انتصار "أبل"، الذي جاء سريعا وبشكل قاطع أكثر مما توقع المراقبون، سيكون له تأثير على تصميم الهواتف الذكية لا يقتصر فقط على "سامسونج"

تيم برادشو من كاليفورنيا وسايمون ماندي من سيول

حكم يوم الجمعة في قضية بين شركتي "أبل" و"سامسونج" حول براءة اختراع تصميم الهواتف الذكية هو رسالة واضحة لباقي العاملين في هذه الصناعة للحصول على ترخيص عاجل أو الحصول على ابتكار عاجل.

قرار المحكمة التاريخي يوم الجمعة بشأن معركة سان خوسيه في ولاية كاليفورنيا بين شركتي "أبل" و"سامسونج" حول براءة اختراع تصميم الهواتف الذكية سوف – إذا صـدقت "سامسونج" – يكون استهلالا لعهد جديد من هيمنة الآيفون على عالم "ما بعد الكمبيوتر".

"سامسونج"، أكبر شركة تكنولوچيا عالمية من حيث العائدات، قالت: إن حكم هيئة المحلفين الذي اقتضى أنها انتهكت جميع براءات اختراع "أبل" وقد أكدتهن شركة أبل ضدها باستثناء واحدة، "خسارة للمستهلك الأمريكي (الذي) سيكون بين خيارات محدودة، وابتكار أقل وارتفاع محتمل في الأسعار". إنها تتحدى الحكم في سان خوسيه وستستأنف في محكمة أعلى إذا فشل ذلك.

انتصار "أبل"، الذي جاء سريعا وبشكل قاطع أكثر مما توقع المراقبون، سيكون له تأثير على تصميم الهواتف الذكية، لا يقتصر فقط على "سامسونج". بتصديق هيئة المحلفين لبراءات اختراع جهاز وبرامج "أبل"، فإن المنافسين أمثال "إتش تي سي" و"سوني" و"لينوفو" على علم بأن شركة أبل لم تعد تخشى تأكيدها على ملكية تفاصيل أساسية في التصميم مثل الحواف المستديرة، الواجهات الزجاجية من الحافة للحافة وشبكة من التطبيقات.

حكم يوم الجمعة "هو رسالة واضحة لباقي العاملين في هذه الصناعة للحصول على ترخيص عاجل أو الحصول على ابتكار عاجل"، هذا ما يقوله مورجان ريد، المدير التنفيذي لرابطة التكنولوچيا التنافسية، وهي هيئة تمثل الشركات التكنولوچية الأصغر. بعض المحللين يرون إمكانية أن تسعى "أبل" للحصول على حظر مهم لأجهزة "سامسونج" التي انتهكت حقوقها، فمصنعان آخران للهواتف الذكية التي تستخدم نظام تشغيل جوجل أندرويد يمكن أن يتأثرا هما الآخران. شركة إتش تي سي كان عليها أن تؤجل آخر إصدار من هواتفها الذكية بعدما خسرت معركة براءة اختراع مشابهة أمام "أبل".

بائعو أندرويد - بما فيهم "سامسونج" ـ كانوا على أمل بأن استحواذ شركة جوجل على شركة موتورولا موبيليتي بقيمة 12.5 مليار دولار، بشكل كبير بسبب ترسانة براءات اختراعاتها، سيحميهم من مثل هذا التهديد، لكنها الآن يمكنها أن تـُجبر على العودة لتصميم ابتكار جديد. مع ذلك، إذا كان المدى القصير محفوفا بالشك لدى منافسي شركة أبل، وعلى الأمد البعيد، كما يتنبأ البعض فإن انتصار "أبل" القانوني يمكنه في نهاية المطاف أن يؤذيها، حيث إن منافسيها مدفوعون لصناعة أجهزة أكثر حداثة.

"شركة سامسونج بالفعل أكثر تجنبا للنسخ"، وفقا لما يقوله هوراس ديديو، محلل لأخبار الهواتف النقالة بشركة أسيميكو. ويضيف قائلا: "النتائج تكون في الأغلب رمزية، لكن الإدارة في شركة سامسونج وشركات أخرى ستتردد أكثر على الأرجح وستكون أكثر تخوفا".

