تستمر إتحادات النقل البري باعتصامها المفتوح لليوم الرابع على التوالي أمام مراكز المعاينة في مختلف المناطق اللبنانية. وأعلن رئيس هذه الإتحادات بسام طليس أن هذا الإعتصام المفتوح مستمر حتى إشعار آخر لحين نقل المعاينة الميكانيكية إلى عهدة الدولة، مشدداً على أن "مراكز المعاينة الميكانيكية لن تفتح أمام المواطنين إن لم تصبح إدارتها للدولة."

وفي المقابل كانت مصادر وزير الداخلية نهاد المشنوق قد تحدثت عن قناعته، في بداية الشهر الجاري، بأن الدولة لا تستطيع أن تتحمل عبء قطاع المعاينة الميكانيكية، الذي يضم ألف موظف، وإنه ملتزم قرار القضاء. كما نفت المصادر أن يكون لدى الوزير الحق في أن يلغي المناقصة، بالتنسيق مع وزير الأشغال غازي زعيتر، وأنه في المبدأ لا يوافق على هذا الإلغاء.وانتقدت مصادر الوزير الإدارة السابقة السيئة للمعاينة، التي أنتجت "دكاكين مفتوحة" على أبواب المراكز".

ما بين إصرار الطرف الأول وقناعة الطرف الثاني، هل يتحقق مراد "الشعب المسكين"؟ هل مطلب "الشعب المسكين" منطقي بالأصل؟ هل من المنطقي تسليم هكذا سلطة ملفاً آخر لتفسده؟ كيف ستكون نهاية هذا الملف، ومتى سينتهي؟ لمعرفة المزيد عن هذه النهاية المرتقبة ومواضيع أخرى، كان لـ"الإقتصاد" هذا اللقاء مع رئيس الإتحاد العمالي العام ​غسان غصن​: 

-هل سترضخ برأيك الجهات المعنية لإعتصامات إتحاد النقل البري المفتوحة؟ وهل سنشهد حلولاً قريبة؟

بالطبع سيرضخ المسؤولون للحق، لأن مطلب السائقين العموميين مطلب محق. يجب على الدولة أن تستعيد أموالها من الشركات وأصحاب المصالح الخاصة، والمعاينة الميكانيكية هي جزء من هذه الأموال. ما يقوم به السائقون العموميون هو فصل من فصول حركة الإتحاد العمالي العام المواجهة للخصخصة، هذا الأمر من صلب موقفنا في الإتحاد منذ "باريس 1" و"2" و"3" و"بيروت 1".

الأمر لا يقتصر على الميكانيك بل على الخدمات كافة كالكهرباء والمياه. بالإضافة إلى أن ما يقوم به السائقون ليس من أجل المعاينة الميكانيكية فقط، بل هناك ما يتعلق بقانون السير والمنافسة غير المشروعة التي يعانون منها، فسائقو الشاحنات مثلاً، يعتصمون لأنه يتم استبدالهم بسائقين من جنسيات أخرى.

- ما هو دور الإتحاد العمالي العام في التحركات؟ وهل يقدم لكم الدعم الكافي؟

نحن ندعم هذا التحرك بموقفنا، لكن لا نشارك لأننا لا نتحرّك على مستوى قطاع واحد، كاتحاد عمالي عام عندما ندعو للتحرك فإنه سيشمل القطاعات كافة، والموضوع لن يقتصر على الميكانيك فقط، بل سيتعدى ذلك ليشمل الكهرباء والمياه والإستشفاء، ودور الوزارة والحكومة.

نحن إتحاد "عام" أي أنه لا يمكننا أن نتحرك من أجل موضوع دون آخر، لكننا اليوم في حالة ترقّب وننتظر عيون الدولة لترى الحق، وآذانها لتسمع صوت الحق الذي ينادي به إتحاد النقل البري.

وفي النهاية الإتحاد العمالي ليس سلطة، أقوى ما نملكه هو صوتنا.

- أشارت وزارة العمل في بيانها الأخير إلى ارتفاع وتيرة الصرف التعسفي والعشوائي للعمال اللبنانيين، وأعلنت أنها نظمت محاضر ضبط بحق بعضها. هل تعتقد أن محاضر الضبط كافية أم أنه يجب أن يكون هناك إجراءات إستباقية لعمليات الصرف هذه؟

ليس هناك وسيلة أخرى غير محاضر الضبط.  إذا أراد صاحب مصلحة ما أن يزيد أرباحه أو يخفّض كلفة إنتاجه على حساب أجر العامل اللبناني سيكون مخالفاً للقانون، وليس هناك سلطة قمعية في القانون غير محاضر الضبط، التي لا يستهان بها شرط أن يكون هناك من يتابعها وينفذها بتحويلها إلى المحكمة قبل أن تصل إلى التسويات.

يجب تشديد الرقابة وزيادة قيمة الغرامة على أصحاب المصالح الذين يستغنون عن اليد العاملة اللبنانية ويستعينون بالأجانب بدلاً منها، عندما يتحرك الضمان الإجتماعي من خلال مؤسساته ومن خلال التفتيش، ويطلق حملة حقيقية في المناطق الصناعية بمفتشين يعملون بجد غير منشغلين بالسمسرة، حينها فقط سيستقيم الوضع، الوضع لا يستقيم إلا بالقانون. ألا يمرّ مفتشو الضمان الإجتماعي على محطات الوقود لشراء البنزين لسياراتهم؟ ألا يرون أنه ليس هناك أي عامل لبناني في هذه المصلحة؟ أليس من واجبهم تطبيق القانون؟

-هل ترى بوادر إيجابية في الحديث عن انتخاب الرئيس في الجلسة النيابية المقبلة؟

إنتخاب الرئيس مهم جداً، لكن برأيي، إن السلطة يجب أن تستقيم لتتمكن من العودة إلى تأدية دورها بدءاً من الرئيس، وصولاً إلى السلطة التنفيذية ودورها الذي ينعكس على أداء الإدارات العامة والمؤسسات، إلى المجلس النيابي الذي يجب أن يعود إلى تشريع القوانين المتراكمة، ومنها قانون متعلق بالتغطية الصحية لمليون ونصف لبناني بعد بلوغ سن التقاعد. لا يستقيم بلد إن لم يكن هناك انتظام لمؤسساته. يجب علينا أن نبدأ من انتخاب رئيس للجمهورية، وننتقل لتعيين الشواغر في البلد والإدارة العامة حتى نصل إلى إعادة تكوين السلطة التي فقدناها من دون أن نشعر.