اجتماعي من الطراز الأول، اقتصادي لامع، ورائد من رواد المجتمع المدني. تسلّم إدارة عدد من الشركات، وساهم في تأسيس جمعيات عدة، منها "قدرات" و"مبادرات وقرارات". كرّس حياته لعمله، ووهب وقته وجهده لكل منصب استلمه.

متحدث لبق ومثقف، يتميز بالعزم والحكمة والتواضع، اذ لا يتوانى أبدا عن اعطاء النصيحة لطالبها، ويسعى دوما الى نشر المعرفة. كما أنه مطلع على كل ما يدور في العالم من تطورات. ومن ميزاته أيضا، بالاضافة الى الجدية، أنه يتمتع بحسٍّ عالٍ من الفكاهة والنقد البنّاء، فيغني من يجالسه بأحاديثه وأخباره الشيقة، والتي لا يملّ منها.

هو "الدال"، وفي الماضي كان هذا الاسم يُطلق على الشخص الذي يدل الناس على الماء في الصحراء. واليوم دال الحتّي يعيد التاريخ، وذلك من خلال ارشاد وتوجيه من تاه عن الطريق المؤدي الى ايجاد فرصة عمل في لبنان، اذ أسهم في تأمين حوالي 4800 وظيفة لشبان وشابات لبنانيين.

حاز دال الحتي على إجازة في الرياضيات والفيزياء، وعلى ماجستير في إدارة الأعمال. تسلّم في عمر 21 عاما، منصب مدير عام لـ"معهد بيبلوس للعلوم والمهن" لمدة 16 سنة. ثم شغل منصب مدير "المركز الوطني للطباعة والتجارة" لمدة 8 سنوات، ويشغل حالياً منصب نائب رئيس مجلس ادارة "سعد غروب"، ويضمّ 8 شركات ومنها "FCR INSURANCE GROUP"، والصندوق التعاضدي المدني "CAISSE MUTUELLE CIVILE"، و"FAST CHINA ROAD" في الصين، وشركة "باميلا للأستيراد" وغيرها...

هو ناشط في العمل العام والمجتمع المدني منذ 40 سنة، وكان عضواً في جمعية أندية "الليونز" الدولية، وشغل منصب أمين سر لجنة "الليونز" العليا، ومنصب أمين سر مؤسس في نادي "يونيفرسال الليونزي".

شغل منصب مدير عام "الجمعية اللبنانية لصناعة البرمجيات" (ALSI)، منذ العام 2009 ولغاية العام 2012، وهو حالياً مستشار وخبير في الجمعية. هو أمين سر مؤسسة الصحافي ميشال أبوجودة، وأمين متحف ميشال أبوجودة في الزلقا. كما أنه أمين عام رابطة عائلة آل الحتي في لبنان وبلاد الأنتشار، وعضو مؤسس في التجمع اللبناني من أجل سجون أكثر إنسانية، ورئيس لجنة العلاقات العامة وعضو مجلس الأمناء في المجلس الإغترابي اللبناني للأعمال.

يحاضر في عدد من الجامعات، وهو عضو لجنة الصناعة في جامعة "AUST"، وخبير في السياسات التوظيفية، وعضو لجنة تحديث قوانين العمل في مجلس النواب اللبناني.

حاز على العديد من الأوسمة، ومنها وسام الجيش اللبناني، ووسام قوى الأمن الداخلي وعدد من الأوسمة الليونزية والدروع ، وشهادات التقدير.

تعاون منذ العام 2005 مع مجموعة من رجال العلم والأعمال على تأسيس جمعية "قدرات للحدّ من البطالة"، وشغل منصب رئيس الجمعية منذ انطلاقتها وحتى العام 2015. كما أنه مؤسس ورئيس "جمعية  قرارات للتنمية والمناصرة والقيادة" (قيد التأسيس).

كان لـ"الاقتصاد" لقاء خاص وشيق مع الحتّي، تكلم خلاله عن النجاح، والمثابرة، كما تطرق الى وضع سوق العمل اللبناني اليوم.

- كيف تصف مسيرتك المهنية المستمرة منذ 40 عاما؟ هل مرت بسلاسة أم كانت صعبة ومليئة بالعوائق؟

لا توجد مسيرة سهلة في الحياة، والنجاح لا يأتي ببساطة، بل هو ثمرة المثابرة، الجدية، المتابعة، التعب، الحزن، الخسارة والربح، والعلاقات العامة... كما أن الانسان لا يُقيَّم بمنصبه أو مركزه في المجتمع، بل بعلاقاته مع الآخرين.

