استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من نادي الصحافة في فرن الشباك، مع  المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "قانون العمل وحقوق العمال، الصرف التعسفي والبطالة، مجلس العمل التحكيمي ووزارة العمل: أين الإشكالية ؟ وعلى من تقع المسؤولية؟" رئيس الإتحاد العمالي العام غسان غصن، الخبير الإقتصادي د.إيلي يشوعي والمحامي د. شربل عون عون. وشارك في الحوار رئيسة تحرير موقع "الإقتصاد" كوثر حنبوري، والصحافيين لينا حشا وفاطمة حوحو.

بداية قال المحامي د. شربل عون عون "قانون العمل في لبنان جيد، ولكنه يحتوي على مشكلتين، الأولى أن القانون ينقصه بعض التعديلات وفيه بعض الشوائب، والثانية تتعلق بثقافة الناس القانونية وعدم معرفتهم لحقوقهم وواجباتهم بحسب قانون العمل".

وأضاف "في لبنان لا يوجد ثقافة قانونية، والأجراء لا يعلمون على ماذا يحتوي قانون العمل وما فيه من تقديمات .. ولكن انا أريد طمأنة الأجراء والعاملين الى أن قانون العمل اللبناني جيد ويقدم لهم الحماية الكافية، رغم أنه بحاجة لبعض التعديلات .. فمثلا من ناحية الضمان الإجتماعي، فإن كل أجير لديه عقد عمل خطي او حتى شفهي يكون محميا من الناحية القانونية بحيث على رب العمل تسجيل أي أجير في الضمان الإجتماعي بعد 15 يوما من تاريخ بدء العمل، وهذا أمر ملزم وضروري".

وفي سؤال للزميلة خداج عن العقود الشفهية ؟ وعن كيفية إثبات وجود إتفاق شفهي بين الأجير ورب العمل، قال عون، "إن أي شيكات أو حوالات مالية عبر المصارف تعتبر بمثابة إثبات ودليل على أن الأجير كان يعمل لدى رب العمل .. ومحاكم العمل في لبنان تصدر أحكاما مشرّفة جدا، ولكن المشكلة هي في إنعدام الثقافة القانونية لدى الناس وعدم تقديمهم لشكوى لدى محاكم العمل".

وتابع "قانون العمل فيه الكثير من الحقوق .. وفي حال صدور قرارات عن محاكم العمل، فهناك عقوبات جزائية تنفذ بحق رب العمل وتصل أحيانا إلى عام".

واكد عون ان "دور وسائل الإعلام مهم جدا في زيادة الوعي وتكوين ثقافة قانونية لدى الناس .. فالأجير ليس الحلقة الأضعف، ولكن المشكلة الحقيقية هي في التطبيق وتقصير وزارة العمل".

من جانبه قال الخبير الإقتصادي د.إيلي يشوعي أن "قانون العمل اللبناني جيد نسبيا .. فبند التسريح او ترك العمل مثلا واضح جدا ومفصّل، فإما أن يحصل ترك العمل بسبب رب العمل، وإما أن يحصل بسبب الأجير .. كما أن الأسباب الموجبة التي يستند إليها صاحب العمل عند صرف أي أجير واضحة، وكذلك حقوق الأجير أو العامل .. لكن المشكلة في لبنان هي أن المؤسسات المكملة والمساندة لقانون العمل لا تواكب القانون، فالضمان الإجتماعي مثلا فيه الكثير من الشوائب، حيث أنه لا يوجد مجلس إدارة مكتمل .. فالرئيس متغيب بسبب المرض، وعدد من الأعضاء إستقال، وغيرهم يغيب بداعي السفر .. وحتى الأن لم تكلف الحكومة نفسها لإعادة تعيين مجلس إدارة جديد. أضف إلى ذلك أن مديرية الإعداد والتدريب في الضمان معطلة ويجب تفعيلها من جديد، كما أن مكاتب الضمان في المناطق فيها الكثير من الشواغر ونقص في الموظفين، والأمور المالية التي تتم في مؤسسة الضمان يجب أن تحصل من خلال معاملات وتحويلات مصرفية".

وتحدث يشوعي عن موضوع التصريحات غير الحقيقية للأجور .. فقال "أرباب العمل لا يصرحون بالأجور الحقيقية لعمالهم، وهنا لا يجب لوم رب العمل بل الأجير الذي قبل بهذا الوضع .. وهنا نعود من جديد لمشكلة  إنعدام الثقافة القانونية لدى المواطنين في المجتمع اللبناني".

