في 29 ايلول الجاري، ستطلق الهيئات الاقتصادية صرخة أخرى بوجه الطبقة السياسية. اذاً الاقتصاد في مواجهة السياسة التي انهكته بكل مقوماته.

وسيكون معظم اركان الهيئات الاقتصادية في اعتصام امام غرفة التجارة والصناعة في بيروت وجبل ​لبنان​ تعبيراً عن رفضهم لما آلت الاوضاع الاقتصادية ووصلت اليه المؤشرات على صعيد الاستهلاك والانتاج والنمو، نتيجة الشغور الرئاسي وشلل عمل المؤسسات  الدستورية.

وانها اذ تعتبر ان القوى السياسية قد اوصلت البلاد الى ما هي عليه اليوم ، تتهمها بالمراهنة على متغيرات خارجية و هذا سيجّر الى مزيد من التعطيل وزيادة الاعباء على كاهل المواطن.

ويأتي تحرك الهيئات في محاولة لوقف الاندفاعة نحو القعر. مدة 15 دقيقة للاعتصام كوقفة تضامنية قد لاتكون كافية ولكنها محاولة لهز ضمير اهل السياسة الذين هم تارة في كباش حول المصالح الفردية وطوراً في ثبات  عميق لايهتمون لما يحصل.

في تقييم  سريع للواقع الاقتصادي يلاحظ ان التدفقات المالية قد ارتفعت في الاشهر السبعة الاولى من العام 2016 لتبلغ 7،8 مليارات دولار، بينما كانت في العام الماضي 7،2 مليارات دولار. الا ان تنامي هذه التدفقات لم يكن قادراً على امتصاص تنامي العجز التجاري  الذي انتج عجزاً في ميزان المدفوعات.

وكل المؤشرات التي تعدُّها وتنشُرها الإدارات والمؤسسات ذات العلاقة بما فيها مصرف لبنان وبعض المصارف، تسجل تراجعاً في حجم النشاط الاقتصادي في لبنان بشكلٍ عام وفي بعض الأنشطة الهامة بشكلٍ خاص.

ويعود الركود الاقتصادي المشهود إلى سوء ممارسة  اهل السلطة من جهةٍ ، وإلى الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي تسود في المنطقة. وتجهد المصارف العالقة بين سندان الداخل ومطرقة الخارج في إدارة ناجحة لمخاطرها، تحمي من خلالها الودائع وتحافظ على الحدّ الأدنى من الربحية وعلى الحدّ الأعلى من التوظيفات السائلة.

ارقام البطالة حدّث بلا حرج ... غير محددة بطريقة علمية ولكنها كبيرة.

ووفي خضم هذه الصورة لا شك انه ما من اقتصاد سليم ومعافى بدون صناعة قوية قادرة على تحريك سائر القطاعات من زراعة ونقل ومصارف وتأمين وخدمات سياحية وتجارية الى جانب توفير وخلق فرص العمل .

اين هي الصناعة  اللبنانية من تحرك الهيئات الاقتصادية  في 29 ايلول؟

فادي الجميل

يؤكد رئيس جمعية الصناعيين الللبنانيين الدكتور فادي الجميل تضامن الجمعية مع هذا التحرك معتبراً ان الاوضاع الاقتصادية تزداد صعوبة مع الوقت، ولا يمكن البقاء بدون اي ردة فعل، لافتاً الى ان الصادرات الصناعية قد تراجعت بشكل تراكمي منذ العام 2012 بنسبة 20%. واذا كان ذلك يعني  مشكلة حقيقية لها ارتدادات اقتصادية فانه في الوقت نفسه دليل على قوة لبنان. فلو حصل ذلك في بلد آخر لكان واجه مصير الانهيار.

وقال "للاقتصاد" : لايمكن ابداً الاستمرار على هذا المنوال . وفي لبنان، هناك وقائع يجب قراءتها ؛ اولا ً: في السياسة والوضع الامني هناك استقرار تحت مظلة دولية وحماية يؤمنها الجيش اللبناني وسائر المؤسسات العسكرية . كما ان هناك رغبة جامعة لدى اللبنانيين بعدم التعرّض للاستقرار الداخلي رغم كل ما يحصل من حولنا.

ثانياً: في الاقتصاد لايمكن اغفال ما يدور في المنطقة من حولنا من غليان وحروب. واقفال المعابر البرية عن طريق سوريا قد عرقل عمليات النقل وما من احد يعلم متى تحل الامور.

ثالثاً : في لبنان قدرات مالية  وبشرية هامة . فموجودات المصارف بدون الودائع تقدر ب 190 مليار دولار . انها قوة نقدية في خدمة الاقتصاد اللبناني لا مثيل لها .

كما ان لبنان يمتلك قدرات بشرية ممتازة وقوة اغترابية متحكّمة في اعلى المراكز في بلدان الانتشار.