"على المدى القصير والمتوسط، فإن فوز شركة أبل الذي يجبر المنافسين على ابتكار تصاميم مختلفة يجب أن يكون إيجابيا، لأن شركة أبل تقوم بتصاميم أفضل، ويمكن أن تكون محتكرا للسمات الأساسية،" هذا ما ذكره أحد المحللين في "بيو بي إس" الأسبوع الماضي.

ويضيف معلقا: "مع ذلك فعلى المدى البعيد، يمكن أن يؤذي هذا شركة أبل، لأن التهديد ليس هزيمة شركة أبل من قبل منافس ما في لعبتها الخاصة، لكن بدلا من ذلك أن يقوموا بتغيير اللعبة. احتمالية أن يتم تخطي شركة أبل أو أن يبتكر منافس لها فئة جديدة ستكون أكبر إذا اضطروا للتفكير خارج الصندوق".

يرى المحللون أن شركة مايكروسوفت هي أكبر المستفيدين من هذا، بفضل تصميمها الأصلي لهاتف ويندوز بلاطي الشكل. منذ عقدين من الزمان، كانت شركة أبل هي التي خسرت معركة ملحمية حول براءة اختراع لصالح "مايكروسوفت"، بخصوص واجهة المستخدم البيانية لجهاز الماكينتوش من إنتاج "أبل". بينيدكت إيفانس من شركة إنيراس أناليسيز يقول: "إليكم المفارقة - تقود شركة أبل هذه الضربة التي من شأنها أن تدعم شركة مايكروسوفت، فهي تجعل جهاز ويندوز أكثر جاذبية لأناس آخرين".

لم تعلق شركة مايكروسوفت رسميا على القضية لكن رئيس التسويق والاتصالات بها لهاتف ويندوز، بيل كوكس، كتب بشماتة على "تويتر" إحدى التغريدات صباح يوم الأحد قائلا: "هاتف ويندوز يبدو جيدا الآن".

هاتف ويندوز نوكيا المميز الرئيس، لومينا، كانت مبيعاته قليلة في الولايات المتحدة، لكنه حصل على إطراء غير مباشر من فريق "أبل" القانوني خلال المحاكمة، عندما تم إدراجه ضمن الهواتف الذكية التي سعت لإظهار أنه ليس بالضرورة أن تكون جميع الهواتف الذكية سوداء مستطيلة بحواف مستديرة.

كارولينا ميلانيسي، محللة أخبار الهواتف النقالة في شركة جارتنر، تقول: إن دعم شركة مايكروسوفت للبائعين المصنعين لأجهزة ويندوز، ومتطلبات أخرى خاصة بالتراخيص لاستخدام آندرويد، يمكن أن يعني أن كلا من المنصتين مختلفان قليلا من حيث التكاليف.

أقامت كل من "نوكيا" و"مايكروسوفت" اتفاقيات تراخيص متبادلة مع شركة أبل، تحميهم وتوحي بأن ترسانة براءات اختراع "أبل" سوف تستهدف أندرويد في المستقبل القريب.

ديديو من "آسيمكو" يقول: هذا التأثير "لقضية براءة اختراع القرن"، كما أطلق عليها البعض بين "أبل" و"سامسونج"، يمكن أن يأخذ وقتا طويلا ليصبح جليا كما الحال في قضية منع الاحتكار بين شركة مايكروسوفت والحكومة الأمريكية في أواخر التسعينيات. إذا ما كانت تحطمت شركة مايكروسوفت، يقول ديديو: إنه "كان يمكن أن تكون شركة مايكروسوفت أكثر حيوية ولربما كان ويندوز لاعبا أفضل في عالم الهواتف الخلاوية".

