شاب طموح آمن في بلده وعمل على تنمية السياحة فيه، وخاصة في قطاع الفنادق. عمل مع والده في فندقه في منطقة الحمرا وأنشأ ثلاثة مشاريع فندقية، وشققاً مفروشة إلى جانبها. تخصص بإدارة الفنادق في سويسرا، يمتلك خبرة واسعة اكتسبها بمجهوده الشخصي رغم أنه لا يزال شاباً في مقتبل العمر.

يعمل ليل ونهار على تجنيد كل طاقاته في سبيل راحة زبائن فنادقه وموظفيه رغم كل الظروف التي يمر فيها هذا القطاع في لبنان.

وللإضاءة على تجربته، كان لموقع "الإقتصاد" مقابلة مع صاحب فندق "كافالييه" في الحمرا ديفيد ابي ضرغام:

ما هي المحطات التي مريت بها خلال مسيرتك المهنية؟

عشت حيث كان يعمل والدي في نيجيريا، ومن ثم انتقلت إلى العيش في الولايات المتحدة الأميركية وعدت بعدها إلى لبنان عندما بلغت الرابعة عشرة من عمري. تلقيت دروسي في مدرسة "IC" في بيروت حتى السادسة عشرة من عمري، ومن ثم تخصصت في إدارة الفنادق في سويسرا لمدة أربع سنوات، وعدت بعدها إلى بيروت في عمر الواحدة والعشرين، وتجنّدت في الخدمة الإلزامية في الجيش اللبناني لسنة واحدة ودخلت فعلياً في عالم الفنادق في الثانية والعشرينمن عمري.

ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، مريت بظروف كثيرة، كانأولها: طريقة العمل مع عائلتي، ولذا قررت أن أعمل منفرداً عن عائلتي التي كانت تمتلك فندق "كافالييه" في منطقة الحمرا، فاشتريت أسهماً في شركة "كاسبر آند غامبيني" من انطوني معلوف عندما كنت في الخامسة والعشرين من عمري، وكبرت الشركة وانتشرت في اثني عشر بلداًوثلاثين مطعماً. وبعد هذه المرحلة، قررت أن أكمل في مجال الفنادق واستلمت إدارة فندق "كافالييه" وافتتحت فندق "35 رومز" في الحمرا سنة 2010 وكذلك افتتحت فرعاً له في أربيل في كردستان العراق، ومنذ أسبوع افتتحت "استوديو 44" للشقق المفروشة في الحمرا أيضاً.

ما هي الصعوبات التي واجهتها خلال مسيرتك المهنية؟ 

درست في سويسرا ولم أعمل في شركات أجنبية كي أكتسب منها خبرة في مجال عملي، وأتيت إلى الفندق لأساعد والدي في أعماله، حيث واجهت صعوبات كبيرة مع الموظفين القدامى، و ولم أتعلم. اي شيء.

من هنا، كان قراري أنأكمل دراستي الجامعية لأحصل على ماجستير في الإقتصاد، كما تعلمت كثيراً من أشخاص ذوو خبرة كبيرة في مجال إدارة الفنادق، واكتسبت منهم الكثير.  أضف إلى ذلك، الأوضاع الصعبة التي واجهها لبنان منذ حرب العراق في عام 2003 ، ومن ثم حرب تموز عام 2006 وغيرها من المشاكل التي حصلت وتحصل كل سنتين أو ثلاثة،  كما أن غياب السيولة المالية، والسياحة، والأعمال، ودعم وزارة السياحة للقطاع، والتي يجب أن تساعد الفنادق ولا يمكن للفرد أن يقوم بذلك منفرداً. لبنان لا يقدم أي شيء.

علينا أن نعمل بصعوبة وبقوة لإيجاد طريقنا من خلال القروض المصرفية، والموظفين، خاصة أن هناك أعداداً كبيراً من الشباب الذين يهاجرون للعمل في الخارج، وكل هذه الأمور تقف عائقاً أمامنا في العمل.

ما هي الصفات التي تتمتع بها شخصيتك والتي ساعدتك على تخطي الصعوبات؟

يجب أن تمتلك حباً وإيماناً وتحفيزاً لبلدك وعملك، وإلا تقف عند  خسارة معينة، بل عليك أن تعمل على تقوية نفسك رغم كل الظروف التي يمر بها لبنان، فمنذ سنتين ونصف لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية ولا أحد يساعدنا. وعند هذه النقطة يجب عليي أن أفكر إما أن أجمع أغراضي وأهاجر أو أفكر بأنني استثمرت في بلدي ولدي ثلاث مئة موظف، وفي المطعم عندي خمس مئة موظف، ويجب عليي أن أبقى محفزا وعنيداً، وأن أفكر بأمور جديدة وبديلة. فمع صعوبة عمل الفنادق وامتلائها بالنزلاء؛ قررت أن أفتتح شققاً مفروشة، خاصة في منطقة الحمرا، لأن هناك كل من الجامعة الأميركية،  والجامعة اللبنانية الأميركية، ومستشفى الجامعة الاميركية في بيروت تعمل مهما كانت الظروف، وأن هناك طلاباً فيها، فقمت بمشروع يستهدف هذه الفئة من الناس في السوق. وأفكر دائماً ماذا عليي أن أعمل وأقدم كل ما هو جديد.

