يقولون إن المال يصنع المعجزات .. ويضمن النجاحات.. ولكنه أثبت أن الخبرة تضمن انتقال الفرد من طالب جامعي عادي إلى مؤسس شركة تستلم مشاريع عالمية من موقعها الجغرافي الواقع في بلدنا الصغير لبنان ..

يتميّز لبنان بذوقه الرفيع وطموحه اللامتناهي، وعندما نقول لبنان؛ نقصد بها "رجاله" ورواد قطاعاته الحقيقية..

بدأ بإنجاز مشاريعه الهندسية من دون مكتب، ومن مكتب صغير مع شريكه مؤلف من ثلاثة موظفين، إلى شركة هندسية لبنانية عريقة تستلم مشاريع  في الخارج لترفع رأس وطننا في العالي كالسباقين في الذوق والعمارة ..

كان لـ"الإقتصاد" مقابلة خاصة مع اللبناني الذي صمم أهم مبانٍ ومتاجر بلاد الخليج والغرب، مؤسس شركة "Badih and Kantar Architects" شريف بديع، الذي كشف لنا عن محطات حياته المهنية وأبرز النصائح التي يقدمها للشباب اللبناني.

- كيف تختصر مسيرتك الاكاديمية وصولا لتأسيس "Badih and Kantar Architects"؟

درست هندسة الديكور الداخلية في الجامعة اللبنانية، خلال دراستي بدأت أستلم مشاريعي الخاصة والصغيرة وكنت أعمل لحسابي الخاص.

كان حلمي حينها تأسيس مكتب هندسي يُنافس أهم الشركات الهندسية الرائدة في لبنان، لذا كنت دائما أسعى للتعاون مع زملائي في الجامعة لتحقيق هذا الحلم المشترك.

بعد تخرجي من الجامعة عملت لأشهر معدودة في شركة هندسة بهدف اكتساب الخبرة، أو بمعنى أدق - بسبب فضولي - للتعرف أكثر على آلية العمل.

في هذه الفترة، كنت أستلم مشاريع صغيرة لحسابي الخاص أيضا، الأمر الذي دفعني إلى ترك الوظيفة الثابتة.

بعدها التقيت بشريكي الحالي نجيب قنطار، الذي كان زميلي في الدراسة سابقاً، وعملنا سويّاً على الكثير من المشاريع قبل تأسيس "Badih and Kantar Architects" بشكل رسمي. لم نكن حينها بحاجة إلى مكتب رسمي لننجز فيه أعمالنا، فكنا نعمل في أي مكان.

في العام 2000،  بعد تعرفنا إلى شخص إماراتي، سنحت لنا الفرصة افتتاح شركة في الإمارات تعنى بالتعاقد والتصميم –" Contracting and Design"  وأطلقنا عليها اسم " Undervision Design" ، ولكن في العام 2002 انفصلنا عن شريكنا الإماراتي لأننا لم نتشارك الرؤية نفس، فعدنا إلى لبنان الذي كان في أوج مرحلة نهوضه العقاري، وأسسنا "Badih and Kantar Architects". 

من العام 2002 وحتى العام 2004 إستلمنا مشاريع عدة، منها فروع لـ"Patchi" داخل لبنان وخارجه.

وفي العام 2005 انتقلنا إلى مكتبنا الجديد في منطقة وسط بيروت- شارع البنك العربي.

بين العام 2005 و2006 تعرفنا إلى شريكنا الثالث علي حامد، وعندها أدرجنا قسم الهندسة المعمارية في الشركة، إلى جانب قسم تصميم الديكور الداخلي الذي كان قائما منذ تأسيس الشركة.

وكبر فريق عملنا، فبعد أن كان المكتب مؤلفاً من ثلاثة أشخاص، بتنا اليوم عائلة هندسية مكونة من ثلاثة وثلاثين موظفاً.

تطورنا أكثر عندما أدركنا العينة التي نريد أن نتعامل معها، المشاريع المناسبة لنا والإستراتيجيات المطلوبة منا، عندها كوّنا مسيرتنا المهنية الخاصة بنا.وحاليا نعمل على العديد من المشاريع في الخارج.

