عقدت الهيئات المنظمة لـ "الملتقى الثاني لمكافحة الجريمة الإلكترونية" مؤتمرا صحافيا في مصرف لبنان أطلقت خلاله دليل "مكافحة الجريمة الإلكترونية المالية في لبنان" وأعلنت في الوقت ذاته عن انعقاد الملتقى في 29 تشرين الثاني 2016 في فندق فينيسيا، بيروت.

شارك في المؤتمر الصحافي كل من أمين عام هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان عبد الحفيظ منصور؛ رئيس قسم المباحث الجنائية الخاصة في الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي العميد زياد الجزار ونائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال فيصل أبو زكي.

ويهدف الدليل الى تعزيز الوعي حول كافة أنواع الجرائم الإلكترونية بواسطة البريد الالكتروني في أوساط القطاع المالي والشركات والأفراد وهو يشكل مرجعا ارشاديا لتنفيذ العمليات الإلكترونية بطريقة آمنة وتفادي مخاطر قرصنة المعلومات واستخدامها لأغراض غير مشروعة مثل الابتزاز المالي والاحتيال والسرقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدليل هو عمل غير مسبوق في لبنان وعلى المستوى الاقليمي، ويشكل مرجعا لجميع المعنيين بالأمن الرقمي ومكافحة الجريمة الرقمية.

وتم انجاز الدليل بعد عقد مجموعة من ورشات العمل التي شارك في بعضها أكثر من مئة مندوب عن المصارف اللبنانية ومن بينهم كبار الإداريين إضافة إلى كبار موظفي الدائرة القانونية في مصرف لبنان وخبراء قانونيين. وبحث المجتمعون خلال هذه الورشات في كل تفاصيل ومحتويات الدليل التي تستهدف القطاعين المالي والتجاري كما الافراد في لبنان. وسيكون هذا الدليل خاضعا للمراجعة والتطوير المستمرين لمواكبة التطورات التي تطرأ على معايير الحماية الرقمية والأساليب المُستخدمة في الجريمة الإلكترونية. وسيتم توزيعه بشكل واسع من خلال فروع المصارف على العملاء ومن خلال مواقع الإنترنت وشتى وسائل النشر.  

أما "الملتقى الثاني لمكافحة الجريمة الإلكترونية" فينعقد برعاية سعادة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة وحضرة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص، وتنظّمه مجموعة الإقتصاد والأعمال بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان ومكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. ويأتي عقد هذا الملتقى في دورته الثانية بعد تحقيقه نجاحا كبيرا في دورته الأولى عام 2015. ومن المتوقع أن يحضر الملتقى هذا العام اكثر من 400 مشارك من خبراء "الإمتثال" وكبار موظفي المعلوماتية في المصارف اللبنانية وقيادات ومتخصصين من مختلف الشركات والمؤسسات الحكومية المعنية، إضافة إلى الجهات الأمنية المختصّة ومزودي حلول المعلوماتية والاتصالات وخبراء المعلوماتية ومستشارين قانونيين وتقنيين.

وقال أمين عام هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان عبد الحفيظ منصور في المؤتمر الصحافي: "الانجازات التي تمت في مجال "مكافحة الجريمة الالكترونية المالية في لبنان" تشمل الملتقى الأول لمكافحة الاحتيال والقرصنة الالكترونية في القطاعين المصرفي والتجاري في لبنان الذي عقد في تشرين الثاني 2015 وورشة العمل التي عقدت في «معهد المال والحوكمة لدى المعهد العالي للأعمال» ESA في نيسان 2016 والتي أطلقت آلية تطوير الدليل الإرشادي للوقاية من الأفعال الجرمية بواسطة البريد الالكتروني والذي يسرّنا إطلاقه اليوم".

وتابع: "رأينا ان زيادة التوعية لدى المؤسسات ولدى الأفراد بشكل خاص تأتي في أساس سُبُل المكافحة وللتخفيف من مخاطر و تداعيات هذه الجرائم على المؤسسات كما الأفراد في كافة القطاعات، ولهذا عَمِلنا لنضعَ بين أيديكم اليوم الدليل الإرشادي للوقاية من الأفعال الجرمية بواسطة البريد الالكتروني. وهذا الدليل هو ثمرة عمل مشترك بين مصرف لبنان وهيئة التحقيق الخاصة والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وجمعية المصارف في لبنان، وهو موجّه إلى القطاع المالي من جهة: اي المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية الخ... وموجّه إلى الأفراد من تجّار ومؤسسات. كما يجري اعداد كتيّب الدليل الإرشادي الخاص بالأفراد والمؤسسات غير المالية والذي سيجري توزيعه من قبل المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المـالية وسائر مؤسسات القطاع المالي والوزارات والهيئات كافة المعنيّة بالأمر". وذكر أن الهيئة تلقت عام 2011 قضية واحدة موضوعها عملية قرصنة بقيمة 5.5 آلاف دولار أما عام 2015 فبلغ العدد 84 قضية قيمتها 12 مليون دولار، لترتفع في العام 2016 وحتى تاريخه، إلى 137 قضية قيمتها 8.5 مليون دولار.

