ربيع دمج

في حبكةٍ تشبه سيناريوهات أفلام العصابات تماماً، نفّذت الشابة العشرينية منار سيفو (من جبل محسن) مخططاً مدروساً بإتقان، قضى باستدراج أربعة ضباط سوريين منشقين عن الجيش السوري يعيشون في لبنان، لتكون نهاية ثلاثة منهم مؤلمة فيما الرابع نفذ بأعجوبة منها لينقلب السحر على الساحر إثر قيام الأخير  بالتبليغ عنها.

وبعد  سلسلة من التحرّيات والتقصي عنها وعن أفراد هذه العصابة تم التعرّف إلى صاحبة الشخصية الحقيقيةالعائدة لأربع شخصيات وهمية إستخدمتها منار على "الواتسآب" أثناء عملية استدراج الضحايا، أما الرسالة المشفّرة بين علي وزعيم العصابة في سوريا بعد إتمام العملية كانت: " العجل أصبح في المزرعة وسيتم ذبحه غداً".

أمام قوس المحكمة العسكرية وقفت منار مع ثلاثة متهمين آخرين، فيما آخران من العصابة المؤلفة من ستة أفراد لا يزالان مجهولي الإقامة. وأمام العميد خليل إبراهيم روت منار جزءاً من رواية تجنيدها من قبل الرقيب في مكتب الإستقصاء علي كريم، وإغرائها بمبلغ 600 دولار أميركي عن كل وشاية تقوم بها لصالحه ولصالح الوطن كما أفهمها بدايةً، لتكتشف بعد ذلك أنها عميلة لعصابة يقوم بها كريم باستغلال وظيفته الأمنية لتسهيل أعمال أخرى، والتعامل مع ضباط من الداخل السوري، لكنها استمرت بالتعامل معهم، إلا أنها لم تقبض سنتاً واحداً.

إلا أن تفاصيل الملف، وكيف جرت الأمور لم يتم استعراضها كاملة أمام قوس العدالة، حيث تم تأجيل جلسة الإستماع إلى شهر تشرين الأول لخطورة المعلومات فيه، إلا أن "الإقتصاد" حصل من وكيل المتهمة منار على القرار الإتهامي بحقها وبحق الباقين.

وبحسب القرار فإن "علي كريم كان على علاقة غرامية مع منار إبنة منطقته في جبل محسن دون أن يتم النصيب لتبقى علاقة الصداقة سائدة بينهما ، وعلى طريقة قصص الجاسوسية أقنعها بضرورة التعامل معه لاستدراج ضباط سوريين منشقين، وبما أن أهم خطط الجاسوسية في العالم تمت بواسطة المرأة، جاء اختيار الحبيبة السابقة لتقوم بهذه المهمة، ولتكتمل عناصر الخطّة بالتمام، تم تجنيد محمد حبابة ( من جبل محسن) الذي كان يعمل في جمعيات تهتم بملفات السوريين المقيمين في لبنان، ومن خلال عمله قام الأخير بتزويد علي كريم بكلالأرقام المطلوبة لخطفها،ومن بين هؤلاء الضحايا الأربعة:  إسماعيل عنطاوي، جاسر المحاميد، وكمال باكير، وسام رمضان (الذي نفذ في آخر لحظة من الخطف والقتل)".

مهمة منار كانت في كل مرة تقوم بانتحال شخصية فتاة جديدة وبإسم جديدة، من سارة، إلى سحر، إلى سميرة، وعن طريق الخطأ بالرقم كانت ترسل إلى ضحيتها رسالة نصيّة ثم تفتح معه حديثاً مطولاً لتوقعه في شباكها، ومن بعد التعارف تطلب منه المجيء من عكار ( معظم الضحايا كانوا بين طرابلس وعكار) إلى جبل محسن وتعطي ضحيتها عنواناً محدداً، وحين يحضر يجد نفسه بين مجموعة خاطفين، فيتم اقتيادهم إلى شقة في المنطقة ويتم تكبيلهم وتصويرهم وإرسال الصورة إلى رئيس العصابة في سوريا مرفقة برسالة "الخروف داخل المزرعة"، وبعد ذلك يتم سوق المخطوف إلى الحدود السورية حيث تستلمه مجموعة مسلحة وبعد ذلك يتم تصفية الضحية.

أما عن طرق الإيقاع بهم، فتارة توهم منار ضحيتها أنها معجبة به وتريد ملاقاته والتعرّف إليه، وتارة تمثل عليه دور الشفقة على حاله وإنها ستخبر خالها كي يساعده بعمل، ويكون الخال الذي ينتظر الضحية هو علي كريم نفسه، أما آخر الضحايا وسام رمضان فقد شكّ بها ولم يعطها اسمه الحقيقي، وحين وصل إلى جبل محسن شعر بأن هناك مخطط يحاك ضده فهرب بأعجوبة وفلت من القتل المحتّم".

أما عن نهاية منار وباقي أفراد العصابة، فقد تمت بفضل رسالة نصّية أرسلتها زوجة جاسر المحاميد إلى منار بعد أن طالت غيبته سائلة إياها عن مكان زوجهاومصيره، لتردّ عليها بأن زوجها ذهب مع خالها ( أي علي كريم في الحقيقة) إلى بلدة ما في عكار وأن الأخير استحصل على وظيفة لعبدالله وقد أوصله وعاد إلى جبل محسن، هنا ساور الشك الزوجة وقدّمت بلاغاً، وبعد تحرّيات مضّنية ومكثّفة تم التوصل إلى صاحبة الرقم، وفيما كانت داخل عملها لدى محامي في جبل محسن داهمت قوة من مكتب المعلومات المكان وتم القبض عليها بطريقة بوليسية كما وقع معها أفراد المجموعة.