أما بالنسبة الى مسيرتي المهنية، فلقد شغلت لمدة 16 عاما، منصب مدير "معهد بيبلوس"، وبدأت بعمر 21 سنة، وكنت أصغر مدير لمدرسة مهنية في لبنان، وخلال تلك الفترة، أسهمت في تخريج 32 ألف طالبا. لكن مجال التعليم صعب للغاية، اذ كنت أترك المنزل عند السابعة صباحا، وأعود عند التاسعة مساءا؛ وهذا الأمر يؤكد مقولة أن "التعب يؤدي الى نتيجة".

من ناحية أخرى، نحن أولاد جيل الحرب، وبنينا أنفسنا خلال القصف والدمار، وعملنا تحت الضغط، وخلال الحالات الأمنية والظروف الصعبة. لكن بعد أن انتهت الحرب، تركت المدرسة لأنها أصيبت بشكل عنيف، وأكملت السنة الدراسية في مدرسة أخرى افتتحتها لمدة 6 أشهر فقط، ومن ثم انتقلت الى مجال آخر للتركيز أكثر على عائلتي، لأن العائلة بالنسبة الي، أهم من النجاحات المهنية.

ولا بد من الاشارة الى أن النجاح كلمة جميلة وصعبة، فهذا النجاح يظهر بالنتائج المحققة، وليس بالشخص ذاته.

كما أن تقييم النجاح ليس بالأموال، بل بسعادة الانسان وفرحه في الحياة. ونجاحي يتمثل في 32 ألف طالب وصديق، وفي جمعية "قدرات" التي أسستها بهدف الحد من البطالة، والتي أسهمت في توظيف 4500 شاب وشابة في لبنان بدون أي أجر. وفي الوقت الحاضر، أسست جمعية "مبادرات وقرارات"، التي تهتم بثلاثة أهداف، أولا التنمية بكل أنواعها، وثانيا مناصرة أي قضية وطنية مثل قضايا المرأة والبطالة والسجون والأطفال والفئات المهمشة. وثالثا القيادة، من خلال تنظيم دورات تدريبية في كافة المجالات.

كما أنظم دورات في عالم التوجيه المهني وكتابة السيرة الذاتية، وأحاضر في هذا الموضوع في 6 جامعات.

- من هو أكبر داعم في مسيرتك المهنية؟

تلقيت الدعم الأكبر من زوجتي وأولادي، اذ يجب أن يرتاح الانسان في منزله أولا، لكي يكون منتجا، ويتمكن من النجاح في حياته العملية.

أما في حياتي المهنية وفي المجتمع المدني، فلقد صادفت أشخاصا كان لهم دور كبير في تقدمي، مثل أصحاب "معهد بيبلوس" الذين وثقوا بي وأعطوني الدعم الكامل، ولعبوا دورا أساسيا في انطلاقتي في الحياة العملية بعمر 21 سنة؛ فالثقة تساهم حتما في نجاح الانسان!

- ما هي أبرز الصعوبات والعوائق التي واجهتك في مختلف المجالات التي عملت بها؟

في مجال التعليم واجهت مشكلة ثقة الأهل، بسبب صغر سني حينها، لكنني عملت على استحقاق هذه الثقة بالجدية في العمل، والمتابعة، والصدق، والنتائج المحققة.

والصعوبة الثانية تكمن بالشق المالي، لكنني لن أترك لبنان أبدا لأنني أعبد هذه الأرض، وهذا الوطن لنا ولأهلنا.

أما الصعوبة الثالثة، والتي تعد الأكبر، فهي محاربة اليأس الذي يلحق بنا في ظل الوضع القائم في لبنان اليوم.

لكن في النهاية أقول أنني أتحمل مسؤولية شخصية، أقله مع نفسي، اذ أن محاربة النفس هي أصعب من أي أمر آخر، اذ أحارب رغبة الانسان في اللامبالاة. كما أنني أعمل يوميا من الخامسة صباحا وحتى 11 مساءا، والغاية ليست مادية، بل إن الهدف هو تقديم خبراتي للمجتمع، لكي يستفيد منها أكبر عدد ممكن من الناس.

- ما هي برأيك مقومات الرجل الناجح؟

لا يوجد معيار للنجاح، بل إن هذا الأخير يتحقق عندما يكون الانسان متصالحا مع ربه، ومع نفسه، ومع فريق العمل وجميع الأشخاص الذين يعمل معهم ويلتقي بهم. فالنجاح هو صفة يعطيها الناس للشخص، ولكن اذا لم يتمتع الشخص بالسعادة الداخلية، فهذا يعني أنه لم ينجح.

