استضافت ندوة "​حوار بيروت​" عبر أثير إذاعة لبنان الحر، من مقر نادي الصحافة - فرن الشباك، مع المعدة والمقدمة ريما خداج، بعنوان "أين أصبحت طاولة الحوار الإقتصادية؟ وهل الحوار الإقتصادي مجدٍ؟" رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الإمتياز شارل عربيد، والخبير الإقتصادي د. كامل وزنة. وشارك في الحوار رئيسة تحرير موقع "الإقتصاد" كوثر حنبوري.

بداية قال عربيد انه "في أي بلد، الشعب والرأي العام هو من يسقط الحكومات ويغير السلطة، وليس فقط الهيئات الإقتصادية وأرباب العمل .. ونحن في لبنان وللأسف، على الرغم من كل التراجع الإقتصادي والمنحى الإنحداري للمؤشرات الإقتصادية، لا يوجد أي ردة فعل مؤثرة من الرأي العام".

وأضاف "كل القطاعات اليوم تعاني بسبب لا مبالاة الدولة وأهل السياسة والمسؤولين .. فإهتمامات السلطة في مكان آخر، وحساباتهم تختلف عن حساباتنا وإهتماماتنا وهواجسنا".

وقال عربيد "كل المؤسسات بدأت تستغني عن عدد من اليد العاملة وذلك ليس رغبة منها بتقليص الموظفين، ولكن الواقع يفرض عليها ذلك والأفق مقفل .. ومن هنا يأتي مطلبنا لضرورة فتح حوار إقتصادي جدي، خاصة أن ما ينقصنا في لبنان اليوم هو السياسات الإقتصادية".

وتابع "نحن على تواصل دائم مع كل إتحادات العمال ونقابات المهن الحرة .. ولكننا سنقولها صراحة، نحن اليوم مغلوبٌ على أمرنا، لأن أولويات أهل السياسة وإهتماماتهم تصب في مكان أخر .. ونحن لسنا سلطة تنفيذية ولا يمكننا إتخاذ القرارات وتنفيذها".

ولفت إلى أنه عندما يتراجع التصدير 11% والإستهلاك 20% منذ بداية العام وحتى الأن، فهذا يعني أنه حان الوقت لإعادة وضع سياسات إقتصادية".

وفي سؤال للزميلة خداج عما إذا كان الوضع الراهن سيدفعهم إلى الإستسلام .. قال عربيد أن "أصحاب العمل والقوى العاملة والقطاع الخاص لن يستسلموا أبدا ولن يفقدوا الأمل، ونحن على أبواب تحرك جديد يهدف إلى إعادة إدخال الهم الإقتصادي إلى العقل السياسي .. ولكننا نتريث في الوقت الراهن ليمضي موسم الصيف بأفضل طريقة ممكنة".

وأكمل عربيد "علينا أن نقرر كلبنانيين أي سياسات إقتصادية نريد .. فمشكلتنا برأيي تنحصر في نقطتين، الأولى هي اننا حولنا إقتصادنا إلى إقتصاد ريعي وذلك على حساب القطاعات الإنتاجية التي أهملناها كالزراعة والصناعة .. أما النقطة الثانية فهي ربط إقتصادنا بمنطقة جغرافية واحدة وبإتجاه واحد، لذلك أعتقد انه حان الوقت لنفكر في أسواق جديدة .. فكلنا شاهدنا أنه عندما إهتزت علاقتنا السياسية بدول الخليج إهتز معها إقتصادنا ككل .. من هنا علينا بناء إقتصاد جديدة يتصف بالمرونة، وقادر على إستيعاب الخضات بشكل أكبر".

من جانبه قال الخبير الإقتصادي د. كامل وزنة "نعيش اليوم إنتخابات رئاسية أميركية .. ولاحظنا جميعا أن العامل الإقتصادي هو الأساس في هذه الإنتخابات خاصة أن هناك فوارق طبقية كبيرة في المجتمع الأميركي .. ولبنان اليوم يعاني من فوارق طبقية مشابهة، حيث نعتبر من أكثر 5 دول في العالم فيها فوارق طبقية كبيرة .. فنجد المواطن في مكان وأهل السياسة في مكان آخر".