- يشهد البلد كل فترة موجة من إغلاق الطرقات خاصة في منطقة وسط بيروت. ما هي التدابير التي اتخذتموها لتجنب العراقيل الناتجة عن موقع شركتكم ؟

في العام 2006 كنا نتجه كل يوم إلى عملنا على أمل أن يصلح وضع البلد في اليوم التالي، كنا نتجه سيراً على الأقدام لأننا لم نتكمن من ركن سياراتنا عقب المظاهرات والتجمعات المدنية والأمنية.

- لمَ لم تعزموا على تغيير موقع الشركة؟

كأي لبناني .. تعودنا على أوضاع بلدنا غير المستقرة.. نستيقظ كل يوم على أمل أن هذا اليوم الجديد .. لن يشبه الذي سبقه.. فدائما نعتبر أن الأمور لن تسوء أكثر من ذلك.

ومن موقعنا هذا؛ تمكنا من الوصول إلى بلاد عدة، وأنجزنا أهم المشاريع العالمية؛ من الخليج وصولا إلى أستراليا ، ونيويورك ونورواي.

- برأيك ما هي متطلبات تأسيس شركة أو مشروع ما؟

أنا أعتبر أن الخبرة تأتي أولاً، ومن منطلق خبرتي الشخصية اكتشفت أن الشريك الفعلي يتجسد بالأفكار والخبرات، وليس بالأموال والإستثمارات لأنه بعد فترة سيتمكن الفرد من تحصيل الماديات وسيمثّل هذا الشخص (أو الممول) عبئا على الشركة لأنه لن يضيف إليها، وسيجسد عقبة في طريق أصاحب الفكرة والخبرة ليس إلا. 

- ما هي صفات الشخص الناجح برأيك؟

الجاذبية أو الـ"Charisma" وهي قدرة الإنسانعلى تسويق قدراته ومهاراته وإيصالها إلى الشخص الآخر بطريقة سلسلة وواضحة.

- ما هي النصيحة التي تود أن توجهها إلى الخريجين الجُدد؟

لا شك أن مسيرة النجاح باتت أسهل وأسرع في عصر التكنولوجيا، إذ يستطيع الإنسان من منزله أن يتواصل مع العالم كله ويتبادل خبراته معهم.

عليهم فقط أن يحسنوا اسخدام هذه التقنية جيداً ويدركوا أهميتها ليستطعوا تسويق قدراتهم ونشرها للعالم من خلال "كبسة زر."

برأيي يتطلب الأمر: فكرة فريدة ، وأسلوب جاذب في التسويق، ونوعية كفوءة للخدمة أو السلعة المُقدمة فقط.

- بالعودة عشر سنوات إلى الوراء، ما هي النصيحة التي كنت لتُقدمها لشريف بديع؟

عندما أشعر بالإحباط ،عادة ما أقوم بتقييم ذاتي على كل الوقت الذي مضى.. وأحاول أن أصنّف الأمور والأحداث كإيجابية أو سلبية.

أُقيِّم مشاريعي، علاقاتي العامة، والمهارات التي عملت على تطويرها.

إكتشفت من خلال هذا التقييم  إصرراي على "لبنانيتي" .. فالفترة التي أنجزت فيها كل هذه المشاريع كانت في خضم الأوضاع السيئة التي نمر بها في لبنان، والتي لا تعود إلى الإنتماء الديني ، والسياسي أو الفكري لفئة معينة .. لأنها أضرت جميع الأفراد على اختلاف إنتماءتهم  .. كلنا تأثرنا بهذه الأوضاع ولكن أصرينا على البقاء كلبنانيين ..نعمل باسم بلدنا كيدٍ واحدةٍ في الخارج.

- أخيراً ما هي مشاريعكم المستقبلية؟

قمنا بتأسيس شركة لنا في السعودية، كما أننا نعمل على مشاريع عدة للخارج، ونسعى إلى جذب أشخاص من غير ثقافاتنا وأفكارنا لنعمل معاً على توسيع مشاريعنا وتنويعهاواختلافها.