الاقتصاد البناني يترنّح بين الخضات المتتالية، مرة اقليمية ومرة داخلية .وهو يبقى اسير لعبة الفراغ في المؤسسات على مختلف المستويات. فالمبادرات الفردية لم تعد تمتلك مقومات النهوض مجدداً بعد الحصار السياسي والامني المستجد . وكل تحرك راهن في قطاع الاعمال والاقتصاد يبقى في دائرة الصمود والصبر الطويل بانتظار حلول الفرج الذي يبقى مجهول  المصدر.

هل صحيح ان بعض الشركات الخاصة فضّل الخروج من السوق اللبناني وذهبت معه الرساميل؟

اين هو قطاع الاعمال في لبنان في هذه المرحلة ،سيما وان  حجم دينه يبلغ اكثر من 55 ملياراً أي ما يعادل 110 مقارنة بحجم الناتج المحلي الإجمالي؟

زمكحل

يوّصف رئيس تجمع رجال الاعمال اللبنانيين د. ​فؤاد زمكحل​ الوضع الاقتصادي بوجود نوعين من الدين ؛ الدين العام الذي يزداد معاً معاً بدون اي تحرّك اومسعى جدي  لتخفيضه فيما في المقابل هناك الهدر المستمر ، وتراجع الاستثمارات في شتى القطاعات يواكبها انخفاض متواصل في مداخيل الدولة.

وهنا لا بد من الاشارة، الى ان اطفاء الدين العام لايتم ابداً بزيادة الضرائب اذ ان هذا يهرّب الاستثمارات ، وبالتالي يرتد سلباً على حجم النمو؛ فليس من بلد اقدم على زيادة ضرائبه الا وحصد تراجعاً في  الاستثمارات والواردات.

ويقول "للاقتصاد": خفض الانفاق ضروري. اليوملا يوجد موازنة  منذ اكثر من 15سنة. واشكّ  في اقرار اي موازنة قريباً لاننا نعلم ان ذلك يتطلّب اتفاقاً سياسياً موّحداً.كما انه لم يعد بامكانناالاعتماد على دعم الصناديق الخارجية العربية والدولية لتوجيهها مساعداتها نحو الداخل او حتى باتجاه النازحين.

وحبل الخلاص الذي نراه في ملف الغاز والبترول هو بعيد . علينا الانتظار 10 سنوات من الاستقرار التام للاستفادة من استخراجه وعائداته، علماً اننا سنواجه شتى انواع المضاربات المضاربات في سوق العرض من قبل عدة اسواق عربية ، روسية او حتى  اسرائيلية.

اما بالنسبة لدين القطاع الخاص  فهو محصور بديون الشركات الخاصة للمصارف. وعندما يصبح دينه بحدود ال55 ملياراً أي ما يعادل 110 مقارنة بحجم الناتج المحلي الإجمالي فهذا يعني انه زاد عند حده. وقد اصبح موضوع الاستدانة اصعب . ونحن ندعم قرار حاكم مصرف لبنان بالتعميم  رقم 331 المتعلق بالشركات الناشئة (أو الStartups) الذي يسمح للمصارف والمؤسسات المالية بالمساهمة، ضمن حدود 3% من أموالها الخاصة، في رسملة مشاريع ناشئة وحاضنات أعمال وشركات مسرِّعة للأعمال يكون نشاطها متمحورا حول قطاع المعرفة. ونحن نعلم ان الغاية التي يتوخاها البنك المركزي من هذا التعميم هي تحريك آليات تأسيس شركات جديدة واعدة، يمكن أن تتحوّل مستقبلا الى شركات مساهمة قابلة لإغناء الثروة الوطنية، وتوفير فرص عمل جديدة وتقوية نشاط السوق المالية. كما نثني على ما تقوم به شركة كفالات للقروض.

ولفت د. زمكحل الى المشاريع التي قدمها التجمع ومنها مشروع قانون الأسهم التفضيلية في القطاع الخاص، ومشروع قانون الشركات المساهمة المبسطة (SAS)، ومشروع قانون بشأن الضمانات العينية على الأموال المنقولة... وذكر ان الشركات المتوسطة هي بنسبة 85% من مجموع الشركات، وهي المحرّك الاساسي علماً انها تسدد  دائما ًثمن الازمات.