- ضريبة النجاح قد تكون التقصير تجاه العائلة أو الحياة الشخصية، هل عانيت يوما من هذه المشكلة؟

وجدت أن الحل لعدم التقصير هو إشراك عائلتي معي، فزوجتي ناشطة في المجتمع المدني وتشارك في جميع المناسبات. وبالتالي اذا لم يكرس الانسان الوقت الكافي لعائلته ولحياته الشخصية، لن يتمكن من الاستمرار. لهذا السبب، يجب أن يكون الزوج أو الزوجة، شريك فعليا وليس بالاسم فقط؛ أي شراكة مكتملة بالاجتماعات، والنشاطات، والعلاقات، والاهتمامات.

وبعد 40 سنة من العمل أعتقد أن المحصلة ناجحة، والنجاح الأول يتمثل بعائلتي. أما النجاح الثاني، فيتحقق عندما أشعر أنني بمثابة مرجع للناس، اذ يعلمون أنني أقدم الخبر الصحيح واليقين، والنصيحة الجيدة.

- كيف تقيم سوق العمل اللبناني اليوم؟

في لبنان لدينا 45 جامعة خاصة بالاضافة الى الجامعة اللبنانية، ويتخرج سنويا حوالي 32 ألف طالب جامعي، و5000 طالب من التعليم المهني، كما لدينا 10 آلاف طالب يعودون من خارج لبنان، في حين أن سوق العمل ينتج بين 12 و15 ألف وظيفة فقط، وبالتالي يبقى الفراغ حوالي 30 ألف. وهذا الرقم خطير، لكنه غير صحيح الى حد ما، فاللبناني لا يريد أن يعمل بيديه، بل يطمح أن يصبح مديرا فقط.

وبالتالي فإن سوء الاختيار هو المشكلة، وعندما يختار الانسان اختصاصا جيدا، سيجد وظيفة جيدة. والمشكلة تكمن في ثقافة العمل، فبعض الأشخاص يعتقدون أنه لا يوجد سوى 3 مهن في لبنان، هي المحاماة والهندسة والطب، علما أن هناك بعض المحامين والأطباء والمهندسين الذين لا يتقاضون 1000 دولار شهريا.

لذلك يجب أن يختار الشبان والشابات اختصاصهم بشكل جيد، من أجل بناء حياة جميلة، لأن بلدنا لبنان بحاجة ماسّة الينا. مع العلم أنني لا أعارض الهجرة، لكن اللبناني ملزم بالتمسك بوطنه لأن هذه الأرض أرضنا، ومن يسافر الى الخارج لا أعتبره خسارة لأنه سيعود بمردود الى أهله ووطنه. كما أنه لا يمكن وقف الهجرة في لبنان، لأن مساحة البلد وعدد الأعمال الموجودة فيه لا تكفي لجميع الأشخاص.

من ناحية أخرى، تجدر الاشارة الى أن مفهوم ثقافة العمل في بلدان العالم، يختلف عن ما هو في لبنان، وبكل بساطة أستطيع القول أن الجيل الجديد لا يريد أن يعمل ويتعب ويشقى.

- ما هي النصيحة التي تقدمها الى جيل الشباب؟

أولا، نصيحتي أن يحسنوا اختيار اختصاصاتهم قبل الاتجاه الى الجامعة، فسوق العمل اللبناني يحتوي على العديد من الفرص، ولكن الغريب أننا لا نجد أشخاص يعملون في المجالات المتوفرة. فالجامعات تسوق ما لديها وليس ما يحتاج اليه سوق العمل. لذلك أدعو الى اختيار الاختصاص الصحيح، والذي يلائم سوق العمل.

ثانيا، على الخريج الجامعي أن يقوم بالدورات والتدريبات التي تزيد من خبراته، ولا يتّكل فقط على ما يتعلمه في الجامعة.

وثالثا، يجب على كل شاب أن يغتنم أي فرصة متاحة في سوق العمل، حتى ولو كانت بدون أي أجر، وذلك لاكتساب الخبرات، والتعلم كيفية العمل تحت الضغط.

وفي النهاية أقول أن النجاح هو سعادة ذاتية داخلية، وسأختم بهذا القول:

"نحن نؤمن بأن الحياة مسألة حسابية نطبق فيها المعادلة التالية: خذ من الأمس عبرة، خذ من اليوم قدرة، اجمع لها الحب والوفاء، واطرح منها التعب والشقاء، واضرب بها فرح العطاء، وقسمها على الأولياء، واترك الباقي لرب السماء".