مع تخبّط السياسات ورسم الخرائط الجيوسياسية والديموغرافية ترسم علامات استفهام كثيرة حول مكانة لبنان في الحسابات الاميركية ، لاسيما على الصعيد السياسي رغم التطمينات التي ينقلها السفراء والمساعدات المقدمة  في كل المجالات العسكرية ،  الثقافية، التعليمية،  الاجتماعية والاقتصادية . فالاجندة الاميركية مكتظة باستحقاقات داخلية واقليمية ودولية . الا انه رغم ذلك يعوّل اللبنانيون على الاهتمام الاميركي في كل محطة، خصوصاً وان الجالية اللبنانية المنتشرة في ارجاء الولايات المتحدة الاميركية  قد اخترقت المجتمع الاميركي  بجدارة  بعدما حققت انجازات هامة  في مختلف  الميادين . وليس بعيداً عن العلاقات السياسة الجيدة المبنية على الاحترام المتبادل  بين البلدين تبرز اهمية العلاقات التجارية التي تفتح آفاقاً واسعة  للتعاون.  وفي الولايات المتحدة خبرات مميزة  تساعد قطاع الاعمال اللبناني على الارتقاء والتقدم  والافادة من مناخ  الاستثمارات  من جهة، او حتى جذب الاستثمارات من جهة اخرى.

وابعد من ذلك ، وفي اطار دعم  العلاقات الاقتصادية والانفتاح التجاري  تمت  إعادة العمل "بالبرنامج الاميركي لنظام الافضليات المعمم "GENERALIZED SYSTEM OF PREFERENCES" في لبنان بما يعزز العلاقات التجارية والنمو الاقتصادي والاستقرار فيه من خلال منح المنتجات اللبنانية افضلية تنافسية في السوق الاميركية.

وهذا البرنامج يؤمن إعفاءات خاصة من الرسوم والضرائب على المنتجات اللبنانية المطابقة للمواصفات ومثيلاتها في 121 بلدا مصدّرة إلى الولايات المتحدة. ورغم أنّ البرنامج كان قد توقّف في العام 2013، لكن القانون الذي صدر في 2015 أعاد العمل به بمفعول رجعي وحتى العام 2017، مما يسمح للجمارك وحماية الحدود الأميركية CBP بإعادة الرسوم التي دفعت على المنتجات اللبنانية لدى توقف البرنامج. هذا ويُعتبر لبنان المستفيد الأكبر من "نظام الأفضليات المعمم"، ولديه الفرصة لتصدير ما يقارب 3500 مُنتج معفي من الرسوم والضرائب إلى الولايات المتحدة في إطار البرنامج المذكور.

كيف تتم رعاية العلاقات التجارية والاقتصادية  بين البلدين ؟

لاشك انه من اول اهداف غرفة التجارة اللبنانية الاميركية تمتين العلاقات التجارية بين البلدين . ولقد قامت  بعدة مبادرات من مؤتمرات ومعارض  بينها  مؤتمر للشركات الناشئة اللبنانية في نيويورك ، كارافان بيروت ومؤخرا جولة "Start Up Lebanon-Silicon Valley Roadshow" للشركات الناشئة. ولكن هل كانت النتائج على مستوى التوقعات؟

رئيس غرفة التجارة اللبنانية الاميركية

رئيس غرفة التجارة اللبنانية الاميركيةسليم الزعنييؤكد ان النتائج تخطّت كل التوقّعات.  ويقول "للاقتصاد " : كالعادة، الولايات المتّحدة الأميركيّة تمنحنا أكثر ممّا نتوقّع! ذهبنا بهدف متواضع ولكن كنا مصمّمين على تحقيقه، إلا أنّ ما حقّقناه كان أكبر بكثير.  وأعتقد أننا نجحنا في تحقيق الهدف من كل هذه النشاطات، وهو فتح الطريق أمام الشركات اللبنانية الناشئة، وقبلها أمام المصممين اللبنانيين، للإنطلاق إلى الأسواق الأميركية والعالمية. لدينا طاقات كثيرة، وأفكارخلاّقة ومبدعة، تحتاج فقط إلى جسر عبور، ونحن حاولنا تأمين هذا الجسر. الأميركيون، وسواهم في العالم، يعرفون قدرات اللبنانيين، وقد لمسنا ذلك بأنفسنا، إذ أن ثمة لبنانيين يشغلون مواقع قيادية ومهمة في كل الشركات الكبرى التي قصدناها. ولكن بعد  مبادراتنا، أصبح هناك اهتمام بالشركات اللبنانية الناشئة وما تختزنه من أفكار ومشاريع. أما الجانب الآخر، فهو أن أهم أركان منظومة الشركات الناشئة في لبنان، اطلعوا على أحدث الاتجاهات في هذا المجال، واستوحوا الكثير من التجربة الأميركية التي اطلعوا عليها خلال الجولة.