والسؤال المطروح هل من الطبيعي البقاء بانتظار ماذا سيحصل في سوريا ؟

المراقبون يحللون ان الاستقرار المنتظر في سوريا ليس في القريب.

ففي العام 2009 ، عندما وقعت الازمة المالية العالمية استطعنا في  لبنان وبعد انجاز الاتفاق الداخلي تحقيق نمو ب 10،9% وفق دراسة اعدها البنك الدولي. مما يعني ان لبنان قادرعلى خلق منطقة اقتصادية والاستفادة من الانكماش الاقتصادي الحاصل في العالم.

واضاف: نحن كجمعية صناعيين اعلنا عن رؤية اقتصادية متكاملة  تخلق دينامية رافعة  ضمن برنامج عمل وتبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية يعطي صدمة ايجابية  بالاضافة الى ايجاد هيئة طوارىء اقتصادية-اجتماعية حكومية بالشراكة بين القطاع الخاص والدولة تضم مختلف الافرقاء الشركاء في الانتاج لوضع الاقتصاد على سكة الحل السليم .

وجدد الدكتور الجميل دعوته لتحييد الاقتصاد عن السياسة وعن كل المشاكل الموجودة في المنطقة مع الانطلاق على مستوى القدرات والطموحات. وقال: نريد هدنة سياسية ولبننة الاقتصاد بحيث لا يتم تفويت الفرص الموجودة والنهوض بالاقتصاد الوطني. فاذا كنا قد تمكنا من تحقيق 1% من النمو الاقتصادي رغم كل هذه الظروف السيئة المحيطة بنا، فانه في الواقع كل بلدان اوروبا تطمح الى هذه النسبة. من هنا يجب اعتماد سياسة تحفيز الاقتصاد. وما قام به البنك المركزي في هذا السياق منذ العام 2012 حيث تم ضخ ما لايقل عن 3 مليارات دولار على مدى السنوات  الاخيرة شكل خطوة حكيمة وكان له التاثير الايجابي على الاقتصاد . 

رؤية الصناعيين الانقاذية.

يذكر ان الدكتور الجميل اعلن منذ توليه رئاسة جمعية الصناعيين اللبنانيين عن رؤية انقاذية متكاملة ضمن منظومة اجتماعية – اقتصادية وهي تتضمن 6 عناصر: 

- حزمة تحفيزات جديدة للاقتصاد، تهدف الى تفعيل كافة القطاعات دون استثناء، لتأمين النمو والمحافظة على فرص عمل اللبنانيين، وخلق فرص جديدة و ربط الاقتصاد اللبناني بفعالية بالإنتشار اللبناني .

- اقرار خطة اصلاح وتفعيل الادارة على مراحل، وضمن فترة زمنية محددة عبر برنامج اعادة تموضع الموظفين وتحويل الفائض الى الادارات المحلية .

- تحصين الوضع الاجتماعي في القطاعين العام والخاص.

- تحصين الاستقرار الداخلي الامني والاجتماعي، و معالجة تداعيات النازحين السوريين بالتعاون مع المجتمع الدولي ، والمطالبة ببرنامج مساعدات اسوة بالمساعدات التي تلقيناها لتعزيز الوضع الأمني ، وذلك عبر تمويل مشاريع اعمارية ، وتأهيل البنى التحتية على المستوى الوطني وعلى مستوى البلديات .

- العمل بمبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص ، واتخاذ التدابير اللازمة للتنفيذ ضمن برنامج زمني .

- اطلاق رؤية واضحة لإستثمار النفط و الغاز، و وضع روزنامة للإفادة من القدرات .

اقتراجات للمعالجة

وقد سبق هذه الرؤية  اقتراحات تعالج الشوائب الموجودة في الاقتصاد والتي هي  تتفاعل اليوم بغياب المعالجات الجدية  ومنها:

-  ايجاد سياسة اجتماعية - اقتصادية متقدمة ، ترتكز على التنمية المستدامة وخلق فرص عمل للشباب ضمن الية الاقتصاد الحر .

- ضمان صحي وأجتماعي على مستوى التحديات .

- استراتيجية شاملة  للطاقة  ومن ضمنها حلول للطاقة المكثفة.

- استراتيجية شاملة لمعالجة النفايات الصلبة.

- رؤية للتعاون بين القطاع المصرفي والقطاع الصناعي.

- تشجيع التعليم المهني والتقني وأبراز دوره في تأمين فرص العمل.

- دور الصناعي اللبناني في الاقتصاد المعولم وخصوصاً اقتصاد المعرفة.

- لببنة فرص العمل ومنظومة لمعالجة العمالة الاجنبية.

- التزام الصناعيين بالموضوع البيئي والصناعة الخضراء، وتوريث  الاجيال القادمة وطناً معافى بيئياً.

كل هذه العناوين التي تشكل مفاتيح الحلول للازمات الاقتصادية  لم تسلك طريق القرارات السياسية التي تعطي الاولوية الوحيدة  للمناكفات.