ربيع دمج

لم يتوقّع  الشاب كمال كرنبي أن ينتهي به المطاف من مراسل إخباري لأحداث عرسال الأمنية إلى واحدً من المتهمين بإنتمائه لهذا التنظيم الإرهابي.

الصدفة البحتة  كانت سبباً لدخول كمال مهنة المراسل مع قناة "الأل بي سي"، فهو ليس صحافيا أساساً بل صاحب أرض مزروعة  بأشجار الكرز يستثمرها سنوياً مقابل مبالغ مالية من التجار، وبما أنه إبن المنطقة ولديه شبكة من المعارف،  كما لديه الإطلاع الوافر بما يدور هناك من أحداث أمنية، وبعد صدور قرار من قبل مخابرات الجيش اللبناني بمنع جميع الصحافيين المحليين والعالميين من الذهاب إلى عرسال خلال الأحداث الدامية التي بدأت منذ سنتين، وعن طريق الصدفة تعرّف كمال على مراسل القناة المذكورة، إدمون ساسين، فطلب منه الأخير أن يوصله برئيس البلدية علي الحجيري ليتعاون  معه فيما خص المواضيع الأمنية كما طلب منه (أي كمال)  تزويده بكل شاردة وواردة فيما خصّ تنظيم داعش في المنطقة، مقابل بدل مادي تدفعه له إدارة الأخبار في المؤسسة وإعتباره بمثابة مراسل أمني للقناة في هذه المنطقة.

تعاون كمال مع القناة بشكل طبيعي لمدة سنة تقريباً،  إلى أن عمليات رصد لمكالماته الهاتفية الأخيرة من قبل مكتب المعلومات أظهرت بأنه يتّصل   بأشخاص منتسبين إلى تنظيم"داعش"الأرهابي، فتم القبض عليه بتاريخ 7 نيسان 2016 من قبل شعبة المعلومات وتم التحقيق معه ثم تم تحويله إلى وزارة الدفاع.

  وفي التحقيق الأولي ومن ثم الإستنطاقي معه أنكر صلته بهذا التنظيم، وقال أنه لا يعرف أحداً منهم ولا يرسل لهم المواد الغذائية ولا الملابس ولا حتى الأموال كما ورد في القرار الإتهامي.

وبحسب القرار الظني الذي إطلع عليه موقع "الإقتصاد" فقد ورد في التحقيق مع كمال بأنه كان ينقل الأخبار لقناة "الأل بي سي"، وخلال معارك عرسال كان يغطي لهم الأحداث، أما عن علاقته بالسوري شحادة البرشا (المنتمي إلى داعش) فهي ليست علاقة صداقة بل كانت معرفته به سطحية كون كلا الإثنين يذهبان للصيد في جرد "مرطبا" (قرب عرسال)، الواقع تحت سيطرة داعش وأن كمال كان يبيت في أحد مراكز البرشا قرب مرطبا، لكنه لم يتواصل معهم.

وفي تحقيق إستنطاقي آخر ورد بأنه "عثر داخل جواله على مقاطع فيديو تظهر نقاطاً وحواجزاً للجيش اللبناني في عرسال ومحيطها"، وليس ذلك فحسب بل عُثر على  مقاطع صوتية مرسلة عبر "الواتسأب" إلى شخص يُدعى أبو هلال وآخر مُلقّب بالـ"شيشاني"،  وهذه التسجيلات تتضمن رصدا لتحرّكات عناصر من حزب الله، وفي تسجيل آخر يسأل كمال بعض عناصر داعش في المنطقة فيما إذا كانوا يريدون منه شيئاً من ملابس وطعام وأغراض ليجلبها لهم معه حين يزورهم.

وتسجيل آخر عبر "الواتسأب" يسأل فيه كمال شخص إسمه أبو يوسف القاري عن نتائح معاركهم مع المرتدين ( والمقصود بالكلمة أي الجيش اللبناني).

وخلال التحقيقات برر كمال أن مقاطع الفيديو كانت في سياق عمله مع قناة "الأل بي سي" وأنه لم يصور مراكز حساسة للجيش، وما قام به كان بموافقة عميد من آل "الحسن" وأنه ليس الوحيد الذي صوّر هذه المقاطع بل أن هناك عددا من المراسلين في المنطقة، أما عن تسجيلات الواتسأب فقال أثناء جلسة المرافعة، اليوم (8 أب 2016)،  في المحكمة العسكرية في بيروت، بأنه كان يغري عناصر من داعش للإيقاع بهم والحصول على معلومات منهم لإرسالها إلى قسم الأخبار في القناة وليس من أجل التعاون معهم ضد الوطن أو الجيش، وهذا أمر بديهي يفعله كل صحافي يعمل في مجال الأمن والإستقصاء.

وخلال المرافعة أشارت وكيلته المحامية فاديا شديد، إلى أن "القانون يحمي مصدر المعلومات الخاصة للصحافي و بأن يخق له  بعدم الإفصاح عن مصادره إلا في حال كان لديه معلومة تخلّ بأمن الدولة".