مع اقتراب نهاية الفصل الثالث من العام 2016، وانقضاء الصيف يصبح تقويم الموسم السياحي اكثر وضوحا ً سيما بعد انتهاء سلسلة المهرجانات والحفلات التي عمت مختلف المناطق ال​لبنان​ية هذا العام،والتي عكست ارتياحاً واسعاً رغم تشعّب الملفات المعقدة، بدءاً من الشغور الرئاسي والشلل الحكومي، وصولاً الى الاكثر فساداً وخطورة، وهو ملف النفايات الموروث من العام السابق.

يعتبر وزير ​السياحة​ ميشال فرعون أن "الرهان على إعادة تنشيط القطاع السياحي كان بفضل الاتفاق السياسي على الخطوة الأمنية، ولم يكن مغامرة بل يستند إلى الطاقة الموجودة لدى المجتمع المدني والقطاع الخاص والجمعيات، والذي كان بحاجة إلى توجّه ما من الحكومة من أجل تنشيط القطاع".

حبيقة

كيف يقوّم الموسم السياحي  بشكل اولي هذا الصيف وهل ما زال ركيزة  اساسية  في إنماء الاقتصاد اللبناني؟ وهل نجح الرهان ؟

برأي  الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة ان الاقتصاد اللبناني ما زال يعتمد على القطاع السياحي والخدمات  المتوفرة خصوصاً وان السياحة تحرّك باقي القطاعات مثل الصناعة والزراعة.

واعتبر ان لبنان لا يعتمد فقط عل السياحة الخارجية وانما الداخلية  ايضاً. وقال "للاقتصاد":  باعتقادي، انها تشكل 10% من الدخل القومي . واستناداً الى المهرجانات التي عمّت مختلف المناطق والنجاح الذي حصدته فضلاً عن اجواء الارتياح الذي عكسته نرى ان الموسم كان جيدا ً .

وبالنسبة لتراجع السياحة الخليجية يعتبر انها لا تفوق اهمية  السياحة الداخلية والسياحة المرتبطة بمجيء اللبنانيين من الخارج. وقد تم تسجيل مجيء عدد كبير منهم خلال هذا الصيف مما سمح باعادة الثقة الى الوضع الاقتصادي .

وفي هذا السياق ، لا يؤيد حبيقة القول ان الوضع الاقتصادي في اسوأ احواله . ولكن هذا لايعني ابداً انه جيد . لقد شهد الصيف بعض التحرّك ولكن المشكلة تكمن  في السياسة.

ليس هناك من انهيار في البلد، وبمجرد انتخاب رئيس للجمهورية ينشط الاستهلاك المحلي فوراً وكذلك السياحة. ويبقى امامنا موسم عيدي الميلاد ورأس السنة لتقييم الموسم السياحي بشكل دقيق للعام 2016.

ويرى حبيقة  ان هناك سلسلة مقترحات لتنشيط القطاع السياحي الخارجي، وبقرار سياسي وزاري تشترك فيه كل من وزارتي الخارجية والسياحة الى جانب السفارات والقنصليات على ان يتم التحضير له منذ شهر  آذار حيث  يتم :

1- تأمين  رحلات طيران تشارتر باسعار مخفّضة ومقبولة بين لبنان والخارج سيما اميركا، افريقيا واستراليا  مما يشجّع على المجيء الى لبنان بصورة دائمة ومستمرة.

2- تخفيض اسعار الإقامة في الفنادق واعطاء الحوافز اللازمة للبنانيين وغير اللبنانيين  للمجيء الى لبنان.

ويوضح حبيقة انه لم يعد مقبولاً  في القطاع السياحي الاعتماد على مجيء الخليجيين فقط خصوصا وان وجهة الخليجي المقتدر على الانفاق اصبحت اوروبا وليس لبنان.

مطالب الفنادق

الفنادق التي تشكو من ضعف الموسم السياحي في معظم المراحل  باعتبار انها خسرت السائح الخليجي الذي لا يعوّض وفق رأيهالافتة الى خسارتها لنحو 350 الف سائح يأتون من الاردن عبر البر اضافة الى القادمين من دول الخليج العربي وايران ، تطالب بتقديم الدعم اللازم  لها من قبل الدولة، وذلك عن طريق قروض تشغيلية ميّسرة . الى جانب المشاركة في المؤتمرات والمعارض الدولية لكي يبقى لبنان على خارطة السياحة العالمية والعربية.

