من المعلوم ان تخفيض الوزن  قد يحسّن الصحة العامة، لكن ليس مؤكدا أنه يخفّض الإنفاق العام على الصحة. الا انه في غضون ذلك،  يستحيل  تحديد بدقة المبالغ  التي يتم انفاقها من اجل ازالة ومحاربة البدانة عالميا ومحليا.

ما هي قيمة فاتورة الادوية  المرتبطة بالتنحيف وبمحاربة البدانة في لبنان سنوياً؟ وهل هي في تصاعد؟

رئيس نقابة مستوردي الادوية واصحاب المستودعات في لبنان ارمان فارس يقدّر فاتورة الادوية المرتبطة بمحاربة البدانة (Anti-Obesity) لسنة 2015 بـ 6.6 مليون دولار وفقاً لسعر المبيع من العموم .  ويقول "إن كمية الأدوية المستهلكة في هذا المجال تصاعدت بنسبة 20% بالنسبة لسنة 2014، ولكن، بسبب انخفاض الأسعار، تصاعدت فاتورة تلك الأدوية بنسبة 13%".

وفي هذا السياق، ووفق بعض المعلومات المتوافرة  ، يتراوح الرقم التقديري للإنفاق السنوي على منتجات التخسيس من 40 إلى 100 مليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.   ففي عام 1998، وصلت النفقات الطبية المرتبطة بالبدانة إلى 78،5 مليارًا أو 9،1 % من إجمالي النفقات الطبية،  بينما قُدِرَت تكلفة النفقات المرتبطة بالبدانة  في كندا بنحو 2 مليون دولار كندي في عام 1997، أي ما يعادل (2،4 % من إجمالي التكاليف الصحية).

واذ يصعب اليوم تحديث هذه الارقام  علما ً انها الى تصاعد بالتأكيد، يلاحظ ان  برامج الوقاية من السمنة تخفّض من تكاليف علاج الأمراض المرتبطة بها. ومع هذا، فكلما عاش الأفراد لمدة أطول كانت نفقاتهم الطبية أكثر. لهذا انتهى الباحثون إلى أن تخفيض السمنة قد يحسّن الصحة العامة، لكن الجزم  أنه يخفض الإنفاق العام على الصحة ليس صحيحاً.

واستنادا الى بعض المعلومات المستقاة من مصادر مختلفة ،  ارتفع معدل البدانة بين سنتي 1990 و2014 من 5.4 ملايين إلى 10،3 ملايين.

ويقضي ما لا يقلّ عن 2.8 مليون نسمة كل عام بسبب فرط الوزن أو البدانة. وقد تضاعف معدل إنتشار البدانة بين العامين 1980 و2008. فبعدما كانت البدانة من سمات البلدان المرتفعة الدخل، أصبحت الان تنتشر أيضاً في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل.

وفي غضون ذلك ، هناك في جميع أنحاء العالم، أكثر من 42 مليون طفل دون سن الخامسة ممّن يعانون من فرط الوزن في عام 2013.  وتعتبر بدانة  الطفولة من أخطر المشاكل الصحية العمومية في القرن الحادي والعشرين.

ويعيش 65% من سكان العالم في بلدان يقتل فيها فرط الوزن والبدانة من الناس أضعاف ما يتسبّب فيه نقص الوزن من وفيات.

وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية قبل عشر سنوات، البدانة مرضاً، غير أنّ السكان يجدون صعوبة في النظر إلى هذه الآفة على أنّها مرض قاتل .و هناك أكثر من 1.4 مليار نسمة من البالغين يعانون من فرط الوزن في عام 2008، وأكثر من نصف مليار نسمة يعانون من البدانة.

اما على الصعيد الاجتماعي، فيمكن أن تؤدي السمنة إلى الرفض الاجتماعي أو إلى مساوئ تتعلق بالتوظيف. فعند مقارنتهم بأقرانهم من أصحاب الوزن الطبيعي، يُلاحظ أن العمال الذين يعانون من السمنة لديهم معدلات أعلى من التغيّب عن العمل، وأخذ المزيد من الإجازات المرضية مما يزيد من التكاليف بالنسبة لأصحاب العمل ويقلل من الإنتاجية.

تحرك ومواجهة

وفي سياق متابعة هذا الموضوع،  وافق مجلس  تأمينات موظفي ولاية ألاباما الأمريكية على خطةٍ مثيرةٍ للجدل تقضي بدفع العمال الذين يعانون من السمنة 25 دولاراً في الشهر إذا لم يتخذوا إجراءاتٍ تقلل من أوزانهم ويحسنوا حالتهم الصحية. لقد بدأ العمل بهذه الخطة في كانون الاول  2010 وهي تنفذ على هؤلاء الذين لديهم مؤشر كتلة جسم يزيد على 35 كيلوغرام/م2  والذين يفشلون في تحقيق تحسينات في صحتهم خلال عام.

كما يرى بعض الباحثين أن هناك احتمالية أقل لتعيين المصابين بالسمنة في وظيفة وترقيتهم. كما أنهم يتقاضون أجوراً أقل من نظرائهم الطبيعيين للقيام بنفس العمل. فتتقاضى النساء السمينات في المتوسط 6% أقل بينما يتقاضى الرجال المصابون بالسمنة 3% أقل.

هناك مجالات خاصة، مثل الطيران وصناعات الأغذية، لها مشاكلٍ خاصةٍ مرتبطةٍ بالبدانة. فبسبب معدلاتها المتزايدة، تتكبد خطوط الطيران تكاليفٍ أكبرٍ للوقود وتتلقى ضغوطاً لزيادة عرض المقاعد . كما زادت تكاليف المطاعم بسبب الدعاوى القضائية التي تتهمهم بالتسبّب في السمنة، مما دفع  بالكونغرس الأميريكي عام 2005 إلى مناقشة تشريع يمنع إقامة الدعاوى القضائية على الصناعة الغذائية في ما يتعلق بالسمنة، إلا أن هذا التشريع لم يصبح قانوناً.

كما أدركت شركات التأمين خلال هذه الفترة العلاقة بين الوزن ومتوسط العمر المأمول فزادت رسوماً إضافيةً على الأفراد الذين يعانون من السمنة.

وبدأت تختلف النظرة  العامة في المجتمع الغربي المرتبطة بوزن الجسم الصحي عن تلك المرتبطة بالوزن المثالي. وقد تغّيرت كلتيهما منذ بداية القرن العشرين  حيث أصبح الوزن الذي يُنظر إليه على أنه مثالي أقل منذ العشرينات من القرن العشرين.

مع كل هذه المعطيات، باتت البدانة  من المشاكل الصحية المكلفة في العلاج سيما بعد دخول الجراحة اليها من الباب الواسع.