وتحدث يشوعي أيضا عن مشكلة العمال المصروفين من جريدة المستقبل فقال "هذا الملف فيه الكثير من التعسف بسبب غياب التقييم .. ففي أي مؤسسة يجب أن يكون هناك تقييم للموظفين وشرح لأسباب الصرف، وكان على مؤسسة المستقبل أيضا أن تظهر نتائجها المالية لتؤكد عن الوضع المالي الصعب الذي تمر به". لافتا إلى أن "الورقة التي وقع عليها الموظفين قبل صرفهم تصبح ورقة قانونية على الطرفين الإلتزام بها وتنفيذها في مدى أقصاها سنتين، وإلا فإن الأمور ستعود لنقطة الصفر ويصبح الأجير قادرا على المطالبة بالتعويضات من جديد".

من جهته وردا على سؤال حول من يحمي العامل؟ أجاب رئيس الاتحاد العمالي العام بجملة من الأسئلة معتبرا ان المشكلة هي في الاقتصاد قبل توزيع المسؤوليات على صاحب العمل او العامل او النزوح ومتسائلا : "هل لدينا اقتصاد ام لا ؟ما هي بنية هذا الاقتصاد ومعدلات النمو فيه ؟هل يخلق فرص عمل ام لا؟أين وظفت امواله من العام ١٩٩٣ وحتى اليوم؟هل وظفت في القطاعات الإنتاجية ؟ام اعتمدنا على الاقتصاد الريعي الذي سبب الأزمة الاقتصادية ؟أين دور الدولة وماهي مسؤوليتها وهل الحكومة موجودة؟وهل وزارة العمل تستطيع تغطية ألكم الواسع من مخالفات القانون ؟وهل الضمان الاجتماعي جاهز لارسال اجهزة التفتيش لمراقبة المؤسسات المخالفة لتسجيل اجرائها الأجانب وغير الأجانب ؟".

وفيما يتعلق بدور الضحايا كشف غصن عن "ان العمال هم ضحايا سياسات متسائلا اذا كان الاعلام حاجة ام سياسة؟ ومجيبا في الوقت عينه انه عندما شُح المال السياسي والموارد غير المنظورة كان العمال والصحافيون هم الضحية واليد العاملة هي المستهدفة دائما والحلقة الأضعف والأسهل للحل السريع فيما فاتورة الكهرباء وفواتير فوائد المصارف لا احد يعترض عليها".

من ناحيتها قالت رئيسة تحرير موقع "الإقتصاد" كوثر حنبوري أنه "إذا كان قانون العمل جيد ومثالي، فإننا إذا نظرنا إلى الناحية العملانية وفي التطبيق فإن هناك العديد من المخالفات ترتكب في المؤسسات والشركات لدى أصحاب العمل حيث معظم هؤلاء لا يدخلون كل العاملين لديهم في الضمان الإجتماعي، ولا يدخلونهم بالأجر الحقيقي لا بل أن هناك بعض المؤسسات تتذرع بحجة الضائقة المالية وتقترح على العمال التوقيع على انهم قد تقاضوا كل مستحقاتهم من الضمان الإجتماعي .. فيرضخون ويوقعون لأن الإعتقاد السائد أن صاحب المال هو صاحب الحق في إملاء إرادته على الموظفين .. وللأسف فإن العامل يتصرف على أنه الحلقة الأضعف، ولعل السبب الرئيسي هو غياب الثقافة القانونية كما أشار في بداية الحديث د. شربل عون".

وتابعت "من هنا أسأل، من يجب أن يتولى تثقيف العمال والموظفين على حقوقهم؟ هل يمكن أن تكون في الجامعات في سنة التخرج مثلا؟ ! خصوصا أن الندوات الإعلامية التي تتناول الموضوع قليلة جدا".

بدورها قالت الصحافية التي شملتها عملية الصرف مؤخرا في جريدة المستقبل فاطمة حوحو ان "مجموعة كبيرة صرفت من المستقبل وعددهم تقريبا 50 أجيرا بين صحافيين وإداريين ومخرجين .. وعملية الصرف لم تأخذ أكثر من دقيقتين، حيث أنه في 26 أيلول الماضي تم إبلاغنا بأن المؤسسة تمر بضائقة مالية وأنهم مضطرون للإستغناء عن خدماتنا، وأعطونا ورقة من الإدارة تحتوي على التعويض التقريبي الذي سنحصل عليه لاحقا عندما تتحسن الظروف المالية للمؤسسة".

ولفتت حوحو إلى أن "موظفي المستقبل تحملوا كثيرا ووقفوا إلى جانب المؤسسة في الكثير من الظروف الصعبة، وفي الفترة الأخيرة عملوا أكثر من سنة دون رواتب .. ومن المؤذي ان يتم صرفهم بدون كلمة شكرا حتى".

وأشارت إلى أنهم "تقدموا ببلاغ لدى وزير العمل وانهم يسعون للتحرك على الأرض للحصول على كامل حقوقهم خصوصا ان وضع الموظفين المصروفين صعب جدا وهم قضوا فترة كبيرة بدون رواتب وهذا ما راكم عليهم الديون".