يبحث مجلس الوزراء في جلسته غدا بناءً لطلب مؤسسة ​كهرباء لبنان​ ووزارة الطاقة زيادة التعرفة الكهربائية على المشتركين 39.6% لتحقيق التوازن المالي وتأمين الطاقة الإنتاجية لمدة 24 ساعة يومياً.

هذا الطرح مرّ مرور الكرام في بعض وسائل الإعلام رغم أنه إقتراحٌ سيزيد على المواطن ضريبة إضافية مقابل خدمة تعدّ من أبسط حقوقه على الدولة ...  فهل من المنطقي رفع التعرفة الكهربائية في ظل إنخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة من 100$ للبرميل إلى حوالي 50$؟ ماذا عن معالجة الهدر الحاصل في مؤسسة كهرباء لبنان بدلا من إلقاء العبء على المواطنين؟ هل الحل هو فقط في رفع التعرفة ؟ وهل سيرى هذا الإقتراح النور ؟؟

في هذا السياق أشار عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة الأنطونية د. ​جورج نعمة​ في حديث لـ"الإقتصاد" إلى أن "زيادة التعرفة الكهربائية يجب أن تكون جزءا من حلٍ متكامل يتوافق عليه جميع الأطراف، وهي ليست الحل بحد ذاته .. فالمواطن اللبناني اليوم يدفع تعرفة مدعومة من الدولة (8 سنت عن كل كيلوات – التكلفة الحقيقية 24 سنت) وهذا ما يؤدي إلى عجز سنوي في مؤسسة كهرباء لبنان يصل إلى 3 مليارات ليرة، ولكن بالمقابل المواطن اللبناني يغطي هذا العجز من خلال الضرائب والرسوم كالـ TVA وغيرها".

وأضاف "السؤال الذي يجب يُطرح هو التالي: هل زيادة التعرفة ستؤدي إلى رفع ساعات التغذية إلى 24 ساعة؟ الجواب بالطبع سلبي، لأن الدولة اللبنانية ليس لديها القدرة على ذلك والمعامل الموجودة قادرة على تأمين 40% فقط من الطاقة المطلوبة .. لذلك إستعانت الدولة ببواخر في السنوات الأخيرة كان الهدف منها تأمين الطاقة الكهربائية المطلوبة لفترة معينة، مما يعطيها فرصة  لزيادة الإستثمار في بعض المعامل التي كان من المفترض أن تتوقف كالزهراني ودير عمار .. ولكن هذا الأمر لم يحصل أيضا، وهذا يثبت بأن خطة إصلاح قطاع الطاقة ليست جدّية".

وأكد نعمة أن "المشكلة ليست فقط في التعرفة .. بل في تأمين إستثمارات جدّية لتقوية إنتاج المعامل الموجودة، وخلق معامل أخرى تعمل بتقنيات حديثة، ولكن للأسف لا يوجد إرادة ورؤية موحدة للقوى السياسية اللبنانية".

وتابع "الحل الوحيد لمشكلة الكهرباء هو ان يولد توافق على مشروع منطقي وواقعي وشفاف، يأخذ بعين الإعتبار كل التقنيات الجديدة والبيئية الموجودة اليوم في مجال توليد الطاقة ... ويجب أن يترافق هذا المشروع مع إقرار قانون إشراك القطاع الخاص في هذا القطاع، خاصة وأن الدولة لا تملك إيرادات مالية كافية لتنفيذه. وهنا يجب الإشارة إلى ان جذب القطاع الخاص أيضا بحاجة إلى إجراءات وتشريعات تؤمّن له الضمانات الكافية من ناحية شفافية المشروع ونجاحه وتشجعه على الإستثمار في قطاع الطاقة".

ولفت إلى أن "المشروع المتكامل للطاقة لا يجب أن يطال فقط موضوع معامل توليد الطاقة، بل يجب أن يصل أيضا إلى شبكة الكهرباء التي تنقل التغذية إلى كافة المناطق، وإلى مشروع توصيل الطاقة إلى الوحدات السكنية ... إذا هناك ثلاث مراحل أو مشاريع يجب العمل عليها (تطوير المصانع بإستخدام التقنيات والطرق الحديثة، تطوير شبكة الكهرباء، وتوصيل الطاقة إلى الوحدات السكنية) ويمكن لكل مشروع من هذه المشاريع أن يكون مستقلا من ناحية إدارته وتمويله، ولكن يجب أن يكونوا مترابطين بالهدف".

وختم نعمة قائلا "لا أعتقد ان طرح زيادة التعرفة الكهربائية على المشتركين سيمرّ في مجلس الوزراء، ولا أعتقد أن هناك توافق عليه من قبل الأطراف السياسيين، خاصة وأن هكذا قرار في المرحلة الحالية سيخلق نقمة شعبية .. فاللبناني بات يعلم بأن مشكلة الكهرباء لا تتعلق فقط برفع التسعيرة .. بل تكمن في غياب الخطط والمشاريع الجدية لتطوير وتحسين هذا القطاع".

تجدر الإشارة إلى أن عجز الكهرباء المتراكم منذ بداية العام 1998 حتى الآن، يقدَّر بما بين 13.5 و15 مليار دولار تقريباً، بواقع سنوي يتراوح ما بين 500 مليون وملياري دولار سنوياً بإستثناء السنوات الأخيرة في ضوء تراجع اسعار النفط، ما أدى الى خفض العجز بمعدل قارب الـ50%.