على شركة سامسونج أن تقرر ما إذا كان يجب عليها إعادة تصميم أجهزتها الجديدة لتجنب صدور حكم ضدها. لقد عانت أيضا من تحد أكبر لسمعتها، حيث حكمت هيئة المحلفين بأنها أقل ابتكارا من منافستها. "تأثير هذا على علامة (سامسونج) التجارية وسمعتها هو الموضوع الرئيس للشركة"، حسب ما يقوله مارك نيومان، محلل في شركة ستانفورد سي بيرنيستين. ويضيف: "مليار دولار هو مبلغ كبير من المال، لكنه صغير مقارنة بما تجنيه شركة سامسونج من الهواتف النقالة".

هناك أمر أكثر إيذاء ربما يكون الإنذار القضائي الذي تسعى شركة أبل به لمنع بيع العديد من أجهزة "سامسونج" في الولايات المتحدة. مثل هذا الحظر لن يغطي الطرازات الجديدة الخاصة بها، بما فيها طراز جالاكسي إس3 الجديد، لكن الهواتف المنتهكة لبراءات الاختراع الخاصة بشركة أبل تشكل على الأرجح نسبة مميزة من مبيعات شركة سامسونج في الولايات المتحدة.

مقلد أم مبتكر هذا هو السؤال؟

هزيمة "سامسونج" القانونية الحاسمة في كاليفورنيا ستسلط الضوء مرة أخرى على سؤال يضجر منه مديروها: هل أكبر شركة تكنولوچية في العالم من حيث المبيعات تابعة لابتكارات الآخرين عوضا عن كونها مبتكرة من ذاتها؟

الحكم بأنها قامت عمدا بتقليد اختراعات "أبل" سيتم دفع حساب عسير من الشركة لطالما افتخرت بأنها صاحبة التصميمات الأكثر تجددا وبقدراتها التكنولوچية. جلسة الاستماع الخاصة بالإنذار القضائي في 20 أيلول (سبتمبر) يمكنها أن تشعر من الآلام بحجب عدة أجهزة لـ"سامسونج" عن البيع في الولايات المتحدة، وإن لم تكن أحدث الأجهزة.

إلى الآن فإن حصيلة المحاكمة لن تكون صدمة رئيسة للمديرين الكبار بالشركة الجنوب كورية، الذين يعلقون أهمية على حقيقة أن الشركة متواجدة بالفعل في عقر دار شركة أبل.

وفي سيول صدر حكم في نفس اليوم ينفي مزاعم أن شركة سامسونج نسخت تصميم الآيفون، على الرغم من أنها وجدت خروقات لبراءات اختراع أقل أهمية من قبل كلا الشركتين. تقول المصادر: إن شركة سامسونج كانت متفائلة بقرب نهاية جلسة المحاكمة، مصرة على أن الهزيمة سيكون تأثيرها قليلا ولن ينقص من الدفعة التي حصلوا عليها، بسبب نجاح سلسلة هواتف جالكسي الذكية، التي ساعدت على الدفع بـ75 في المائة من زيادة مبيعات أجهزة الهاتف النقال سنويا لتصل إلى 18 مليار دولار في الربع الثاني للعام المالي هذا العام.

علاوة على ذلك، فيمكن أن يكون عزاؤهم في حقيقة الأمر أن هذه القضية رفيعة المستوى أبرزت إلى حد بعيد من مكانة "سامسونج" لتصبح أكثر المنافسين الخطرين أمام "أبل" بين مصنعي الهواتف الذكية، بعد أن تفوقت على الشركة الأمريكية أخيرا هذا العام لتصبح رائدة العالم في الهواتف الذكية من حيث المبيعات.

في "سامسونج" يتقبلون أنهم لم يباروا "أبل" في نحت الأنواع الجديدة كليا، مثل بداية سوق الحوسبة اللوحية بإصدار الآيباد.

لكن "سامسونج" تجاوزت "أبل" في مجالات تقنية هامة، على حد تعبير مار نيومان، محلل في شركة سانفورد سي بيرنستين حيث يقول: "لدى شركة سامسونج الآن أفضل الهواتف من وجهة نظري متعلقة بالأجهزة، وخاصة حجم الشاشة والرفع والوزن بفضل تكنولوچيا الصمام الثنائي المشع للضوء ذي الخلايا النشطة العضوية (آموليد) الخاصة بها".