كميل سعد اسم برع في عالم وسطاء التأمين في لبنان من خلال عمله الدؤوب والمتوازن وتواصله مع الناس في كل المراحل التي مرت بها البلاد، حيث اكتسب خبرة كبيرة ودراسة معمقة في قطاع التأمين أوصلته إلى تأسيس شركة "سامكو" لوساطة التأمين.

وللإضاءة على خبرته الطويلة وعمله في هذا المجال، كان لـ "الإقتصاد" لقاء مع صاحب شركة "سامكو" كميل سعد:

- ما هي أبرز المحطات التي مررت بها في حياتك؟

تخصصت في مجال هندسة التلفزيون والكهرباء،إلا أنني لم أكمل في هذا المجال وتوقفت عنه لأنني بدأت العمل في شركة تأمين أجنبية كانـت تعمـل في لبنــان قبـل فترة الحرب واســمها إ"Western Insurance Company"  إلى أنها عـادت وأقفلت خلال فتـرة الأحداث، وقد كسبت من خلال عملـي هـذا خبرة كبيرة في مجال التأميــن،  ومن ثـم عـدت وتخصصت في عــلوم التأميـن في الجامعـة اليسوعية وأصبحت فيما بعد خبيراً في الشؤون البحرية  لشركات التأمين.

بعد هذه المرحلة، انتقلت مع شريك لي وأسسنا مكتباً لخبراء التأمين، وقمنا بتنظيم هذا العمـل في مرفـأ بيروت انطلاقاً من كوننـا خبراء في الشؤون البحرية نختص بالتحكيم وحل الحوادث كالحريق والسرقة واضرار المـياه وغيرهـا، كمـا أصبح لدينـا وكالة مراقبة لتقديـر البضائع التي تصل من حيث مواصفاتها وغيرهــا.

بعد وفاة شريكي، عملت منفرداً وأكملت بالعمل وحدي لمدّة خمسة عشر عاماً، ومن بعدها أسست شــركة "ســامكو" في مقرهـا الحالي سنة 1994 بعد أن كنت قد عملت خلال فترة الحرب في مكتــب بمنطقـة عين الرمانة. لأن مكتبي الذي كان في منطقة الصيفي قد تهـدم من جراء الأحداث. وبعــد انتهــاء الحرب اللبنانيـة،  بدأت العمل على تأسيسس الشركة اذ انه قـد اصبح  لدي عدد كبيـر من الزبائـن من خلال عملـي الدؤوب وخبرتي فــي هذا المجــال وقد اكتســبت ثقـة زبائني ، واصبح لدي محفظة تأمين كبيرة. مما خولني شـراء مكتبـي هـذا وافتتاحه ســنة 1994. بعدهــا  دخلــت في مجلس نقابـة وسـطاء التأمين في لبنان منذ تأسيسها. واصبحت عضوا في مجلس الأدارة مع النقيب المرحوم ايلي أبي عاد . والآن وبعد هذه التجربــة الطويلـة في مجال التأمين لا زلت امارس عملي بنشــاط واحافـظ على ثقــة زبائني، وعندما اقرر ان أستريح من هذه المهمة، سوف انقل هذه المحفظة لأبنائي اذ ان احدهم  قد تخصص في العلوم الإكتوارية أو مـا يعرف بعلوم تحديد المخاطر، وإستشاري لشركات التأمين، ولكل ما يتعلق بالإقتصاد، وأصبح لديه شركتـه الخاصة  وهو يعمل الآن في مجالـه، كما أن ابني الثاني تخصص فـي برمجة الكومبيوتر وأسس شركته بدوره وهو يعمل بالتعاون مع شقيقه في هذا الإطار.