ويضيف: كشركات خاصة لم نعد نستطيع ادارة شركاتنا كما في السابق . وميزات القوة التي نملكها تحوّلت الى نقاط ضعف. و لاستعادة قوتنا نطالب بـ:

1- إعادة جدولة ديون الشركات  في انتظار مرور الأزمة الاقتصادية. وهذا لايحصل بقانون وانما ضمن ملف متكامل مع المصارف.

2- إعادة هيكلة ديونها من خلال تدفق أموال الاستثمارات الخارجية وجذب المستثمرين اللبنانيين المغتربين وحثّهم على الاستثمار ليس فقط في القطاع العقاري والمنتجات المالية، ولكن خصوصاً في رأسمال الشركات المحلية الخاصة التي لديها إمكانات قوية،وحسن الأداء والربحية الجذابة مع القدرة على النمو والتنمية والتصدير حول العالم.

وفي الواقع، مع وجود 150 مليار دولار ودائع مصرفية اشارة  واضحة على رغبة المودعين اللبنانيين في الخارج للاستثمار في شركات ناشئة تمتلك الحوكمة وتتمتع بالشفافية.

فعلى الشركات التحضّر لإدخال شركات جديدة وفق المعايير الدولية .

الاستثمارات عبر التاريخ

بين السنوات 1975 و1990اي خلال الحرب،تمّت الاستثمارات في جو من المخاطر السيادية الموجودة اليوم . الا ان الفارق انه في تلك المرحلة كان مردود الاستثمار بين 25و30%. وكانت السيولة متوفرة بفعل الاستثمارات الموظّفة في المنطقة.  وكل الشركات نشأت خلال الحرب بفعل مردود الاستثمار الذي كان سائداً.

اذاً المخاطر السيادية اليوم هي ذاتها ، ولكن هناك 5حروب دامية في المنطقة. والنمو بين صفر و1.5%. مردود الاستثمار يذهب الى بلدان اكثر استقراراً مثل افريقيا الجنوبية وآسيا. وانا لا ارى امكانية استعادة هذه الاستثمارات مع نمو مستدام هو صفر بالمئة لانه غير جاذب للاستثمارات.

جولات خارجية و شركات جديدة

وعن النتائج الاولية للجولات التي قام بها تجمع رجال الاعمال الى القارات يؤكد د. زمكحل انها كانت زيارات للقطاع الخاص بامتياز مع كل المحبة والتقدير للقطاع العام . وكان الهدف خلق التآزر بين رجال الاعمال في لبنان والخارج. وكان لبناء شراكات جديدة في امكنة مختلفة . فاللبناني ناجح ولكنه يميل الى العمل بصفة فردية وليس جماعية . علينا التعّلم من الغير كيفية العمل المشترك لتحقيق النجاح المنشود.

وخلال هذه الجولات ثمة شركات لبنانية اشترى بعض اصحابها  وبكل جرأة شركات في الخارج عاملة  في قطاعات التأمين والصناعة والتجارة.

و لايقلل د. زمكحل من اهمية العلاقات الاخوية التي تربط رجال الاعمال اللبنانيين مع الدول العربية التي يجب البناء عليها ، الا ان ذلك لا يمنع من الدخول الى اسواق اوروبا ، اسيا، اميركا اللاتينية مهما كانت بعيدة. وكشف عن انفتاح قريب على قارة آسيا الجنوبية  لاهمية ذلك في تحفيز النمو؛ فاللبناني يتأقلم بسرعة الى جانب جرأته في اتخاذ المبادرات.

ويقول :في المقابل ، لمسنا اهتمام المغتربين في الدخول الى السوق اللبناني برأسمال شركات قائمة  . ونحن نعمل على تحفيز هذه الرغبة ضمن اطار تكاملي كتجمع لرجال الاعمال وبعيداً عن اي منافسة.

اما بالنسبة لاولويات  طاولة الحوارالاقتصادي التي دعا  اليها التجمع في السابقيرى انه بعد فشل الحوار السياسي وغياب المؤسسات والسلطات الدستورية والتشريعية والتنفيذية لا يمكن الاعتماد على اي حوار اقتصادي.

في الواقع، نعم الجميع يستبعد نجاح اي حوار بنّاء في لبنان. وما يحصل في مجال السياسة ليس سوى حلبات شجار واتهامات  متبادلة تضع حداً لاي امل بامكانية عقد حوار من نوع آخر اقتصادي او حتى اجتماعي مهما بلغت الامور من الخطورة.