هل باستطاعة ​البنك المركزي الأوروبي​ حل أزمة منطقة اليورو بنفسه؟ الإجابة هي بوضوح لا، لكن دون تدخل البنك المركزي الأوروبي فستكون الأزمة غير قابلة للحل. لذا، ماذا ينبغي أن تكون أهداف مثل هذه العملية؟ وكيف ينبغي أن يتم إنجازها؟

وأود أن أضع في الحسبان ثلاثة أهداف، وهي عرضة لقيدين. الأول والأهم هو التخلص من توقعات السوق بشأن تفتيت منطقة اليورو. أيا كان ما يقرره المجلس الحاكم للبنك المركزي الأوروبي في السادس من أيلول (سبتمبر)، يجب أن يكون كبيرا بشكل كاف لدحض التوقعات بشأن ترك إسبانيا وإيطاليا منطقة اليورو في المستقبل. ويعتبر رحيل اليونان أمرا مختلفا، وهذا البرنامج لا يتعلق بها.

ثانيا، يجب أن يكون التحرك جزءا من استراتيجية تؤدي إلى حل شامل. وماريو دراجي على صواب عندما يقول: إن دعم البنك المركزي الأوروبي يجب أن يعتمد على طلب رسمي للحصول على الدعم. لكن هذا يجب أن يكون عندما يصبح الأمر صعبا. فكيف سيجعل رئيس البنك المركزي الأوروبي برنامجه يتكيف إذا فشلت إحدى الدول في تلبية المعايير؟ ومن يقرر ذلك؟

ثالثا، يجب أن يتناول التحرك مسألة وضع المستثمر. فإذا تم اعتبار مقتنيات البنك المركزي الأوروبي ذات أولوية على تلك الخاصة بالمستثمرين الآخرين، فقد لا يكون من الممكن على الإطلاق إعادة مستثمري القطاع الخاص إلى هذه البلدان.

لكن هل سيكون الإعلان عن قبول البنك المركزي الأوروبي بوضع متساو، وبمعاملة متساوية، جديرا بالتصديق؟ فقد رفض البنك المركزي الأوروبي الاشتراك في إعادة هيكلة الدين اليوناني، لأنه اشترك في تمويل نقدي للدين. وهذا يعتبر غير قانوني وفقا للقانون الأوروبي. ومن السهل بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي القول: إنه يصنف بناء على مبدأ المساواة في المعاملة، ولكن هل هو معدٌ حقا لتلقي الضربة في حال تمت إعادة هيكلة الدين؟

لا يمكن أن تعوض آلية الاستقرار الأوروبي أي خسائر للبنك المركزي الأوروبي. وأشك في أن قيود البنك المركزي الأوروبي القانونية ستفوق في النهاية صدقية التعهد غير الرسمي، القائم على المعاملة المتساوية. صحيح يوجد قانون ضد التمويل النقدي للديون السيادية، لكن لا يوجد قانون ضد الكذب.

ومن ضمن القيود، يكون الأول سياسيا. وإذا دفعت بهذا إلى حد بعيد للغاية، فقد تستبدل ببساطة بأزمة الدين في جنوب أوروبا أزمة سياسية في شمال أوروبا. والمؤسسة الألمانية تعوي بالفعل.

والقيد الثاني قانوني. وقد يعرِّض نزاع قانوني، خاصة في ألمانيا، صدقية العملية للخطر. ويعتبر عدم الاتفاق مع سياسة البنك المركزي الأوروبي شيئا، والقول علنا إن دراجي يخترق القانون شيئا آخر بالنسبة لبوندسبانك (البنك المركزي الألماني). وبالأمس، أصدر جينس فيدمان، رئيس ''بوندسبانك''، التحذير الأكثر صرامة حتى الآن، بأنه عارض شراء السندات على نطاق واسع. وقال: إنهم اقتربوا من تسييل الدين المباشر.

وفي وجود هذه الأهداف والقيود، ما الذي يمكن عمله وما الذي لا يمكن عمله؟ ولا أتوقع رؤية أي أهداف واضحة لأسعار الفائدة، أو المناطق التي تشملها التغطية، كما أشارت بعض تقارير الإعلام. وستختبر الأسواق أي هدف معلن.

وأيضا، ماذا سيفعلون إذا ارتفعت أسعار الفائدة الألمانية؟ ماذا لو انتهى الأمر بكون سعر الفائدة المكفول لدولة تتبع برنامجا منخفضا أكثر من أسعار الفائدة الخاصة بالسوق في أحد البلاد التي لا تعتمد على برنامج؟

وقد يكون الضمان أيضا أداة بليدة لإدارة برنامج مشروط. وإذا فشلت إحدى الدول في تلبية الشرط فسيكون الجزاء الوحيد المتاح هو إسقاط الضمان والتسبب في أزمة مالية وسياسية ضخمة. وقد يكون برنامج بسيط لشراء السندات أسهل لتبسيط الإيقاع. وأشك في أن البنك المركزي الأوروبي سيقر برنامج شراء مشروط، يستهدف أذونات الخزانة، وربما أيضا السندات ذات آجال الاستحقاق القصيرة. ولن تكون هناك أهداف صريحة أو ضمنية لسعر الفائدة، وإنما وعد بتدخل غير محدود. وسيكون هناك تعهد بصدقية غير مؤكدة قائمة على المعاملة المتساوية. وسيكون البرنامج أكثر تواضعا مما تمنت الأسواق، إلا إذا كنت قد أسأتُ الحكم على مساحة المناورة الخاصة بالبنك المركزي الأوروبي.

وبما أن البنك المركزي الأوروبي معني عن حق بآليات نقل النقد المحطمة، فقد يضع في الحسبان أيضا شراء أدوات الدين الأخرى، بما فيها سندات الشركات. وسيكون لتوسيع البرنامج ميزتان: سيساعد ذلك أجزاء من القطاع الخاص بشكل مباشر وسيكون مشتبها فيه بشكل أقل على المستوى القانوني. وسيكون برنامجا واسع النطاق للتسهيل الكمي مكفولا أيضا، لأن الاقتصاد تقهقر إلى حالة الركود. وتأخذ أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، جانب دراجي في هذا الجدال. لكن إذا كان رد الفعل العام الألماني على حالات شراء السندات سلبيا، فقد يتغير الدعم السياسي لهذا التصرف.

وسيشكل برنامج البنك المركزي الأوروبي الخاص بشراء السندات وظيفة تنظيمية مهمة في حل هذه الأزمة، لكن سيكون من الخطأ اعتباره طلقة سحرية. وقد تبدو أزمة منطقة اليورو أقل خطورة ما أن تبدأ حالات شراء السندات، لكننا مررنا في الماضي بمراحل بدا فيها أن الأزمة تنحسر، فقط لتعود لاحقا بعد عدة أشهر. ولن يُحدث البرنامج اختلافا، إلا إذا صاحبه تحرك سريع نحو اتحاد مصرفي ومالي.

وهذا يعني أنه ربما لن يفعل.