-  ما هي الصعوبات التي واجهتها في حياتك المهنية؟

واجهت صعوبات جمة في حياتي، لأن مجال عملي كان بأغلبه في فترة الحرب اللبنانية، حيث كنت أعمـل تحت القذائف والقصف، ولـم أهاجر إلى خارج لبنان، إلا أنني كنـت أســافر هرباً مـن الأوضـاع في بعض الأحيـان على أن أعـود ثانيـة وأكمـل عملي. وعندمـا كنـت خبيراً لـدى شـركات التأمين؛ كانت تقع حوادث كبيرة وأنا كنـت أعمـل على حلّـها، وكمـا واجهت في بدايتي العمليـة أخطاء كثيرة عملت على تصحيحـها مع الخبرة التي كنت بدأت بامتلاكها من حيث تقدير الأضـرار في الحوادث، وتعويضات التأمين وغيرها. وفي كثير من الأوقات كنت أصل إلى أن يتوقف العمل بشكل نهائي في فترة الحرب. وأما اليوم، فـإن الصعوبات الاقتصاديـة كثيـرة، ونحـن كوســطاء تأمين، لدينا صعوبات من ناحية الزبائن الذين لا يستطيعون دفع أسعار تأميناتهم  وشـركـات التأمين لا تتساهل معنا، وإذا لم يدفع الزبون المبلغ المطلوب فنحن نقوم بالدفع عنه من جيبنا الخاص. في السابق لم نواجـه هكذا صعوبات لأن الزبون كان يدفع بشكل نقدي وكامل. وكان عندنا مجال أن ندفع للشركات بعد فترة معينة، حيث إن الزبون كان يدفع لنا المبلغ بشكل تلقائي،أما نحن فكانت الشركات تسمح لنا بدفــع المال بعد فتـرة معينـة. وكنــا نمتلــك محفظـة ماليـة كبيـرة نتكـل عليهـا ونعمـل بجهــد، كبيـرمــن خلال ملاحقـة الزبائــن للدفـــع وتكبيرهذه المحفظة.

-  كيف تخطيت هذه الصعوبات؟

تخطيت هذه الصعوبات من خلال الخبرة التي اكتسبتها من عملي كخبير في شركة التأمين، وهذه الخبرة ساعدتني كثيراً في هذه الأمور. بالإضافة إلى ذلك، كنت أدرس المعطيات بين بيروت ولندن بالمراسلة،وأملك مكتبة كاملة حول قضايا التأمين وطرق حلها، فالقضايا لا تحل هكذا. وتخطينا فترة الحرب بالإرادة القوية، كي نستطيـع أن نســتمر. هناك أشخـاص هربوا خلال الحرب إلى الخارج وتركوا كــل شيء وراءهم هنا،إلا أنني بقيت هنا بالرغم من كل الظروف، وخاصة بعد توقف العمل في هذه الفترة، وأنا جاهدت كثيراً للبقاء في لبنان رغم كل الظروف وانتصرت. وأعتقد أن الشباب لا يواجه صعوبات كثيرة،إلا من الناحية الإقتصادية، ومع القليـل من المســاعدة يمكــن الوصول.

-  هل حققت نفسك؟

أنا بعمري يجب أن أتقاعد لأنني من مواليد 1939 وعندي طموح كبير أن أكمل بشكل أكبر، ولا زلت أمارس عملي من الثامنة صباحاً حتى انتهاء الدوام. واليوم أنا لم أعد أستطيع أن أقوم بملاحقة كل الزبائن على عكس الشباب الذي يرغب بامتهان هذه المهنة.

-  ما هو رأيك بقطاع التأمين في لبنان؟

قطاع التأمين يعاني من صعوبات كبيرة في لبنان من الحالة الإقتصادية إلا أنني أجد أن هذا القطـاع هو من المهـن المستمرة والتي تقـدر نفسـها. صحيـح أن هنـاك صعوبات تواجهنـا نحن كوسطاء تأمين وكشركات تأمين، وهناك شركات عدة قد أقفلت أبوابها منذ فترة ليسـت بطويلة في ظل هذه الظروف. وفي ظل الغلاء الذي يعاني منه البلـد، اضطر قطـاع التأميـن إلى رفع أســعاره لأن قطاع الإسـتشـفاء إلى ارتفاع أكثـر فأكثـر، والزبون لم يعد يحتمل، ونحـن  ملزمون بمسايرة الناس، ولكننا نتأثر مادياً، وهذ القطاع يعاني مثل باقي القطاعات.

- إلى أين يتجه قطاع التأمين برأيك؟

قطاع التأمين يستطيع أن يقف على رجليه بعد الإنتهاء من هذه الأزمة ويمكن أن يسير بشكل طبيعي ونشاطه يبقى ويستمر. وهذا القطاع يستطيع أن يدفع رواتب موظفيه رغم الضائقة المالية التي يشعر بها.

- ما هي كلمتك للشباب اللبناني؟

أقول للشباب اللبناني: إنه إذا لم يمر الإنسان بصعوبة في حياته، فعليه أن يقوم بجهد كبير، وعليه ألا ييأس أبداً. مررنا بظروف قاسـية جداً خلال الحرب وتخطيناها،إلا أن الظروف تغيرت اليوم في ظل وجود ظروف إقتصادية صعبة، ولكن يجب على الشـباب ألا يصل أبداً إلى مرحلة اليأس. عملت في التجارة في خلال الحرب حيث قمت بشراء بضائع وتوزيعها على الأفراد في الأسواق تحت القصف. لا تيأسوا!