وسط الحلحلة السياسية القائمة التي يعلّق عليها الكثير من الآمال بعد مرور سنتين و5 اشهر على الفراغ الرئاسي تبقى الانظار مشدودة الى الاوضاع المعيشية الصعبة التي تمر بها شريحة كبيرة من العائلات اللبنانية ، سيما منها من عاشت  تداعيات الصرف من العمل .

بالامس القريب، الهيئات الاقتصادية دقت ناقوس الخطر وحذرت من السقوط في الهاوية بعد تدهور اوضاع المؤسسات واقفال العديد منها فضلاً عن تشريد الآلاف من العمال . اما اليوم، ونحن على مسافة قريبة من موعد 31 تشرين الاول تاريخ جلسة انتخاب رئيس للجمهورية ، المواقف تبدّلت وبدأت تستشرق الأمل بغد أفضل قريب .

واللافت، ان التأزم السياسي الذي انسحب بسهولة على الحركة الاقتصادية شللاً دفع بالخبراء الاقتصاديين الى الكفر بأمور السياسة التي أكلت الأخضر واليابس ، وعطلّت المرافق الحياتية والخدماتية والسياحية ،  لجمت الاستهلاك المحلي وهجّرت الاستثمارات المحلية والاجنبية ، والأهم وسّعت شريحة الطبقة الفقيرة في البلاد ووضعتها الى خانة الفقر المدقع.

جميع المؤسسات الدولية توقعّت ان لا يصل النمو الاقتصادي في لبنان هذا العام الى  1%، ولكن مع بصيص النور في انهاء الفراغ في الرئاسة الاولى هل بالامكان التعويض وضخّ الاوكسيجين في الاقتصاد بعدما شهدت ردهة بورصة بيروت التحسن وسوق القطع الارتياح؟

قرم

وزير المال السابق د. جورج قرم استبعد ان يتم التعويض في الشهرين الباقيين من العام الحالي في الاقتصاد عما خسره من نمو في حال تم انتخاب رئيس جديد لرئاسة الجمهورية .

وقال "للاقتصاد"كررت  مراراً وشرحت ان ان الوضع الاقتصادي في لبنان ليس كارثياً كما يحاول البعض تصويره رغم الاوضاع المعيشية الصعبة التي تمر بها شريحة كبيرة من العائلات اللبنانية مع السيل الهائل من اللاجئين السوريين الذين دخلوا سوق العمل وهجروّا العمال اللبنانيين من قطاعات مختلفة ، الى جانب تراجع حركة الصادرات ، اذ ان هناك في المقابل مؤشرات اقتصادية  ايجابية اخرى كتحسّن السوق العقاري، ارتفاع حجم الاستيراد وكذلك ارتفاع قيمة الودائع المصرفية .

كما ان المؤشر المركّب لمصرف لبنان يشير الى ذلك.

وخلال 3او 4 اعوام سجلّ النشاط الاقتصادي بعض الحركة المتواضعة نظراً للظروف السائدة في المحيط. وبالتأكيد ان انتخاب رئيس للجمهورية سيسمح بزيادة قيمة التحويلات الخارجية  الوافدة من المغتربين شرط ان تسرّع عملية تشكيل حكومة جديدة وان يتم إقرار الموازنة العامة مما يسمح بانتظام المالية العامة وفقاً للدستور وللقوانين العامة.

حبيقة

اما الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة الذي رأى انه لا يوجد اي مبرر لـتأخير انتخاب رئيس الجمهورية اذ ان  هذه العملية يجب ان تتم اليوم قبل الغد كما كان من المفترض ان تحصل منذ آيار  2014 يعتبر انه لا شيء يعوّض التراجع الذي حصل في الاقتصاد الللبناني .

وقال : الا ان الهدف يبقى مع انتخاب رئيس الجمهورية وقف الخسائر الاقتصادية المتتالية . ولا شك ان انتخاب رئيس للجمهورية يمثّل الاكثرية المسيحية هو انجاز بحد ذاته ، لان الواقع الحالي المطبوع بقلق المسيحيين على المستقبل ، لايمكن الاستمرار به، كما انه يزعج دول الخليج التي يهمها ان يبقى لبنان بلدا قويا يحكمه رئيس قوي يمثّل اكثرية مسيحية.

فالدول الخليجية يهمها ان يبقى المسيحيون اقوياء في لبنان لان ذلك ينسحب عليهم وعلى مصلحتهم واستثماراتهم ؛ وهناك قناعة ان لبنان لا يكون قوياً بدون المسيحيين.

من هنا، من الضروري استعجال اتمام عملية الاستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغد وقبل 31 تشرين الاول.

ولا ارى اي مانع من حدوث ذلك؛ فما من شيء اهم في الوقت الراهن. والخوف اذا لم يتم هذا الاستحقاق  في موعده اذ ان البلد سيدخل في النفق  الاقتصادي المظلم . فالرئيس الجديد يستطيع مع الحكومة الجديدة ان ينجز الكثير . وهو يدخل الأمل بغض النظر عن الشخص ولكن يجب ان يمثّل الاكثرية المسيحية.

وعلى الحكومة الجديدة اقرار قانون انتخابي  جديد فوراً  غير قانون الستين ، ليتم انتخاب مجلس نواب جديد على اساسه. فلبنان على مفترق طريق خطير . جميع الطوائف وليس المسيحية فقط بل الاسلام ايضاً بجميع مذاهبه على قناعة بذلك  اي انتخاب رئيس للجمهورية  وهو يريد الخروج من هذا الواقع القاتم. واذا لاسمح الله وتعطّل الانتخاب فالامور ستكون سيئة على الجميع . من الضروري التعاون بين الجميع ومع كل الافرقاءوالشركاء في الوطن  لقيادة البلاد نحو الازدهار.

وانا كمواطن لبناني اصبح اليوم عندي أمل ابني عليه المستقبل.

وهناك  عدة اولويات للعهد الجديد على المستوى الاقتصادي. واذا كان النمو لا يتعدى اليوم ال 1% فان ذلك ليس مؤشراً خطيراً ،سيما اذا علمنا انه في البرازيل النمو اليوم هو 3- %.

الا انه يبقى الخوف من  ان ينحدر في لبنان النمو الى هذا الرقم .

واذ يلفت حبيقة الى النمو المتواضع  المحقق اليوم في لبنان رغم كل العراقيل والصعوبات  يوضح ان ذلك يعود الفضل فيه الى المبادرة الفردية والشركات الخاصة التي تواجه  وتقاوم بكل قدراتها . فالفرد اللبناني بطل عن حق رغم ان الاقتصاد  في لبنان هو مهمل . وكذلك ما من  احد من المسؤولين يكترث للشؤون  الحياتية التي تهمّ المواطن من مياه وكهرباء ....

باختصار، عدم حدوث الاستحقاق  الرئاسي هو ضربة قاضية للأمل في لبنان.

اما بعد،  فإن الإجماع القائم بين الاوساط الاقتصادية على ان وجود رئيس للجمهورية هو متنفس للاقتصاد يؤكد بان لبنان مقبل على مرحلة جديدة عابقة بالملفات والمشاريع اذا سارت الأمور على خير ما يرام ولم يحدث ما في الحسبان.

فهل يكون انجاز استحقاق رئاسة الجمهورية جرعة اوكسيجين كبيرة   للاقتصاد المهمل  من السياسيين ؟