إنخفضت مساحات البناء المرخّصة في لبنان إلى 533777 متر مربّع خلال تمّوز 2016، وھو المستوى الشھري الأدنى لھا لھذا العام، مقارنةً مع 944935 متر مربّع في حزيران، وذلك إستناداً إلى الإحصاءات الصادرة عن نقابة المھندسين.

أمّا على صعيدٍ تراكميٍّ، فزادت مساحات البناء المرخّصة بنسبة 2.48% سنويّاً إلى 5860363 متر مربّع خلال أول 7 أشهر من 2016، مقابل 5718599 متر مربّع في الفترة ذاته من العام السابق.

وللاطلاع أكثر على أسباب هذا الارتفاع وتأثيراته، القريبة والبعيدة، على القطاع العقاري اللبناني الذي لا يزال يعاني من الجمود، كان لـ"الاقتصاد" حديث خاص مع الخبير العقاري سامر ديب:

- ما هي برأيك أسباب زيادة مساحات البناء المرخصة بنسبة 2.48% في أول 7 أشهر من 2016؟

في بداية العام 2016، شهدنا على بوادر انفراجات سياسية في الأفق، وبالتالي حصل الناس على القليل من الثقة، لذلك عمدت بعض الجهات الى التحضير للمشاريع العقارية. ولكن اذا نظرنا الى كل التراخيص التي تم الحصول عليها في أول 7 أشهر من السنة، نرى أن نسبة ضئيلة منها، بدأت عملية البناء فيها، انما جاءت الانطلاقة بطيئة للغاية، لأن نسبة الشراء تعاني من تراجع كبير، ولا من يسأل، ولا من يطلب.

في شهر تموز، كان من المفترض أن نتحضر للصيف، وأن يأتي اللبناني المغترب لشراء العقارات، وتحضير الشقق، والتخطيط للمستقبل، لكن هذه المبادرات كانت للأسف غائبة هذا العام.

اشارة الى أن هناك حضور خليجي لكنه خجول للغاية، اذ أن الخليجي مخبر ومضطر على التواجد في السوق العقاري اللبناني، فكل شخص بدأ بمشروع ما، لن يتراجع عنه حتى ولو خسر، وذلك للمحافظة على اسمه في السوق. لكن هذا الأمر لا يعني أن المستثمر الخليجي يعتبر لبنان بمثابة مركز ربح مادي بالنسبة اليه.

أما المغترب اللبناني، فلقد ساهم في تنشيط الحركة الى حد ما، لكنه لم يتشجع كثيرا على القيام بخطوة الشراء، وبالتالي لم تكن الحركة مثل الماضي. اذ أن عمليات البيع العقارية التي حصلت، كانت بغالبيتها مبنية على عقود قديمة.

- كيف تقيم وضع القطاع العقاري اليوم؟ هل لا يزال يعاني من الجمود؟

لقد ارتفعت حدة الجمود في القطاع العقاري اللبناني، فمنذ بداية العام كان الجمود سيد الموقف واستمرت هذه الحالة بالتوسع. وكان من المفترض أن نرى الحل في حزيران وتموز، ولكن الحركة توقفت في هذه الشهرين.

فمع كل خضة سياسية أو أمنية نشهد على المزيد من التراجع، وحتى "التخويف" يؤثر سلبا على القطاع، ويؤدي الى انخفاض حركة البيع والشراء.

ولا بد من الاشارة الى أن أزمة "سعودي أوجيه"، وعودة 3000 لبناني، خلقت خضة كبيرة لأن سوق العمل لا يستوعب، والعديد من الشركات خفضت معاشات المهندسين.

- هل هناك تدابير يمكن اتخاذها اليوم من أجل إعادة إنعاش هذا القطاع؟

يجب إنعاش الدولة أولا، ففي الماضي، كان يتم معالجة حالات الركود من خلال الهبات الخارجية، أو عن طريق ضخ القليل من الأموال والقيام بالمشاريع التحتية، وبهذه الطريقة تدخل السيولة الى التجار وتتوزع على الناس. ولكن اليوم، اذا أرادت الدولة بناء طريق مثلا، لا تعطي الأموال للمقاولين، بل تستعين بسندات الخزينة.

لكن اليوم، لا أحد يثق بالمسؤولين اللبنانيين، بسبب غياب رئيس الجمهورية وقائد جيش جديد، وغياب الرجالات الكبار. وهذه العوامل لا تتيح للبلد الحصول على الثقة لكي يتمكن من التحرك والتقدم.

- كيف ترى اتجاه القطاع العقاري اللبناني على المديين القريب والبعيد؟

على المدى القريب من الواضح أن الأزمة مستمرة. أما على المدى البعيد، فاذا لم يتحرك السياسيون، سنشهد على انهيار اقتصادي ومالي.

ومن المفترض أن تنخفض أسعار الشقق بشكل أكبر في المرحلة المقبلة. ولكن لكي يحصل هذا الانخفاض، يجب أن تتراجع أسعار الأراضي. كما أن المستثمر الذي سيبني بالأسعار المنخفضة، سينافس من قام بالبناء في الماضي وينتظر حاليا أن يبيع عقاراته، وسيكون بذلك مجبرا على تخفيض أسعاره ولو خسر.

- استنادا الى الظروف القائمة اليوم، هل هناك انفراج وتفاؤل في الأفق؟

لا تفاؤل ولا انفراجات، لأن لا أحد يرغب بالتحرك، ولا أحد من السياسيين يشعر بالمسؤولية.