وتطرق منصور إلى تحليل تفصيلي للعمليات في العام 2016، مشيرا إلى أنه من أصل الـ 137 عملية، كان هناك 86 عملية جرى تنفيذها ما يوازي 60% من مجموع العمليات، وبلغت قيمة الخسائر حوالي 2.9 مليون دولار، واستطاعت المصارف إسترداد ما مجموعه 740 ألف دولار منها، أي ما يوازي 25%، وهذه النتيجة هي بفضل آلية التعاون المبتكرة بين المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة و/أو المستفيدة.  كما كان هناك 51  محاولة فاشلة بعدما تنبّه العميل و/أو المصرف إليها ومنعا تنفيذها (ما يوازي 40% من مجموع العمليات)، في حين بلغت قيمة الاموال المستهدفة حوالي 4.7 مليون دولار.

وأشار إلى أن الدليل يتضمن: "نماذج عن أفعال جرمية واقعة على كلا القطاعين المالي وغير المالي، إضافة إلى إرشادات عن مؤشرات الأفعال الجرمية المحتملة واجراءات الوقاية منه، وإجراءات تصحيحية يتوجّب القيام بها لدى اكتشاف ارتكاب او محاولة ارتكاب الأفعال الجرمية".

من جهته قال رئيس قسم المباحث الجنائية الخاصة في الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي العميد زياد الجزار: "التطور التكنولوجي والعولمة في مجال تبادل رؤوس الاموال رافقها تزايد في حجم الاموال الناتجة عن الجريمة، كما تجاوزت الجريمة الحدود الوطنية بفضل هذا التقدم التكنولوجي الذي فتح مسارات جديدة للاحتيال المالي والالكتروني. وفي السنوات الاخيرة زادت معدلات الجريمة الالكترونية في لبنان، وطالت اضرارها الافراد والمؤسسات المالية وغير المالية. وان كانت قوى الامن الداخلي قد انشأت مكاتب متخصصة لمكافحة هذا النوع من الجرائم، الا ان دورنا لا يقتصر فقط  على مكافحة هذا النوع من  الجرائم بل يتعدى ذلك الى  الدور الوقائي، اذ انه وبسبب طبيعة عملنا فإننا نطلع على انماط جديدة من الجرائم الالكترونية والاحتيال المالي والتي يكون مسرحها احيانا المصارف وزبائنها من التجار وغيرهم".

وأضاف: "لا بد من بذل جهود مشتركة ومنسقة وسريعة بين القطاع العام والخاص، فبعد عقد ملتقى مكافحة الجريمة الالكترونية في العام الماضي، تم انشاء فريق عمل "مكافحة الجريمة الالكترونية في لبنان" الذي ضم ممثلين من المديرية العامة لقوى الامن الداخلي والمصارف ممثلة بجمعية المصارف في لبنان، وهيئة التحقيق الخاصة بالاشتراك والتعاون مع مجلة الاقتصاد والاعمال، لتبادل المعلومات والعمل لإعداد الدليل الإسترشادي للوقاية من الجريمة الالكترونية. من هنا جاء هذا الدليل الإسترشادي لالقاء الضوء على انواع هذه الجرائم الالكترونية وتبيان المؤشرات الدالة على حصولها، والسياسات الواجب اتخاذها لتنبيه التجار والعاملين في المصارف، وللحد من اضراراها وخطورتها.

أما نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال فيصل أبو زكي، فقال: "يوفر "الملتقى الثاني لمكافحة الجريمة الإلكترونية" منصّة متقدّمة وفعالة لمناقشة قضايا الأمن الرقمي سواء تعلّق الأمر بالمصارف أو بالشركات وحتى الأفراد. كما يسلّط الضوء على الاستراتيجيات الوقائية والسياسات وأفضل الممارسات الهادفة إلى مواجهة هذه المخاطر وتوفير بيئة مستقرة وسليمة وآمنة للعمليات المصرفية والتجارية على الإنترنت. كما يناقش الملتقى دور جميع الأطراف المعنية في التعاون لإرساء استراتيجية وطنية في مجال الأمن الرقمي ووضع قوانين لمكافحة الجريمة الإلكترونية".

وأضاف: "ان إصدار هذا الدليل الإسترشادي يوفر مرجعا مهما للمصارف والشركات ولكافة المتعاملين بالخدمات الالكترونية  وسيساهم في تعزيز الوعي بالأساليب والطرق المستخدمة من قبل منظمات القرصنة والجريمة الالكترونية لا سيما وانه سيتم تطوير وتحديث الدليل باستمرار لمواكبة التطورات الحاصلة في هذا المجال. ويشكل الدليل مع الملتقى الثاني لمكافحة الجريمة الالكترونية جهدا مهما لهيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان ومكتب مكافحة الجريمة الالكترونية في قوى الأمن الداخلي لمواجهة المخاطر المتصاعدة لهذا النوع من الجرائم".