ربيع دمج 

 لا يخلو ​لبنان​ من روايات  النصب والإحتيال والتهرّب من دفع الضرائب، والتزوير وغيرها من الامور التي يأكلها الكبار ويضرسها المساكين، ففي هذا البلد المفعم بالفساد الفقير فقط أو الموظف الصغير هو من يدفع فاتورة الكبار.

قضية جديدة من داخل النيابة العامة المالية في بيروت يحصل عليها موقع "الإقتصاد"، القضية لا تزال بطور الدعاوى وجلسات الإستماع للطرفين ( المدّعي والمدّعي عليه)، لم تُحسم عند قاضي التحقيق بعد، ولم يسطّر أي قرار ظني حتى شهر تشرين الثاني المقبل.

في تفاصيل القضية الجديدة، والتي يأمل موقع "الإقتصاد" أن يتم كشف الخيوط وإظهار كل ذي حقه، تفيد المعلومات بأن تاجر ملبوسات لبناني على صعيد كبير جداً (م.س) وهو وكيل لماركة "جينز" إيطالية ومعروفة جداً، دأب منذ فترة طالت الخمس سنوات على إستيراد هذه النوعية من سراويل الجينز، وبكميات كبيرة تفوق قيمتها الـ300 ألف دولار، وطبعاً مهمته توزيعها بأسعار خيالية على المحلات والمتاجر المعروفة التي بدورها تبيعها بأسعار لا تقلّ عن الـ100 حتى الـ200 دولار (حسب نوعية وموديل القصّة).

كوّن هذا  الرجل  علاقات خاصة مع رجال آمنيين في الجمارك تحديداً، ومن عبر مطار بيروت والمرفأ كان يقوم بتهريب قسماً كبيراً من بضائعه كي لا يدفع الضرائب والنفقات المتوجبة عليه، وطبعاً بتغطية ورعاية هؤلاء الأمنيين، لكن يبدو أن بعض الموظفين تنبهوا لأمور غريبة تحصل ووضعوا شحنات بضائعه تحت المراقبة لمرّات عدة، حينها إكتشفت عملية التهريب وأحيل ملفه إلى القضاء المختص للتحقيق معه.

خلال التحقيقات تبيّن أن التاجر لم يكتف بتهريب البضائع فحسب، بل قام بغش المحلات،  فمعظم بضائعه تقليد للماركة الإيطالية الأصلية، ويتم صناعتها وشحنها من باكستان والهند، على أن تُباع للمحلات والتجار في لبنان تحت شعار "إيطالية الصنع"، ليدخل في قضيتين هما  "التهريب" و"التزوير".

وبحسب المعطيات لدى المحققين وبعد مراجعة خبير المحاسبة المحلّف لديهم، وبعد التحقيقات المتلاحقة تبيّن أن التاجر تهرّب من دفع 150 ألف دولار أميركي وهي قيمة بضائع دخلت خلسة إلى لبنان، ولم تمرّ في الجمارك وهذه الكميّة المهرّبة تقدّر بحوالي 400 ألف قطعة أي معدّل حمولة  4 شاحنات كبيرة جداً.

ولكن يبدو أن التاجر يجيد فنّ الحيلة، فتقدّم عبر محاميه بدعوى ضد الموظفة لديه (وهي مسؤولة الستوك في المستودع الرئيسي في سن الفيل)، متهماً إياها بأنها قامت بسرقة هذه الكميّة التي لا تظهر في جدول الإحصاءات لبضائعه، أي  بمعنى أنه غير مسؤول عن الـ150 الف دولار قيمة البضائع المفقودة ، وانه لم يهرّب البضائع ولم يتهرّب من دفع الضرائب. وأنه لم يكن يعلم بالموجودات في "الستوك" كونه منذ 5 سنوات لم يجر أية جردة !!

هذه الحجة لم تأخذ بها كثيراً قاضية التحقيق في النيابة العامة اللبنانية (ه.ع)، فكيف لصاحب مؤسسة كبيرة أن ينسى أو حتى لا يهتم لعمل جردة سنوية لمعرفة ماذا يوجد لديه من بضائع وما باع وما خسر؟

من ناحية أخرى، كان السؤال الأبرز الذي وُجه إليه:  أين الكاميرات التي تبرهن عملية السرقة  التي قامت بها الموظّفة، وكيف لا توجد كاميرات في مستودع كهذا مع العلم أن أي دكان صغير يزرع اكثر من كاميرا على أبوابه، ثم الفكرة الأبرز: كيف لموظفة أن تسرق 400 الف قطعة ولو على مراحل دون أن يلاحظ أحد ذلك؟

في هذا الوقت، لا تزال الموظّفة موقوفة إحترازياً، الى أن تبت المحكمة بالدعوى المقامة ضدها، في وقت قام التاجر (بحسب وكيلة الموقوفة)، بالمساومة مع أبنائها عبر العرض عليهم بدفع الـ150 ألف دولار له كي يسقط الدعوى عن والدتهم، وبما ان هذا المبلغ غير موجود بحوزتهم أتفقوا فيما بينهم عرض شقتهم للبيع لإخراج والدتهم.

في هذه الأثناء، تحاول وكيلة المُتهمة منع الأبناء الرضوخ لأية عملية إبتزاز من قبل التاجر، كون لا يوجد دليل قاطع على تورّط والدتهم، وثانياً في حال تمت إدانتها دون دلائل ملموسة سيتم توقيفها  3  أشهر فقط، وتحتسب بذلك مدّة توقيفها.

خاص الإقتصاد