وعن احتضان الولايات المتحدة الاميركية للعديد من اللبنانيين من رجال اعمال واكاديميين وطلاب ودورهم  في تمتين العلاقات الثنائية وعما اذا كان هناك  من احصاءات  لدى الغرفة حول عددهم و مجالات اعمالهم  يقول الزعني : لا شكّ في أن الانتشار اللبناني في مختلف أنحاء العالم له دور أساسي في بناء الجسور بين لبنان والعالم، وتحديداً الشبّان اللبنانيون الذين يعيشون ويعملون في الولايات المتّحدة الأميركيّة. لقد دُهشنا بعثورنا على هذا العدد من اللبنانيّين في مراكز أساسيّة في بعض كبرى شركات التكنولوجيا على غرار "فايسبوك" و"غوغل"، وكذلك أيضاً في أفضل المؤسّسات الأكاديميّة مثل "جامعة ستانفورد". هذا يدعو بلداً صغيراً بحجم لبنان إلى الفخر، فشعبنا منتشر ومتجذّر في كل زاوية وكل قطاع. إنّهم سفراؤنا.ولكن يا للأسف، ليس هناك من إحصائيّات محدّدة أو منشورة.

دولة قانون ومناخ استثمار

وبالنسبة لللشروط  المفروضة على عمل الشركات الأميركية في لبنان  اذا كانت كافية  لتشجيعها  على الاستثمار في لبنان يجيب بنعم وكلا.  ويضيف :ثمة إيجابيّات كثيرة للعمل انطلاقاً من لبنان والاستثمار فيه كهمزة وصل مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تمثّل سوقاً ضخماً لا يمكن التغاضي عنه، ولكن بالطبع، وكما نعلم جميعاً، هناك الكثير يجب العمل عليه من اجل  تحسين بيئة الأعمال في لبنان،بدءاًبالبنى التحتيّة الأساسيّة كالانترنت السريع. إن جذب المستثمرين الأميركيين وغير الأميركيين إلى لبنان، يحتاج إلى مجموعة عناصر، وأهمها الاستقرار، والإطمئنان إلى وجود دولة قانون، ومناخ مسهّل للاستثمار.

وعن وجود معطيات عن مجيء شركات اميركية  للعمل في لبنان  قريباً وعما اذا كان لبنان وجهتها المحددة ام بوابة عبور الى المنطقة يؤكد الزعني ان العمل جار بجهد على هذا الصعيد.

ويضيف: نسعى إلى وضع لبنان في موقع البوابة إلى المنطقة في مجال ريادة الأعمال والابتكار والخدمات والموارد البشرية.

لكن في غضون ذلك ماذا اعطى نظام خدمات GSP (Generalized system of preferences)  الاميركي الذي ينصُّ على مساعدة البلدان الصناعية المتقدّمة  للدول في طور النمو لتحفيز اقتصاداتها، عبر إعفاء بعض المنتجات التي تصدّرها إليها من الضرائب والرسوم   الى الاقتصاد اللبناني؟

يرى الزعني إنّ نظام خدمات "GSP" أعطى بدون شك منتجي لبنان ومصدّريه بعض المجال وهامش المنافسة مع لاعبين كبار من مختلف أنحاء العالم.  وإنّ هذا النظام يشكّل فرصة مفيدةوفاعلة جداً لتنمية التبادل الاقتصادي والتجارة الذي على الصناعيّين اللبنانيّين الاستفادة منه أكثر.

وعما اذا كان  التزام لبنان بتطبيق قانون "فاتكا" الأميركي الذي يرمي إلى تعزيز قدرة الولايات المتحدة على جباية ضرائبها من المكلفين غير المقيمين على أراضيها بعد قيام المصارف اللبنانية بالتصريح عن هؤلاء إلى مصلحة الضرائب الأميركيّة  ( IRS )قد ساهم في تعزيز الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني ، يؤكد  إنّ امتثال المصارف اللبنانيّة للقانون الضريبي الأميركي "فاتكا" قد عزّز الثقة في قطاعنا المصرفي، على الأقل لمجرّد الإشارة إلى التعاون والانفتاح على العمل معاً.

أخيراً، يبقى الاعتراف بما يقوم به القطاع الخاص اللبناني في اطار دعم اواصر التعاون والانفتاح وتثبيت موقع لبنان على الخريطة العالمية بغياب الدولة المقصّرة والمشغولة بالمناكفات السياسية .