بحث برنامج "الإقتصاد في أسبوع" عبر أثير "إذاعة لبنان" في حلقته هذا الأسبوع من إعداد وتقديم كوثر حنبوري، "إنهاء الشغور الرئاسي وعودة الثقة وتأثيرها على الإقتصاد" مع الخبير الاقتصادي ​غسان حاصباني​ الذي رأى ان أحد اسباب عدم وجود حركة إقتصادية ومالية في البلاد جراء عدم تدفق الأموال، هو غياب الإستقرار السياسي "بلد من دون رئيس لمدة سنتين استقراره بالتأكيد سيكون في أدنى المستويات".

وأشار حاصباني الى ان "الإستقرار الأمني نسبي لكنه ليس بدرجة أقل من تلك التي في الدول الأوروبية بتاتاً، الا ان مشكلتنا في الإستقرار السياسي الذي زاد من مخاوف المستثمرين من دخول السوق اللبناني. وبمجرد حدوث الصدمة الإيجابية التي تنتج عن انتخاب رئيس سترتفع الثقة باقتصادنا وسنجذب الإستثمارات، اي السيولة ما يؤدي الى تخفيف الضغط عن القطاع المصرفي...أي سنتأثر بشكلٍ ايجابي ماليًّا واقتصاديًّا".

ولفت الى ان "صدمة واحدة غير كافية.في وضعنا هذا نحن بحاجة الى سلسلة صدمات ايجابية متتالية ليتم إعادة تصويب الوضع السياسي، وهذا لأننا على وشك الدخول بفترة غير جيدة مالياً، أما إقتصادياً نحن دخلنا  الى الفترة غير الجيدة أصلاً".

وأوضح ان "الصدمات يجب ان تبدأ بانتخاب رئيس يليها تشكيل حكومة ومن ثم انتخابات نيابية، الأمر الذي سيعيد ثقة المستثمرين باقتصادنا بشكل كبير وسنصبح مركز لاستقطاب الإستثمارات خاصة في ظل الأزمات التي يعيشها كل من حولنا".

وفي سؤال لحنبوري عن عدم توازي الصدمة الإيجابية التي سيشكلها انتخاب رئيس للجمهورية مع تلك التي نتجت عن اتفاق الدوحة، قال حاصباني: "أوافق على هذا الرأي جزئياً، في الفترة التي تم خلالها اتفاق الدوحة لم تكن المنطقة تعاني من كل هذه الأزمات والحروب لكن لا يمكننا ان ننسى أنه في تلك الفترة لم يكن لبنان في حالة جمود اقتصادي بل كان يحقق نسب نمو. أما اليوم فإننا ننطلق من موقع متدني جداً، بالإضافة الى ان هناك رؤوس أموال في بلدان حولنا وبعيدة قليلاً تبحث عن مكان مستقر لتستثمر أموالها لغياب الإستقرار في بلدانها".

وأضاف: " نحن بأقصى حاجة لدخول العملات الأجنبية الى لبنان بسبب الخطورة على الوضع المالي، لذا يجب تحقيق الإستقرار الإقتصادي وإيضاح المسار الإقتصادي والإصلاحي والأمني وتحديد العلاقات الخارجية لنتمكن من جذب المستثمرين الذين يبحثون عن الإستقرار الى لبنان".

ولفت الى ان تحقيق الثقة الإقتصادية لن يدفع اصحاب الأموال الى استثمارها فقط، بل ان المستثمر سيشتري عقارات ويؤسس شركات ما يؤثر على النمو الإقتصادي ويغذي الحركة المالية"

وعن خطورة الوضع المالي، أوضح حاصباني ان "لبنان يستورد اكثر مما يصدر لذلك فهو يدفع بالعملة الأجنبية اكثر مما يتقاضى بها"، مضيفاً ان "نسبة الدين الخارجي لنسبة الإحتياطي الذي لدينا بالعملات الأجنبية أصبحت 150%، وهي نسبة غير مقبولة، يجب ان نحافظ عليها ونعمل على تخفيضها لكن لا يجب ان نسمح بارتفاعها".

وتابع: "لبنان ليس متجهاً للإنهيار الكامل وعملته ليست مهددة بالإنهيار وليس هناك تهديد بحرب اهلية، لذلك بمجرد ان يرى المستثمر ان هناك شرعية موجودة من رئيس للجمهورية وحكومة وتحضير لانتخابات نيابية، الأموال والرساميل ستأتي".

وفي سؤال لحنبوري عن رأيه بسياسة تثبيت سعر الصرف، أوضح ان "هناك عدة مدارس اقتصادية، لكن بلد بحجم لبنان واقتصاده ثابت على الدولار، فك هذا التثبيت في الوقت الحالي قد يؤثر عليه بشكل سلبي خاصةً ان سعر صرف الدولار الى تحسن، بالإضافة الى انه ليس لدينا مقومات للتعويض عن هذا الموضوع. كما يجب ان نتفادى الحالات التي قد تؤدي الى التضخم".

وأضاف: "سياسة تثبيت سعر الصرف حافظ الى حدٍّ ما على القدرة الشرائية وأنا أرى ان فك التثبيت هي خطوة من الأفضل ان لا نتخذها في الوقت الحاضر...يجب ان نستمر على هذا الطريق المستقر الى ان نضطر لاتخاذ خطوات أخرى".

وعن عائق ارتفاع الكلفة التشغيلية في لبنان، رأى حاصباني ان "سياستنا الضريبية ليست سيئة لكن ارتفاع كلفة انشاء الأعمال التجارية يعود الى البنى التحتية المهترئة بالإضافة الى الصعوبة بمعاملاتنا الرسمية، لذلك يجب على الحكومة ان تعمل كفريق عمل واحد لإدارة شؤون البلاد وأن تفصل الخلافات السياسية عن النقاش العملي الإداري الذي يجب أن يقوموا به".

وأوضح ان "الأولويات التي يجب العمل عليها في هذا المجال هي ملف الكهرباء التي تهدر بين 1.5 الى 2 مليون دولار والإتصالات وتطبيق القوانين التي تم اقرارها بشأن هذين القطاعين في عام 2002، بالإضافة الى ملف النفط والغاز الذي يجب ان تتم ادارته وتنفيذه بشكل شفاف"، مشيراً الى اننا "نحتاج الى 3 أو 4 سنوات لاستخراج الغاز، وتجدر الإشارة الى ان العائدات لا تدخل نسبة 100% منها الى الخزينة بل ما يدخل الى الخزينة هو الأعمال التي تجري حول ملف النفط من الضرائب والرسوم. أما الباقي فسيتم استخدامها لتأسيس صندوق استثماري ينمو حتى نتمكن من استخدام عائداته في البنى التحتية والشؤون الإجتماعية".

وفي الختام رأى حاصباني ان عدم اقرار موازنة 2017 سيبقي باب الإستدانة مفتوحاً على مصراعيه ولن نتمكن من السيطرة على الهدر والفساد.