ربيع دمج

تقف السورية راغدة هزّي أمام قوس العدالة داخل محكمة بيروت العسكرية باكيةً تشكو مظلوميتها من التهم المنسوبة إليها، هي أخطر التهم التي قد تواجهها سيّدة في حياتها "تمويل تنظيم إرهابي"  كـ "​داعش​" مثلاً.

السيدة الأربعينية التي نزحت إلى لبنان في العام 2010 قبل وقوع أي أحداث في سوريا، أتت مع عائلتها المؤلفة من زوجها و4 أولاد، وبعد فترة وجيزة على وجودهم في طرابلس أصيب الزوج بمرض في الدماغ أدّى به إلى شلل تام، حينها أُجبرت الزوجة على العمل وإختارت مهنة إستيراد ملابس من سوريا ( حمص) وبيعها في لبنان وهي مهنتها الأصلية التي كانت مصدر رزقها في بلدتها "يبرود".

بعد ولادة ما يُعرف بتنظيم داعش في العام 2013، توفي زوج راغدة وتم نقل جثمانه إلى سوريا  لدفنه هناك رافقه  إبنها عبد ومضت أيام وشهور ولم تسمع عنه أي خبر، في وقت كانت تعمل لساعات طويلة في تجارة الألبسة لتسديد نفقات عائلة.

بعد غياب طويل عن السمع، إتصل عبد الرحمن بوالدته ليخبرها أنه في عرسال يقاتل مع مسلحي "داعش"، صدمها الموضوع كما تقول، طلبت منه العودة إلى عائلته، رفض الفكرة بإعتبار أنه ينفّذ وصية الله، حسب زعمه.

منذ سنتين تقريباً (في العام 2014)، إتصل عبد الرحمن بوالدته طالباً منها أن ترسل له كمّيات كبيرة من الملابس ليتم توزيعها على  النازحين، وإختار بدلات عسكرية مع "بوطات" قائلاً لها انه سيعطيها للرجال  دون شرح تفاصيل أكثر، فأرسل لها مع سائق تاكسي أتى من بعلبك إلى طرابلس مبلغ قيمته 2000$ أميركي، أعطاها المبلغ وأخذ الثياب.

ثم بعد شهرين إتصل بها ليخبرها بأن هناك شاب سوري إسمه محمد الحسين وهو يعمل في  منظمة الإغاثة الدولية  سيأتي اليها في طرابلس ويسلمها 4000 $، وتعطيه الملابس المطلوبة. وكلها كانت ملابس عسكرية أو جاكيتات وقمصان.

وعلى مدار سنة ونصف تقريباً كان  يصلها شهرياً بين الـ1000 إلى الـ 3000 دولار بدل شراء ملبوسات، و في إحدى المرات وصلها 10 ألف دولار أميركي من سيّدة سورية تدّعي أنها تعمل مع جمعية وتريد شراء ملابس للنازحين، ما رسم لاحقاً علامات الشك فهذه المرأة تبيع الملابس أكثر مما يبيع أي متجر، وبحسب كلامها،  لديها فواتير رسمية من التجار الذين كانت تشتري من عندهم بهذه القيمة والكمية،  وربحها في كل عملية لا يتجاوز الـ 200 $.

ومن البديهي كون إبنها من عناصر "داعش" أن يكون خطه مراقباً، وبعد عدة عمليات رصد لخطه وخط والدته تاكد لمخابرات الجيش اللبناني بأن هناك شيء خطير، فقصة التحويلات المالية شهرياً لشراء ملبوسات بمبالغ باهظة قياساً لحاجة النازحين، مع إثبات تلقيها  من احد الأطراف الذي أرسله عبد الرحمن اليها، مبلغ وقدره 2000$ ثم 4000$ طالباً منها ان تسلمهم لاحدهم سياتي من عكار إلى طرابلس.

تم القبض على راغدة منذ سنة تقريباً وأحيلت إلى النيابة العامة وهي موقوفة في سجن النساء في بعبدا، وحتى اللحظة تنفي أي صلة لها بالعمل مع "داعش" وكانت تنفّذ ما طلبه منها ولدها وانها كانت تبيع الملابس على أنها  للنازحين ولا علم لها بان هذه البضائع تذهب لمقاتلي داعش. وتم تأجيل جلسة المرافعة والمحاكمة بحقها إلى شهر تشرين الأول المقبل.