ولفت وزنة إلى أننا "نحتاج لإعادة تأهيل البنى التحتية التي لم تشهد أي إستثمارات منذ اكثر من 10 سنوات .. وبما ان الدولة عاجزة عن هذا الأمر فقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص هو الحل".

وتابع "نحن لم نقم بتطوير بنيتنا التحتية .. فلا يمكن تطوير أي قطاع إقتصادي، لذلك نوجه صرخة نحن الاكادميين والجامعيين ورجال الأعمال والقوى العاملة من أجل فرض طاولة الحوار الإقتصادي على الجميع".

وأشار وزنة إلى أننا "في مرحلة صعبة للغاية .. ولدينا 1.5 مليون نازح سوري، مقابل بنى تحتية مهترئة، لذلك علينا العمل لتغيير الواقع، وهذا يبدأ من طاولة حوار إقتصادية تساهم في رسم الطريق الصحيح أما الحكومة والسياسيين".

بدورها قالت رئيسة تحرير موقع "الإقتصاد" كوثر حنبوري "لا أرى أي أمل في حوار إقتصادي في المرحلة الحالية، لأننا في ظل مناخ غير مؤاتٍ .. فهناك فراغ في سدة الرئاسة وغياب للموازنات وتعطيل للمؤسسات وإنتشار للفساد في كافة الإدارات... ونرى إستهتارا بعقول الناس، ففي حملة سلامة الغذاء مثلا نرى إقفالا لمحال بعد أدلة دامغة، ثم يقوم نفس المحل بفتح أبوابه في اليوم الثاني دون معرفة أي تفاصيل حول تصحيح أوضاعه".

وأضافت "برأيي الهيئات الإقتصادية يقومون بعملهم وأكثر .. ويلعبون أدوار أكبر من الدور المطلوب منهم".

وسألت حنبوري "لأي درجة ستقدر الشركات اللبنانية الخاصة على التحمل في ظل ديون بلغت 55 مليار دولار .. وفي ظل تراجع كبير للإستثمارات ومناخ غير ملائم؟؟ وماذا عن منافسة اليد العاملة السورية وأرباب العمل السوريين لليد العاملة اللبنانية وأرباب العمل اللبنانيين؟ وكيف سنواجهها؟ وهل الجولات الإقتصادية التي تقوم بها الهيئات في دول العالم تأتي بنتائج؟".

وفي الجزء الثاني من الندوة سألت حنبوري الضيفين (عربيد ووزنة) "بما اننا متفقين على أن إقرار الموازنة يجب أن يكون من أولويات طاولة الحوار، فإن وزير المالية علي حسن خليل أكد في هذا الإطار بأن موازنة 2017 جاهزة وستتقدم في المهلة الدستورية، ليصار إلى إقرارها - مع العلم انه لم يتم نشرها أمام الرأي العام - ويؤكد خليل بأنها شبيهة بموازنة 2016 مع فوارق بسيطة، منها زيادة الإنفاق الإستثماري، وسلسلة الرتب والرواتب، وزيادة في الضرائب".

وأكملت "السؤال الأول موجها لعربيد: ماذا سيكون موقفكم في حال إقرار السلسلة . خصوصا أن وزير العمل إقترح اليوم زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 1200000 ليرة ؟ والسؤال الثاني لوزنة: ما هي تداعيات زيادة الضرائب في هذه المرحلة من الركود؟".

فأجاب عربيد أنه "كانت لنا ملاحظات على سلسلة الرتب والرواتب حول كيفية تأمين التمويل اللازم لها، ونحن لسنا مع زيادة الضرائب .. أما بالنسبة لإقتراح وزير العمل فأنا لم أسمع به .. وإذا كان صحيحا فلنا إعتراض عليه".

بدوره تحدث وزنة عن التداعيات السلبية لرفع الضرائب في هذه المرحلة من الركود الإقتصادي.