و بانتظار تحديد رقم الانفاق السياحي عن الفصل الثالث من العام  الحالي يشار الى ارقام "غلوبال بلو"لحظت  تراجع هذا الانفاق في الفصل الثاني منه بنسبة 18 % مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2015 ،وبنسبة 22 % بالمقارنة مع الفصل الاول من العام 2016.

وفي غضون ذلك ،ما زال الخليجيون الاكثر انفاقا بحسب ارقام الفصل الثاني من 2016 فبلغ انفاق السعوديين 14 % والاماراتيين 13 % ، اما المصريون والاردنيون فـ 7 % لكل منهم. وقد تراجع انفاق هؤلاء عموما بنسبة 22 % مقارنة مع الفصل الثاني من العام 2015.

لطالما ساهم قطاع السياحة في لبنان  بشكل كبير في الاقتصاد المحلي كونه يشكّل مصدراً رئيسياً للدخل والعمالة. فقد بلغت مساهمته المباشرة من إجمالي  الناتج المحلي 9.8 في المئة في العام 2011 مقارنةً بـ 9.4 في المئة للعام 2009، ، وهي تشمل الاستهلاك الداخلي للسياحة  وتوريد الخدمات السياحية،في حين وصلت المساهمة الإجمالية التي تعكس التأثير الأكبر على الاقتصاد، إلى 35.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

هو أحد أكبر القطاعات التي توفر فرص عمل في البلاد، إذ وفّر 125الف  وظيفة مباشرة عام 2011، ووصل مجموع الوظائف المباشرة وغير المباشرة فيه إلى 448،500 ( أي ما نسبته9.4 في المئة و33.4 في المئة من اجمالي نسب التوظيف على التوالي).

والى ذلك ، تعتبر سنة 2009 قياسية بالنسبة لعدد الزوار، متخطية الذروة السياحية التي بلغها لبنان قبيل اندلاع الأحداث عام 1974، ليعود لبنان بقوة على الخريطة السياحية العالمية. واعتبر بيت الإستثمار العالمي "غلوبل" في تقرير اقتصادي أن لبنان يمكن أن يصبح عام 2009 بلد النمو والإزدهار في قطاع السياحة، نتيجة السلام بين الأطراف اللبنانية بعد توقيع اتفاق الدوحة في حزيران 2008.

السياحة الداخلية

من الواضح ان المراهنة  تجري حاليا على زيادة نمو السياحة الداخلية والتي في غالبيتها سياحة ريفية حيث سجل انشاء عدد كبير من الفنادق الى جانب الغرف في عدة من المناطق اللبنانية والتي تترافق مع سلسلة من المطاعم والمقاهي بقرب منها.

وانعكست هذه الاتجاهات الجديدة نحو السياحة الداخلية والريفية من خلال زيادة عدد قروض كفالات الى القطاع السياحي والتي زادت من 19 كفالة في النصف الاول من العام 2015 الى 64 كفالة في النصف الاول من العام 2016.

ودفع ذلك بمجلس السياحة والسفر العالمي الى توقع نمو الانفاق السياحي المحلي بنسبة 3،7% في 2016 الى 2607 مليار ليرة لبنانية او 1،73 مليار دولار وبنسبة 5،3 % سنويا حتى العام 2026 ليبلغ 4،362 مليار ليرة او 2،89 مليار دولار.

الا انه وعلى خط مواز آخر ،  وبمباركة من وزارة السياحة  ، ينشط اتحاد المؤسسات السياحية نحو الانفتاح على الخارج ضمن إطار التسويق المشترك مع لبنان، وبهدف تدعيم السياحة في الإتجاهين اي  ان التفتيش يتم حالياً عن تأمين أسواق سياحية جديدة ومنها السوق البيلاروسية حيث أن أعداد السياح البيلاروس كبير جداً الى الدول السياحية ولا سيما تركيا. وفق ما ذكره الامين للاتحاد جان بيروتي.

واخيراً  يبقى السؤال: الى متى سيبقى  هذا القطاع بدوره في قبضة السياسة ؟ ورهينة بنية تحتية مهترئة تهّرب السائح من كل حدب وصوب؟