هل تعتبر أنك حققت نفسك؟

وصلت إلى مكان وجدت نفسي سعيداً فيه، وأجد دائماً ما يمكن أن أقوم به وأنا أبلغ من العمر اليوم سبعة وثلاثين عاماً، وعندي أفكار كثيرة وأحب أن أنشىء فنادق ومطاعم أكثر في لبنان والخارج، وأحب عملي ولا أجد نفسى أنني حققت نفسي، ولايزال هناك الكثير أمامي لأقوم به. كل يوم أفكر بكل شيء جديد، وأفكر في كيفية تقوية الموظفين عندي، وأحسنهم على كافة الأصعدة. وأنا ناقد لنفسي بشدة وبشكل مستمر.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

أقول دائما ما هي الفرصة التالية التي يمكن أن يكون لها معنى بحيث أن لبنان بات بلداً صعباً، فكل هذا الدين الذي أقترضه، وكل العمل الذي أقوم به، وكل المسؤوليات الملقاة على عاتقي تجعلني أتمنى أن أكون موظفاً وأطرح على نفسي السؤال: إلى أين نحن متجهون؟ لا أملك حالياً أية خطة وإنما أقف وأشاهد وأحاول الإبقاء على الفنادق الأربعة تعمل بشكل مستمر، وألا أضطر إلى إيقاف موظفين عن أعمالهم، والوضع ليس بسهل في كل الأماكن، حتى في أفريقيا حيث أمتلك مطعماً في نيجيريا التي باتت تعاني من أزمات إقتصادية كبيرة تتمثّل بانخفاض أسعار النفط والعملة، والكثير من الشركات العالمية تغادر البلاد. فكل إقتصادات المنطقة سيئة جداً، وأنا أعمل كي أبقى موجوداً وأن أقوم من هذه المحنة.

ما رأيك في وضع قطاع الفنادق والسياحة اليوم في لبنان؟

أثّر موضوع دول الخليج في الفترة الأخيرة على لبنان  بشكل كبير،فمنذ ستينات وسبعينات القرن الماضي كان الخليجي داعماً أساسيا للسياحة اللبنانية، وأن ما كان يعرف بالـHigh Season لم يعد موجوداً هنا وكان 50% من أرباحنا نكتسبها في فصل الصيف،إلا أن السواح لم يعودوا إلى لبنان، بل هناك مغتربون لبنانيون يزورونه في الصيف ويسكنون في منازلهم، الأمر الذي يشكل خسارة كبيرة للقطاع الفندقي وانتعاشاً قوياً للمطاعم.

هل برأيك هناك حل لهذه المشاكل؟

أرى أن هناك حلولاً دائمة يمكن إيجادها للبنان، حيث إنه يمر بظروف قاسية مستمرة، وينتهي منها، ولكن ما ينقصه هو الاستقرار، وراحة البال، والأمن، والثقة في النظامين المصرفي والسياسي، وهذا ما يؤدي الى اجتذاب السياحة والأموال والإستثمارات، ويحرك الإقتصاد من جديد.

ما هي كلمتك للشباب اللبناني؟

يمر الشباب اللبناني حالياً وخاصة خريجو الجامعات في أصعب الأوقات لناحية عدم إيجاد فرص عمل في لبنان،أو في الخارج، حيث إن كل شيء أصبح مكلفاً، فإذا أراد الشخص أن يسافرإلى الخارج وإلى الخليج خاصة، فإن الحياة هناك أصبحت صعبة ومكلفة جداً، وما أقوله للشباب اليوم أنه يجب عليهم ألا يتخلوا عن التعلم أبداً، إذا إن العلم مفتاح لكل شيء، وعليهم أن يأخذوه على محمل الجد في كل الأوقات. أنا أتفهم الشخص الذي يهجر لبنان،فلا يمكن منعه من القيام بذلك لأن بلده لا يقدم له أية فرصة لتحسنه، ونحن كأرباب عمل نجد صعوبة في توظيف شباب مثقفين ومتعلمين لأنهم يهاجرون إلى الخارج، وأما الشباب الذين يعيشون هنا أصبحوا يبحثون عن أسرع طريقة لإيجاد المال مع يأس منهم بأن يصلوا إلى أهدافهم. يجب أن يمتلكوا دوافع محفزة في العمل وأن يأخذوا التعليم والتحصيل على محمل الجد، وأن يكون لديهم حظ دائمٌ، كما عليهم أن يكونوا صبورين، وليس الأمر لتحقيق أهدافهم بالسهل أبداً.