سمع جون ستانفورث شائعة الخريف الماضي، عندما كان مرشحا لرئاسة بلدية ويلمنغتون- أوهايو. كان هناك شركة كبيرة تختبر عملية شحن جوي في المطار المحلي "ويلمنغتون اير بارك". وكان يراد ابقاء هذا المشروع بعيداً عن الجلبة. وقال الأشخاص الذين يترددون على المطار ان الشركة كانت تحزم حمولاتها في غلافات بلاستيكية سوداء لحجب أي حروف تشير إلى اسم مشروعها الذي يخضع للاختبار، "مشروع أميليا". ولم يكن متأكدا أي من الشركات كانت، رغم أن بعض الناس كانوا يهمسون أنها "Amazon.com".

يملك ستانفورث شركة تخزين ويشبه قليلاً من حيث الشكل الممثل جيفري تامبور. وقد فاز في تشرين الثاني بسهولة في الانتخابات البلدية. ولكن حتى ذلك الحين لم يسأل الكثير عما يجري في المطار. وقال انه لا يريد أن يضر مصلحة أحد بسبب فضوله. "يا رجال، فقط أحضروا لي المهام التي تنتظرنا"، يستذكر جون ما كان يفكر فيه حينها.

ويلنغتون تقع 35 ميلا من الجنوب الشرقي من دايتون ويبلغ عدد سكانها حوالي 12 ألفاً. والوظائف كانت متوفرة على نحو واسع. وكان "ويلمنغتون اير بارك" مركزا لخدمات النقل الجوي ثم لشركة الشحن الألمانية "دي إتش إل"، والتي استحوذت على "ويلمنغتون اير بارك"  في عام 2003. الآلاف من الناس يعملون بجهد في المطار، يفرزون البضائع التي تصل ويحملوها على متن الطائرات المتجهة الى الخارج. لم يكن العمل الأكثر مردوداً من الناحية المعنوية، ولكنه يعود بأجور مرتفعة، ما يتيح للعمال بالتوافد الى المحلات التجارية على الشارع الرئيسي لويلمنغتون، للحصول على حلاقة الشعر في صالون الحلاقة أو للحصول على وشم من رسامي الأوشام. وحتى المكتبة المحلية في المنطقة كانت ناجحة تجاريا، وخصوصا في أوقات صدور روايات هاري بوتر. يستأنف ستانفورث "لقد أغلقوا الشارع الرئيسي"، ويتحدث بحزن عن حفل اطلاق الكتاب السابع من سلسلة هاري بوتر الذي أقامها المتجر عام 2007. "كان هناك ناس في كل مكان. حصد نادي الروتاري لدينا آنذاك ألف دولار من بيع المثلجات وحدها! "

استحوذت شركة "دي إتش إل" في عام 2008 على أعمال ويلمنغتون، والجميع تقريبا "ويلمنغتون اير بارك" فقدوا وظائفهم. يقول ستانفورث "لا يمكنك أن تفقد هذا النوع من الصناعة في مجتمع صغير وألا تصيب الناس بأذى." العام التالي، ذكرت المدينة على برنامج "60 دقيقة" على أنها رمز الركود الأميركي. وقال المراسل سكوت بيلي "عندما تحدث الرئيس أوباما عن" شتاء مصاعبنا "في خطابه الافتتاحي، لا أحد في أميركا وعى ما قاله أفضل من الناس في ويلمنغتون- أوهايو".

ابتداءاً من شهر أيلول عام 2015، لاحظ الناس في المدينة المزيد من الطائرات تحلق من والى المطار، وتحمل وتفرغ تلك الصناديق المغلفة بالأسود. وفي آذار من هذا العام، أعلنت "​أمازون​" أنه تم تأجير 20 طائرة " بوينغ 767s" من مجموعة خدمات النقل الجوي، وهي شركة الشحن التي تعمل خارج "ويلمنغتون اير بارك". وفاوضت "أمازون" حتى على خيار شراء ما يقرب من 20% من الشركة. وأفاد النائب الأول لرئيس "أمازون" في جميع أنحاء العالم، ،" ديف كلارك "نحن متحمسون لاستكمال ودعم شبكة خدمات التوصيل لدينا مع مانح جديد رفيع المستوى، "ATSG"، وذلك بإضافة 20 طائرة لضمان قدرة الشحن الجوي على التسليم خلال يوم واحد أو يومين." فيما نفت "أمازون" أنها عملت على تغليف الصناديق بالأسود في خلال الفترة التجريبية.

بعد أسبوعين من إعلان "أمازون"، كان ستانفورث في قاعة مؤتمرات خارج مكتبه في مبنى البلدية. وحضر مساعده التنفيذي ماريان ميلر، ومدير التنمية الاقتصادية في "كلينتون كاونتي" بريت ديكسون. ولم يكن لدى "أمازون"  بعد الكثير لتقوله حول خططها لـ"اير بارك"، ولكن ستانفورث صرح أنه "نأمل أن يكون هناك بعض الوظائف قريبا". فيما أفاد ميلر "نحن لا نعرف ما يجري حتى الآن... لكن الناس باتت محقونين من الوضع".

وبعد شهرين من إعلان "أوهايو"، ساتأجرت "أمازون" 20 طائرات جديدة من "أطلس اير"، وهي شركة للشحن الجوي ومقرها نيويورك. واشترت "أمازون"  كذلك 4000 شاحنة قطر. وفي الوقت الحالي، حصلت إحدى الشركات التابعة لها في الصين على ترخيص الشحن والذي وفقاً لآراء المحللون يمكن الشركة من بيع مساحة على متن حاويات السفن التي تبحر بين آسيا والولايات المتحدة وأوروبا. باختصار، تحولت "أمازون" الى مايشبه "​وول مارت​" و"​فيديكس​" معاً.

توسع كهذا سيكون غير معقول بالنسبة لأي شركة أخرى. ولكن النمو الذي حققته شركة "أمازون" فاق التصور. ففي عام 2010 سجلت عائداتها السنوية 34 مليار دولار. وفي العام الماضي 107 مليارات. وفي عام 2010 استخدمت الشركة نحو 33700 موظف. وفي حزيران المنصرم، وصل العدد الى 268900. ولتؤمن مساحة مكاتب كافية لموظفيها، استحوذت الشركة على حي جنوب بحيرة الاتحاد في سياتل، وهي تبني 3 منشآت حيوية مليئة بالأشجار في المدينة ستسمح للعمال بأخذ فترات راحة التأملية. وتعد الشركة خامس أكثر الشركات قيمةً في العالم، حيث يصل رأسمالها السوقي إلى حوالي 366 مليار دولار، ما يعادل تقريبا مجموع قيمة كل من "وول مارت"، "فيديكس"، وشركة "بوينغ" معاً.

لسنوات عدة، كانت "أمازون" تخسر المال فيما تجاهل الرئيس التنفيذي جيف بيزوس المخاوف في "وول ستريت" وعمد الى ضخ المليارات في مبادرات مثل القراءة الإلكترونية وتطوير الروبوتات، والهواتف الذكية، والألواح الذكية، والبرامج التلفزيونية. ولكن في تموز، حققت الشركة أرباحا لخمسة فصول متتالية. وسجل قسم الحوسبة السحابية في خدمة شبكة "أمازون" وحده مبيعات فاقت الـ 7.9 مليار دولار في العام الماضي. وقد أفاد بيزوس في التقرير السنوي الأخير للشركة "كان يمكن أن نعلق في الابرة والخيط.. أنا سعيد لأننا لم نفعل ذلك... أو لعلنا فعلنا ذلك؟ "