعملة نضطر الى استيرادها.فالعملة الوطنية، الليرة اللبنانية، لا تزال حائزة على ثقة الأسواق وخصوصا أن إمكانات الدفاع عن سعر النقد الوطني تعززت، إذ بلغ الاحتياطي بالعملات الأجنبية الذي يملكه المصرف المركزي مستويات قياسية هي الأعلى تاريخيا. ان المصرف المركزي سيبقى داعما للاستقرار الاقتصادي. نحن نأمل أنيزدهر لبنان انتاجيا، ويستعيد الصدارة".

بدوره قال الرئيس التنفيذي للبرنامج سعيد حمادة ان هناك 51 مشروع بحث تنفيذي مشارك في البرنامج حيث انه تم دعم 30 مشروعا تحتاجهم الصناعات الوطنية وذلك بدعم من مصرف لبنان. واضاف ان هذه المشاريع تم تنفيذها في الجامعات المشتركة في البرنامج وقد توزعت بين مشاريع كهربائية والكترونية، وفي مجال الهندسة المدنية والصناعية والصناعة الغذائية وغيرها.

اما رئيس اللجنة الادارية للبرنامج ماهر سقال فاشار الى ان الصناعة في اي نشاط اقتصادي عمادها المنتج الصناعي الذي يتميز بضرورة وجود عنصر المواصفات والجودة فيه. ولفت الى ان لكل منتج صناعي عمر افتراضي يجب على كل صناعي اما ان يرتقي به الى مواصفات عالية واما استبداله بمنتج جديد.

واضاف ان البرنامج هدف الى ربط المصنع اللبناني بالجامعات وان البرنامج نجح بربط ما لا يقل عن 60 مصنعا بالجامعات سنويا منذ ان تم تأسيسه. وحول رؤية البرنامج فقال انه هناك الكثير من الافكار التي تناقش واهمها تطوير البرنامج  ليصبح موجودا في كل الجامعات ومساعدة الطلاب للتواصل مع الصناعيين لايجاد فرص عمل اضافة الى مأسسة هذا البرنامج.

من جهته اعتبر الامين العام للمجلس الوطني البحوث معين حمزة ان انعقاد هذا المنتدى هو مناسبة لمراجعة ابعاده العلمية. ونوه بالية العمل الشفافة في كل مراحل البرنامج.

وبدوره اشار رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل الى ان هذا البرنامج انشيء بمبادرة من جمعية الصناعيين عام 1997 ايمانا منها بالطاقات العلمية والشبابية ونطمح للمزيد من التواصل والتطوير بين الجامعات والمصانع عبر برنامج "ليرة".

وأضاف أن "كما اننا نعول اهمية كبرى على الابحاث التطبيقية وتطويرها فقد اضحى البحث العلمي التطبيقي ركيزة اساسية ومنصة انطلاق لكل تطور اقتصادي وصناعي في الدول المتقدمة، فهو يساعد كثيرا في حل المشاكل التي تواجهها المؤسسات الصناعية خاصة في مجال وسائل الانتاج او في تطوير منتجات وسلع خاصة.  وقد صار احد الانشطة الاقتصادية في الدول المتقدمة ويؤدي دوراً هاماً في تقدم الصناعة والنمو الاقتصادي ،لذلك عمدت هذه الدول  الى تخصيص موازنات كبيرة لهذه البحوث وصلت الى نسبة 2% من الناتج المحلي، بينما في كوريا الجنوبية مثلا"وصلت هذه النسبة الى 4% مما مكّن الصناعات الكورية من غزو الاسواق العالمية وفي طليعتها شركة سامسونغ".

وأردف قائلاً "نريد ان نؤكد على ان التفكير الابداعي يهدف الى تزويد المؤسسات الصناعية بمعدات حديثة او تطويرها وتطوير منتجات ذات القيمة المضافة العالية  او ابتكار منتجات جديدة ، هي ثمرة ونتاج انشطة البحث والتطوير ، التي هي اهم الاسس التي تقوم عليها تنافسية الشركات، فالشركات العالمية التي قطعت شوطاً مهماً في مجال التصنيع والتطوير وامتلاك التكنولوجيا المتميزة ،استطاعت ان تكتسب ميزة تنافسية ،ونرى في بعض الدول المتقدمة ترابطا" عضويا" بين الشركات الكبرى وبين مراكز الابحاث".

وأكد الجميل على "طلبنا بأنشاء مرصد للتقنيات الحديثة والعلوم في لبنان، لمواكبة ما يصدر من ابحاث ودراسات وتطوير في العالم ، لدراسة ارتداداتها العلمية والصناعية واستنباط افكار لمواءمتها مع الصناعة اللبنانية لتؤمن لها امكانات التطور والتقدم". 

كما كانت مداخلة لنقيب المهندسين خالد شهاب الذي اعلن خلالها ان النقابة تدعم كل النشاطات الاقتصادية والعلمية في لبنان.