قلّما نسمع عن نساء في عالم الإرهاب، مع العلم أنهنّ الوسيلة الأكثر أماناً والأبعد عن الشكّ بعكس الرجال. لكن التاريخ الدموي للمتطرفين والإرهابيين يذكر أسماء لسيّدات كنّ حجر الأساس في لعبة الموت.

وفي لبنان، تحديداً، هناك سيدات إنخرطن منذ حرب العام 1975 وصولاً إلى زمن "داعش" في السلك الدموي، وشاركن في العديد من الأعمال الإرهابية، وآخر اسم كان جمانة حميّد (34 سنة)، التي قبضت عليها مخابرات الجيش اللبناني في العام 2014  بكمين مُحكم على طريق عرسال داخل سيارة مع امرأتين آخريين، وذلك ليتم التفاوض عليها بين "جبهة النصرة" من جهة و مديرية الأمن العام من جهة أخرى لإطلاق سراحها ضمن صفقة تبادل عسكرية لعناصر من الجيش اللبناني كانوا مخطوفين لدى "النصرة".

وكانت حميّد حين حضورها جلسات في المحكمة العسكرية قبل إطلاق سراحها في العام 2015، قد أكّدت مراراً وتكراراً عدم علمها بأن السيارة التي كانت تقودها، وهي من نوع "كيا"، أنها معدّة  للتفجير وقد طُلب منها فقط نقلها إلى بيروت.

لكن بعد جلسة يوم أمس الخاصة بملف الإرهاب وتنظيماتها في عرسال، والمتهم بإحدى الملفات فيها القاصر محمد.ح (15 سنة) بجرم  التعامل مع "داعش"، فقد أكّد هذا الأخير في خلال إدلائه بشهادته أنّه شاهد عدداً ممن يحملون أسلحة حربية، كعلي عيسى، ومحمود حميّد، وحسن علي الحجيري، وأشقاء جمانة حميّد.

وهنا اعترف القاصر محمد بأنه يعرف جمانة معرفة شخصيّة،  وقد أخبره شقيقها في إحدى المرات  أنّها تقاضت مبلغاً وقدره  عشرين ألف دولار مقابل نقل المتفجرات بالسيّارة، أي على عكس إفادتها المزعومة بأنها لم تكن على علم بالمتفجرات، فيما أشار محمد بأن إحدى السيدتين الأخريين، -وهي  خديجة عودة التي كانت تدعي أنها حامل وكانت نائمة في الخلف تقاضت مبلغاً وقدره خمسة ألاف دولار أميركي، فيما الثالثة هالة رايد لم تتقاض أي مبلغ كونها لم تكن على علم بما يحصل، ورافقتهما بطلب من جمانة كنوع من التمويه ولعدم الشك بهما باعتبار أن السيارة مليئة بنساء، وبالتالي تمرّ السيارة بهدوء أمام الحاجز، إلا أن حسابات جمانة لم تكن على البال.

وبالعودة إلى ملابسات التوقيف التي جرت في 12 شباط عام 2014، حين خرجت سيارة من بلدة عرسال كانت متجهة من البلدة باتجاه البقاع الشمالي تقودها جومانه حسن حميد (مواليد عرسال- 1982) صاحبة محال لبيع النحاسيات في البلدة وترافقها فتاتان هالة أحمد رايد (عرسال - 1992) وخديجة محمد عودة (عرسال - 1992) إحداهن نائمة في المقعد الخلفي لتدعي أنها في حال ولادة ويردن العبور بسرعة عن حاجز للجيش.

السيارة التي كانت موضبة بالمواد المتفجرة داخل مقعدها الخلفي وعلى جوانب الأبواب كان يرافقها على بعد مسافة منها دراجة نارية على متنها مجهول لم تعرف هويته، حيث استطاع الفرار من القوة الأمنية كما فشلت إحداهن بالفرار أيضاً.

وحميّد متزوجة ولها أولاد، وتملك محل نحاسيات في بلدة عرسال، ولديها شقيق كان يقاتل في سوريا إلى جانب المعارضة، قبل أن يُقتل في المعارك.

وقد عُدّت عملية توقيفها إنجازاً أمنياً نوعياً وكبيراً حققه الجيش في منطقة عرسال من خلال ضبط سيارة مفخخة من نوع "كيا  ريو "  لون فضي تحمل لوحة مزورة رقم 121127/ج على طريق عرسال – اللبوة بداخلها ثلاث نسوة وتحتوي على مئة وأربعة كيلوغرامات من المواد المتفجرة شديدة الإنفجار موضبة داخل السيارة.