ربيع دمج

هي جريمة ثلاثية الأبعاد، بدأت بلعبة "الربا" والدين بالفائدة قبل أن تنتهي بمحاولة قتل الدائن، الذي نجا بالصدفة لولا دورية عسكرية كانت تجول في بلدة دوريس – بعلبك، نقلت الضحيّة والفار من وجه العدالة في آن إلى مستشفى "دار الأمل" لينجو من موت محتّم لو بقي نصف ساعة دون تلقّي الإسعافات اللازمة.

في هذه القضية تتداخل الفائدة المالية مع الربا ومع القتل، أما المعنيين الثلاثة في الملف فهم المجرمين وهم الضحايا في آن.

الأول وهو المدعو م. طه الذي دأب لفترة طويلة على إقراض الناس المحتاجين لقاء فائدة باهظة، المدعو الثاني ر.الخطيب (كلاهما من سكان بعلبك وعنصريين في جهاز أمني)، فكان يعمل في الربا ويجني المال الوفير من هذه اللعبة رغم أنه موظف دولة ولديه راتب شهري.

وفي إحدى المرات أقدم الخطيب على إستدانة مبلغ وقدره 12 مليون ليرة من طه لقاء سندات مالية وشرط أساسي "دفع فائدة شهرية عن المبلغ قيمتها 300 ألف ليرة لبنانية"، وهذا المبلغ الذي إقترضه الخطيب كان بغية القيام بأعمال ربا وإقراضه لأشخاص آخرين، وبعد دفعه 6 سندات لطه توقف الخطيب عن تسديد باقي المستحقات لظروف خاصة. ولكن الخطيب بحكم الصداقة صبر عليه قليلاً.

في هذا الوقت كان المدعو خ. شهلا (من البقاع) قد إحتاج إلى مبلغ وقيمته 3 ملايين ليرة، فلجأ إلى الخطيب كي يؤمن له المبلغ بحكم معرفته به بأنه "ملك الربا" في المنطقة وكثيرون يقترضون منه مقابل فائدة، وبما أن الخطيب يموّل نفسه من طه فلجأ إليه طالباً منه المبلغ، وحصل شهلا على الـ3 ملايين مقابل تسديد الدفعات المطلوبة مع فائدة مالية وقيمتها أيضاً 300 ألف ليرة، ولكن قيمة الفائدة مع سند القرض يعطيهما إلى الخطيب والخطيب بدوره يدفع المستحقات لطه، أي بمعنى أن الخطيب هو الوسيط بينهما.

بعد شهر واحد فقط أخبر الخطيب صديقه طه  بأن خالد شهلا لا يسدد الدين له وبالتالي لا يمكنه (أي الخطيب) دفع السندات لطه، طالباً منه إعطائه مهلة قصيرة ربما تتحسن الأحوال. هنا وبحسب إعترافات الخطيب لاحقاً : كان شهلا قد سدد المبلغ للخطيب إلا ان الأخير أخذ المبلغ مع قريب له يُدعى أ.الخطيب.

وبعد مرور أيام قليلة على موضوع القرض،  قام كل من ر. و أ. الخطيب بدعوة مهدي طه إلى تناول اللحم بعجين في فرن معروف في منطقة زحلة،  ودخل رضا لإحضار الطعام، 3 قطع من اللحم بعجين، وبسرعة البرق أخرج من سترته سم "هالك" الذي يُستخدم عادة لإبادة الحشرات وهو بلا رائحة ولا طعم، ودسه في القطعة الخاصة بطه وقدمها إليه.

وبعد الغداء توجه الجميع إلى منزل الخطيب في كفرزبد- زحلة، وتناولوا الشاي والنارجيلة ليقوم  ر. الخطيب بعد الإنتهاء من الجلسة بتوصيل طه إلى "الفان" الذي ينطلق من شتورا نحو الهرمل.

عند الوصول إلى بلدة دوريس شعر طه بألم شديد في معدته وبدأت مفاعيل السم تتحرك، في هذا الوقت كانت دورية للجيش اللبناني تجول في المنطقة بهدف أمني فأوقفت الفان، ولاحظ الضابط أن وجه طه غير طبيعي فظنّ به أنه "إرهابي" وأنه يرتعد من الخوف، وحين طلب أوراقه تبين أن هناك بعض مذكرات التوقيف بحقه، وسرعان ما سقط  على الأرض مغشياً عليه فتم إسعافه إلى مستشفى "دار الأمل" وتم إنقاذه من الموت بأعجوبة.

بعدها تم فتح التحقيقات المطوّلة،  وقد أفضت إلى أن  الفرن المعروف في زحلة لا علاقة له بتسمم طه،  وإنما هناك رواسب لمادة سامة بيضاء ثم ظهرت الحقيقة  كاملة لاحقاً فوقع الثلاثة في شرك أعمالهم، حيث تم إحالتهم إلى القضاء العسكري ثم إلى المحكمة العسكرية بتهم تحقير وظيفة دولة عبر المتاجرة بالربا والدين بالفوائد وإستغلال حاجة الناس ثم محاولة "قتل عن عمد". وسيتم محاكمة الثلاثة في مطلع شهر تشرين الثاني المقبل.