أشار تقرير "​بنك عودة​" في الأسبوع الـ42 الصادر عن الفترة الممتدة من 9 تشرين الأول الى 15 تشرين الأول إلى أن البنك الدولي أصدر تقريره الاقتصادي عن منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، وقال فيه أن هذا العام يبدو وكأنه الاصعب على المنطقة، في حين تواجه حكومات المنطقة تحديات سياسية خطيرة. 
 

ويقوم التحدي الأكبر لمصدري النفط على  كيفية إدارة أموالهم وتنويع الاستراتيجيات على ضوء انخفاض أسعار النفط. ويؤدي ضبط الأوضاع المالية العامة في ظل بيئة اجتماعية سياسية صعبة بسبب الصراعات الدائرة الى خلق تحديات لمستوردي النفط أيضا. ومن المتوقع أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الـ 2016 إلى 2.3% وهو أدنى مستوى له منذ عام 2013، بتراجع أيضا عن العام الماضي بمقدار نصف نقطة مئوية، وأقل بما يقرب من نقطة مئوية مما كان متوقعا في نيسان 2016.

 

ويعزى أداء النمو الضعيف لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا لتدابير التقشف التي تتخذها الحكومات والتي تشمل خفض رأس المال والإنفاق الجاري لمواجهة تراجع الإيرادات الضريبية في أعقاب تراجع سعر النفط. يأتي هذا في الوقت تدور فيه الصراعات والحروب في سوريا والعراق وليبيا واليمن وتجتاح هذه الاقتصادات أزمة اللاجئين ما يستنزف الحيز المالي في البلدان المجاورة. وعلاوة على ذلك، تباطأ نمو القطاع الخاص، وهو الذي يعد مصدرا لخلق فرص العمل، مما يجعل من الصعب استيعاب عدد كبير من العاطلين عن العمل.

 

ويتوقع البنك الدولي أن يتحسن النمو الإقليمي قليلا إلى 3.1% و 3.5% خلال العامين المقبلين، اذا ما قامت الحكومات على امتداد المنطقة بإصلاحات وعمدت الى تنويع اقتصاداتها بعيدا عن النفط. وتشمل التدابير التي يمكن اتخاذها الغاء دعم الوقود، والحد من وظائف القطاع العام والأجور، وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، وتنويع الإيرادات المالية بعيدا عن النفط من خلال زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة. وفي حال تنفيذها، فمن المتوقع أن يتم تغيير ولو جزئي للعقد الاجتماعي القديم وتعزيز الكفاءة الكلية لاقتصاداتها المتجهة قدماً. 

 
 
 ومن المتوقع أن يرتفع العجز المالي الإقليمي إلى 9.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016، بزيادة حوالي نصف نقطة مئوية عن العام الماضي. ومن المتوقع أن تسجل جميع المجموعات الفرعية الثلاث (دول مجلس التعاون الخليجي، الدول المصدرة للنفط والدول المستوردة للنفط) عجزاً كبيراً هذا العام والعامين المقبلين ولكن مع احتمالات الحد منها للمضي قدما.
 

كما  جاء في التقرير عينه انه من المتوقع أن يبقى النمو للدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مستقراً فوق 2% هذا العام بسبب انخفاض حاد في النمو في دول مجلس التعاون الخليجي. وهذه المرة، تتعامل حكومات الدول المصدرة للنفط مع انخفاض سعر النفط على أساس أنه دائم ومستمر إلى حد بعيد، وتتخذ تدابير سياسية صعبة مثل خفض النفقات، التي خفضت أيضا النمو في القطاعات النفطية وغير النفطية. وقد تزايد اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على النفط خلال العقد الماضي، ما يجعل من الصعب التعامل مع تبعات انخفاض أسعار النفط. ومن المتوقع أن ينخفض النمو في دول الخليج إلى 1.6% في عام 2016، أي أقل من نصف المعدل شهدت العام الماضي.

 

وردا على انخفاض أسعار النفط، تشددت كل هذه الدول بسياستها المالية، واستخدمت احتياطياتها من النقد الأجنبي، كما توجهت الى أسواق الدين لتمويل العجز التوأم بهم. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد أصدرت حوالي 88 مليار دولار بالسندات السيادية أو بديون الشركات ذات الصلة بالحكومة لسد العجز في الميزانية جراء انخفاض أسعار النفط. وعملت أيضا على تنويع إيرادات المالية العامة بعيدا عن النفط عن طريق إدخال الضريبة على القيمة المضافة للمرة الأولى. ومن المنتظر أن تتحسن التوقعات على نحو طفيف خلال فترة ترقب دخول الإصلاحات والتدابير حيز التنفيذ، ولكن يبقى هذا التحسن طفيفاً بالمقارنة مع سنوات الطفرة السابقة لعام 2011.

 

وفي حين تحسنت التوقعات قليلا تبقى ضعيفة التأثير في تطوير نمو الدول المستوردة للنفط. فالأخيرة تضررت بشدة من الهجمات الإرهابية، والآثار غير المباشرة من الصراع في المنطقة، وانخفاض التدفقات المالية من دول الخليج. ويتوقع البنك الدولي أن ينخفض النمو إلى 2.6% في عام 2016 (من 3.4% في عام 2015) لهذه المجموعة من الدول بالمجمل، قبل أن يعود الى التحسن بشكل طفيف إلى متوسط قدره 3.5% في فترة التوقع. ومن المتوقع أن يبقى العجز في المالية العامة والحساب الخارجي مرتفعاً طوال فترة التوقع، وفقا للتقرير.

 

وقد تأثرت اقتصادات الدول النامية المصدرة للنفط في المنطقة على نحو سلبي مضاعف بسبب تراجع أسعار النفط والحروب الأهلية. ومن المتوقع أن يتحول متوسط النمو لمجموعة من البلدان إلى 3.4% في عام 2016 من أقل من 1% في عام 2015، ولكن هذا فقط بسبب توقعات بأن ينتج كل من إيران والعراق المزيد من النفط اذ أن هذه البلدان تواجه اختلالات مالية وتوترات خارجية نظرا لارتفاع تكلفة الحرب، وانخفاض أسعار النفط وتراجع في التجارة.