لا يزال عدد قليل من الشركات العالمية المتخصصة في عالم التكنولوجيا مثل "مايكروسوفت" مستمر في إعادة شراء المليارات من الأوراق المالية الخاصة بهم، إلا أن الربع الأخير شهد انخفاضاً ملحوظاً في عدد الشركات التي تقوم بإجراء عمليات إعادة الشراء هذه.

هذا وقد انخفض عدد الشركات في "أس أند بي 500" التي تصل قيمة عمليات إعادة شراء أسهمها إلى أكثر من مليار دولار، خلال ثلاث سنوات في الربع الثاني من العام 2016، بحسب ما أظهرته إحصائية قامت بها شركة "فاك سات" هذا الأسبوع. وبشكل عام، كان عدد قليل من الشركات يختار إعادة شراء أسهمه، مسجلاًأدنى نسبة على الإطلاق منذ نهاية العام 2010.

وفي هذه الأثناء، أعلنت شركة "مايكروسوفت" الأميركية، الأربعاء الماضي، أنها أجازت إعادة شراء أسهمها بمبلغ أربعين مليار دولار أميركي، إلا أنها لم تكشف أي شيء عن أي جدول زمني لإعادة شراء الأسهم، حيث أبلغت "سي ان بي سي" الأميركية أنها لن تفصح عن أي شيء في ما خص التوقيت.

ويعد حجم عملية إعادة الشراء الأخيرة تطبيقا للخطة التي أعلنت في العام 2013 التي أشارت الشركة فيها إلى أنها من المتوقع أن تكتمل مع نهاية هذا العام.

ولم تحدد "مايكروسوفت" موعداً لانتهاء صلاحية خطة إعادة الشّراء الجديدة التي تمثل نحو 9% من قيمة الشركة السّوقية البالغة 442.7 مليار دولار.

وأوضحت الشركة التي يقع مقرها في واشنطن، أنها رفعت توزيعاتها النقدية الفصلية 8.3% إلى تسعة وثلاثين سنتاً للسهم.

في الربع الأخير، قامت شركة "آبل" بإنفاق 10.9 مليار دولار وشركة "جنرال الكتريك" 7.6 مليار دولار في عملية إعادة شراء أسهمهما. يشار إلى أن هاتين الشركتين تقودان- إلى جانب "مايكروسوفت" - سوق إعادة شراء الأوراق المالية خلال الإثني عشر شهراً الماضية.

في العقد الأخير، أنفقت الشركات الكبرى مبالغ مالية طائلة على إعادة شراء أسهمها حول العالم،والتي تستخدم عادةً لدعم أسعار الأسهم المتبقيّة ولدعم الأرباح على كل سهم.

ورغم أن عدد عمليات إعادة شراء الأوراق المالية انخفضت خلال الربع الأخير من العام الحالي، لاتزال شركات "أس أند بي 500" تستخدم مبالغ طائلة من مداخيلها المالية لإتمام عمليات إعادة شراء أسهمها، حيث إنها تنفق ما نسبته 72% من مدخولها المالي الصافي خلال السنة الماضية بعد أن ارتفع 17% عن العام الماضي.

ومع ارتفاع الديون والأرباح المتوقعة بالسقوط، يرجح أن تكون أسعار عمليات إعادة شراء الأسهم والأوراق المالية مقبولة في الفصول المقبلة، خاصة إذا قرر البنك المركزي الأميركي رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الاميركية.

وإذا وضعنا عملية إعادة شراء أسهم شركة "مايكروسوفت" البالغة أربعين مليار دولار في السياق، فإذا قامت بشراء الأسهم بهذا المبلغ بالفعل ولم تُعِد إصدارها من جديد، عندها سيكون مبلغ أربعين مليار دولار أكبر بكثير مما قامت به شركات "أس أند بي 500" خلال عشر سنوات.

إلا أن أربع عشرة شركةفي "أس أند بي 500" أنفقت أربعين مليار دولار على الأقل في عمليات إعادة شراء أوراقها المالية خلال السنوات العشر السابقة. أما الشركات التي تفوقت على غيرها ضمن هذه المجموعة فهي "أكسون موبيل" (189 مليار دولار)، "آبل" (111 مليار دولار)، "أي بي أم" (109 مليار دولار)، "مايكروسوفت" (101 مليار دولار)، "وولمارت" (66 مليار دولار)، "فايزر" (60 مليار دولار)، "بروكتر أند غامبل" (48 مليار دولار)، "هوم ديبو" (47 مليار دولار) و"اتش بي" (47 مليار دولار اميركي).

ولكن بعض الأدلة تشير إلى أن عمليات إعادة شراء الأسهم والأوراق المالية لا تسهم في دعم سعر أسهم الشركات على المدى الطويل، حيث أظهرت بيانات شركة "فاكسات" أن الشركات التي تعمل تحت مؤشر "أس أند بي 500" والتي تمتلك برنامجاً لإعادة شراء الأسهم تراجع أداؤها خمس نقاط خلال العام الماضي.

لكن موجة إعادة الشراء الكبيرة بدأت تخبو. ازدهرت أرباح المساهمين الأميركيين بنسبة 15% سنويا بين العامين 2010 و2014، لكن تباطؤ الأرباح يعني أن النمو تراجع إلى 2% في العام الماضي. وتوقعات 2016 تعتبر أكثر قتامة. وأعلنت حفنة من الشركات، لا سيما "بيوجين"، و"فيزا"، وشبكة "CBS" و"AIG"، عن برامج إعادة شراء تقدر بمليارات الدولارات، غير أن الحجم الإجمالي في الأشهر السبعة الأولى من العام 2016 كان منخفضا أكثر من الخمس مقارنة بالعام الماضي، وذلك وفقا لشركة الأبحاث TrimTabs.

عمليات إعادة الشراء الأقل لا تهم إذا كانت الشركات تتخلص من برامجها لمكافأة المساهمين لمصلحة الأرباح. لكن من المتوقع لنمو الأرباح للسهم الواحد أن يتباطأ من 9.3 %في العام 2015 إلى 5.5 % هذا العام، بحسب BCA. وتبلغ توزيعات الأرباح في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ما نسبته 2.1 في المائة فقط، أقل بكثير من المتوسط التاريخي البالغ 3%.

ويأتي تقشف الشركات في الوقت الذي بدأت فيه الأكوام الشاهقة من النقد في التقلص، نظراً لانخفاض الربحية، وكرم المساهمين في الآونة الأخيرة على حد سواء. ولا تزال الشركات غير المالية في مؤشر "أس أند بي 500" تجلس على 825 مليار دولار، لكن أغنى خمسين شركة أميركية تملك معظم المال. وتقلص متوسط النقدية أو ما يعادلها نقدا لجميع الشركات المدرجة في مؤشر " أس أند بي 500" إلى 860 مليون دولار في الربع الثاني، وهو وفقا لبيانات "بلومبيرغ" أدنى مستوى منذ ثلاث سنوات.

هذا وقرر بنك الإحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) ترك أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها الأخير في شهر أيلول الجاري، ولكن إذا تشدد الإثتمان؛ فقد يقوم عدد من الشركات بإحراق أموالها،أو بأخذ الديون حول إعادة شراء الأسهم.