ربيع دمج

في شهر آذار الماضي ضجّ الوسط الإعلامي بفضيحة مدوّية عن سرقات ملايين الدولارات طالت المؤسسات العسكرية في لبنان، أبطال هذه الفضيحة مجموعة من الضباط والرتباء من سلك قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني.

وفيما خصّ الشق المتعلّق بسرقة "المازوت" البالغة قيمتها 200 ألف دولار أميركي متورّط بها أربعة أشخاص ( إثنين منهم رتباء في الجيش اللبناني، وآخران مدنيان).

حصل موقع "الإقتصاد" حصرياً على ملف التحقيقات مع الموقوفين الأربعة في سجن روميه وهم : الرقيب الأول حسين عنيسي، والرقيب الأول فوزي غندور، وحسن ومحمد قبيسي ( مدنيان)، وبحسب القرار الظنّي الصادر من القاضي هاني حجار، فقد أظهر أن الموقوفين الأربعة إعترفوا تماماً بجريمة السرقة التي استمرت على مدى  سنتين قبل اكتشاف فعلتهم وتوقيفهم في منتصف شهر آذار من العام 2016.

عملية السرقة قد تمت بطريقتين، الأولى عبر سرقة المازوت من صهريج التفريغ التابع للجيش اللبناني وبيعه للمحطات في لبنان، غير أنه بعد  الشكوك  التي ساورت أحد الظباط وتجنباً للشبهات التي بدأت تحوم حولهم إنتقلوا إلى وسيلة ثانية وهي  تزوير الفواتير وختمها لتمرّ سرقاتهم بسهولة أمام ديوان المحاسبة. فكيف حصل ذلك وكيف وقعوا في شرك الجيش اللبناني.

ورد إلى مكتب مخابرات الجيش اللبناني في وزارة الدفاع، وبعد شكوك عديدة،أتبعها عمليات مراقبة مكثّفة من قبل بعض الضباط، أفضت إلى نتيجة تفيد أنّ عملية سرقة كبيرة تمت من خلال سرقة المازوت ومن ثم بيعه وأن هذه السرقة بمئات الآلاف من الدولارات. وأن هذه الإختلاسات عائدة للجيش وموجودة في منشآت النفط في الزهراني وبيعها في الأسواق المحلية للإستفادة منها، وأن عمليات السرقة تمت بين الزهراني ومجمّع الحمام العسكري في المنارة.

وبحسب القرار الإتهامي، الذي اطلع عليه موقع "الإقتصاد"، فإن الرقيب الأول حسين عنيسي الذي يخدم عسكرياً كمحاسب محروقات  في النادي العسكري، أقدم مع حسن قبيسي بإختلاس كميات من المازوت بناءً على اقتراح من الرقيب الأول فوزي غندور.

وأظهرت التحقيقات أن حسن قبيسي ينقل المحروقات إلى النادي العسكري بواسطة صهريج يملكه والدهعلى معرفة مع الأخير، وقد تولّى  الرقيب الأول حسين العنيسي الإشراف على إفراغ الحمولة التي لم تكن تفرّغ بكاملها ويتم في كل مرّة الإبقاء على كمية تتراوح بين 400 ليتر و800 ليتر، فيقوم قبيسي لاحقاً ببيعها في الأسواق، وتكررت هذه العملية سبعين مرّة. وبعد الشك بالأمر قام ضابط الإشراف على عملية التفريغ بمراقبة الوضع، ما دفع المدّعى عليهم إلى التوقف عن  سرقة كميات المازوت بهذه الطريقة.

راح الرقيب الأول  فوزي غندور وحسن قبيسي بالبحث عن طريقة جديدة،فقاما تزوير فواتير قسائم، و ختمها رسمياً بختم الجيش ، حيث بدآ يقومان بسحب كميات المازوت العائدة إلى الجيش من مصفاة الزهراني مباشرة، فكان غندور يزوّد قبيسي بقسيمة تعبئة مازوت من النماذج المسلّمة إليه، بحكم عمله، ويقوم قبيسي بتعبئة الصهريج بواسطة هذه القسيمة بسّعة 11200 ليتر، مستغلاً واقعة تعبئة المحروقات بصهريج مدني لمصلحة النادي العسكري.

وبحسب القرار الإتهامي " بعد توقيع الأوراق الإدارية من قبل منشآة  النفط، يقوم قبيسي بتسليم الإيصال إلى غندور الذي يعمد إلى تمزيقه،  وبعدها يقوم قبيسي ببيع الكمّية في الأسواق المحلّية لمصلحتهما هو وغندور، والأخير يقوم بتحريف الأرقام الواردة فيها ويُحسم منها كمّيات المازوت المختلسة، ومن ثم يضع ختم المصفاة على مكان التصحيح ليتبيّن من هذه الخلاصة أن الكمّية المسحوبة من قبل الجيش من مصفاة الزهراني مطابقة للكمّية التي تم تعبئتها في محطات الجيش، ثم يعمد إلى  إحالتها إلى محاسب المحروقات.

وبعد عمليات حسابية دقيقة وتحرّيات مستمرة، تم إكتشاف أن كمية المازوت المُختلسة  بهذه الطريقة لحين تقاعد فوزي غندور وصلت إلى 770733 ليتراً، وقد تم بيعها في الأسواق المحلّية لصالح عدد من المحطات بقيمة 200 ألف دولار أميركي.